قوات سوريا الديمقراطية؛ قوات وطنية تضم شعوب شمال وشرق سوريا كافة، وكان لها دور أساسي في القضاء على مرتزقة داعش الذي عبث بالأمن والاستقرار في سوريا والعراق، كما عملت عبر إداراتها الذاتية والمدنية، ومظلتها (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا) على توطيد الأمن والاستقرار في مدن شمال وشرق سوريا كافة؛ من دير الزور إلى الرقة والطبقة ومنبج وسري كانيه حتى الحسكة وقامشلو. كما عززت السلم الأهلي بين شعوب المنطقة؛ الأمر الذي لم يرق لدولة الاحتلال التركي التي تعاني من أزمات داخلية اقتصادية وأزمات في علاقاتها الخارجية مع روسيا أحياناً ومع الولايات المتحدة الأمريكية أحياناً أخرى. ولأهمية موقع تركيا الاستراتيجي بالنسبة للناتو؛ فكانت تضغط على الولايات المتحدة مستخدمة الورقة الروسية حتى وصل الأمر بها إلى عقد صفقة الصواريخ الروسية إس 400 ورفع مستوى علاقاتها التجارية مع روسيا، عبر لقاءات آستانا وسوتشي مستفيدة من التناقضات القائمة بين القوتين الكبيرتين في العالم لصالح تحقيق حلمها العثماني في التوسع، وإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية وتحقيق الميثاق الملّي؛ لاحتلال مناطق شمال وشرق سوريا، وباشور كردستان، والهيمنة على الموصل وكركوك والوصول إلى منابع النفط فيها.
وعبر اللعب مع الدولتين الكبيرتين؛ نجح أردوغان بحجة إنشاء ما تسمى بالمنطقة الآمنة والأمن القومي التركي في الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي في العدوان على شمال وشرق سوريا، ومن ثم إعلان وقف إطلاق النار، على أن يتم انسحاب قسد من مدينة سري كانيه بعمق يصل إلى 20 ميلاً. كما يلاحظ أن ما تم التفاهم عليه بين الاحتلال التركي وأمريكا لم يكن بمعزل عن موافقة روسيا نفسها؛ لأن روسيا اتفقت مع أردوغان لشنّ هجوم على شمال وشرق سوريا، باستخدام الطيران الحربي الذي لم يهدأ لدفع قوات سوريا الديمقراطية باتجاه الحكومة السورية وبإشراف منها، كي تكون الاتفاقية حالة ضغط على قوات سوريا الديمقراطية للإذعان لشروطهم.
بمعنى آخر؛ إنّ المؤامرة الدولية على سوريا ومناطق شمال وشرق سوريا لا تزال سارية، ومستمرة. لكن؛ قوات سوريا الديمقراطية لا تزال موجودة ولديها أيضاً أوراقها، ومنها تأييد القوى الشعبية والوطنية والديمقراطية لها وتحقيقها الانتصارات الباهرة التي تشهد لها العالم.
وقوتها ومقاتليها لا يزالون على الأرض وأيضاً لديها التأييد الأوروبي والعالمي والعربي ضد الاحتلال التركي، كما لدى قوات سوريا الديمقراطية أسرى داعش في السجون والمعتقلات ومخيمات عوائل داعش التي تضم عشرات الآلاف منهم، وهي تعلم كيف تستخدم أورقها مع القوى المحلية والإقليمية والدولية وحتى مع النظام السوري.
د. أحمد سينو