سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عفرين.. عمق الاستهداف وضرورات التحرير

آلدار خليل-

تجهد تركيا بكل السبل في الآونة الأخيرة كما عبر تاريخها المستمر على ممارسة التصفية ضد الكرد في كل مكان، وباتت تبتعد أكثر من ذلك في استهداف الشعوب الأخرى الذين يتوحدون مع الكرد على هدف البحث والنضال من أجل الحرية والديمقراطية حيث الحقوق المشروعة، هذا الجهد ازداد بقوة مع ظهور تجربة روج آفا – شمال وشرق سوريا كتجربة حل للقضية الكردية وكل القضايا والمعضلات المتعمقة في المنطقة بالتوازي مع الدور والتأثير البالغ على الأجزاء الأخرى من كردستان.
هذا الثأر ترجمته تركيا بقوة في عفرين كبداية ولاحقاً عموم مناطقنا لا بل عموم الأجزاء الأخرى بحيث أرادت إبادة المشروع المؤثر والمناطق التي تأثرت أو يمكن أن تتأثر. لذا؛ حالة التصعيد في باشور قبل حوالي عام وبالتحديد في زيني ورتى ولاحقاً في كاري وقبلها سري انييه، وكري سبي/ تل أبيض كل هذا ليس إلا محض إبادة وإنهاء المكاسب التي تم إنجازها في روج آفا – شمال وشرق سوريا كبداية نحو التصفية في باقي المناطق. في الوقت الذي تحولت عفرين وكاري لأيقونة المقاومة وفي الوقت الذي تعطلت فيه المساعي نحو تحقيق الأهداف الكاملة لمشروع الإبادة؛ يحاولون اليوم النيل من التأثير البالغ والمهم للقائد أوجلان على الساحة السياسية في المنطقة وكذلك المجتمعية. بحيث يربطون قوة صمود هذا المشروع بتلك الروح والفكر المستمدة من فلسفة ورؤية القائد أوجلان وبعد الفشل في القضاء على نتاج هذا الفكر يريدون العودة لمصدره كما فعلوا في نهاية التسعينيات إبان المؤامرة الدولية وفشلوا. لذا؛ يريدون تكرار ذات الشيء بنمط وشكل آخر وهو النيل من دور القائد عبر نشر الشائعات والأخبار التي يريدون من خلالها استهداف معنويات الكرد وغيرهم من رواد مشروع الديمقراطية والعلمانية الأمثل في المنطقة في الوقت الحالي.
تركيا تتحدث بشكل مستدام على أنها ضد الكرد في كل مكان وهذا ما تفعله، لذا من المهم أن نعرف بأن روج آفا ليست وحدها هدف لتركيا، كذلك علينا أن نعرف جيداً بأن الارتباط بين روج آفا والأجزاء الأخرى ارتباط عضوي يكمن في التأثير والتأثر. لذا؛ هناك حاجة لوحدة الجهود وتكاتفها هذا من جهة. من جهة أخرى ضمان المكاسب المحققة في روج آفا يكون من خلال تحرك الأجزاء الأخرى من كردستان.
من هذا المنطلق يمكننا الحديث عن أن تحرير عفرين هو إعادة جوهرية للمكاسب الكردستانية التي تحققت في روج آفا، أيضاً دون شك حرية القائد أوجلان أساس للحل ونجاح التجربة الديمقراطية كونه يمثل مشروعاً للحل في كردستان والشرق الأوسط وبدون حريته كل المعضلات المتراكمة تتجذر بشكل أكبر والجهود الموجودة لا تستطيع وحدها تحقيق النصر. النصر يكون بشكله الأساسي من خلال حرية القائد أوجلان وتحرير عفرين والمناطق المحتلة الأخرى وبناء الإرادة الكردستانية في الأجزاء الأخرى.
اليوم نتاج فكر وفلسفة القائد أوجلان أسس لمشروع نوعي مبني على أساس التمسك بالحقوق والمقاومة بكل السبل والتقاء الشعوب والمكونات على هدف حماية الهوية والوجود، حيث في عفرين تجسد هذا الدفاع عن الهوية الكردية بمقاومة منقطعة النظير، المقاومة التي دامت لـ58 يوماً في مواجهة دولة بحجم تركيا ومعها المرتزقة والمتطرفين لا يمكن أن تكون صفحات عابرة عندما نتحدث عمن عفرين وما يحدث فيها! علينافهم هذه الإرادة والروح والعزيمة، فهمها يعني فهم الطريق الصحيح نحو التحرير. لذا؛ تستحق هذه المقاومة أن نحييها دائماً ونحيي أهل عفرين الصامدين ونثمن تضحيات عفرين ونمجد شهداؤها. كون هذه المعاني والميراث السامي عناوين واضحة نحو إعادة عفرين وعودة أهلها لها.
بتحرير عفرين يتم إفشال ما هو أبعد وأعمق من عفرين ألا وهو الإبادة بكل أشكالها، بكل أنواعها والأخطر بالتوازي مع الإبادات المذكورة إبادة التجربة الديمقراطية ومشروع الأمة الديمقراطية الذي أسسه القائد أوجلان، حيث هناك رغبة في تصفية القائد فكرياً حتى بحيث تريد تركيا وغيرها إبادة كل شعوب المنطقة وتمنع تطور إرادتهم وكذلك دوام حكمهم تحت العبودية والظلم وذلك باستهداف تجربتنا كون نجاحها يفتح آفاق جديدة في المنطقة تتجلى في كسر معايير تقليدية لأنظمة استعباد الشعوب وطمس معالم هويتها وتاريخها وتشويه حضاراتها منذ مئات السنين.