سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كاري تُقلّم مخالب نسر أردوغان

شفان خليل-

الحلم والآمال التركية اصطدمت بالمقاومة البطولية التي حدثت بجبال كاري، حيث توعد الطاغية أردوغان قبلها بعدة أيام بأن النصر في كاري سيكون حتمياً، ولكن جرت رياحه بما لا تشتهي سفنه، وكانت النتائج عكسية تماماً، فكسرت شوكة الجيش التركي الذي لا يقهر.
في العاشر من شهر شباط المنصرم أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إطلاق حملة عسكرية تركية لاستهداف قوات حزب العمال الكردستاني في منطقة جبال كاري، وكان المتوقع منها أن تأتي بالنصر الحتمي لقواته التي وقعت في فخ ومقاومة الكريلا، فمنيت بخسائر كبيرة، بالإضافة إلى قتلهم للأسرى الأتراك لدى الكريلا، وهنا كانت الطامة الكبرى والضربة الموجعة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. أردوغان كان يمنّي النفس بتحقيق نصر قد ينقذه من حالة الركود السياسي، حيث بات يخسر يوماً بعد آخر أصواته، وهذا يعني أن الانتخابات القادمة ستكون عسيرة عليه وعلى حزبه، وقد تكون نتائجها القشة التي تقصم ظهر البعير، ومن خلال آخر الاستطلاعات التي أجريت تبين أن شعبية أردوغان قد تراجعت كثيراً مما كانت عليه في الانتخابات السابقة، وخسارة حزبه بلدية إسطنبول وهي من أكبر البلديات في تركيا خير دليل على الخسارة الحتمية للانتخابات القادمة، ما يعني انتهاء الحقبة السياسية لأردوغان وحزبه.
الأخبار السارة التي وعد بها أردوغان بأنها ستأتي قريباً من كاري، جاءت نتائجها كالصاعقة عندما تداولتها وسائل الإعلام، فهزت اركان الحكومة التركية، وغضب الشارع التركي من تصريحات أردوغان الكاذبة ووعوده الهوجاء، فأصيب الأتراك بخيبة أمل كبيرة فور تقهقر قواته العسكرية في كاري، بعد أن تحولت الهجمات عليها من نصر كاذب إلى خسارة وتراجع وقتلى في صفوفهم.
العملية التركية لم تتوضح أهدافها في البداية إلا أنها سرعان ما توضحت بعد مرور يومين على العملية، وبعد أن توضحت معالمها حدث الخلاف بين أردوغان ووزير دفاعه وأركان حكومته حول نتائجها، حيث كانوا قد عملوا على التجهيز لها بشكل جيد عسكرياً وإعلامياً وسياسياً، وكان قد شارك فيها أكثر من أربعين طائرة حربية تناوبوا على قصف جبال كاري بدءاً من يوم العاشر من شباط، وسبع حوامات شاركت في عملية الإنزال الجوي للجنود على جبال كاري، أضف إلى ذلك المئات من الجنود والضباط المدربين بأعلى درجات التدريب الذين شاركوا فيها، والمدججين بأفضل أنواع الأسلحة والعتاد الحربي الحديث.
 الهجمات الاحتلالية الأردوغانية كان لها غايات عدة لم تتوضح إلا بعد انتهائها في الرابع عشر من شباط، وبعد انتهائها بالفشل الذريع كان لا بد من توضيح أهداف تلك الهجمات، فتبين فيما بعد أن الأهداف الأساسية منها كان أبرزها محاولة أردوغان الظهور بمظهر القائد المخلص لتركيا، وذلك بمحاولة تخليصه الأسرى الأتراك الذين كانوا بقبضة قوات الكريلا أحياء ولكن تم قتلهم من قبل جيش الاحتلال التركي.أما الغاية الثانية هي إيهام الشعب التركي بأنهم قادرون على الوصول إلى أي مكان وتحقيق النصر فيه متى ما أرادوا وبأي زمان كان وأينما أرادوا. والهدف الثالث رفع عدد الأصوات الانتخابية لأردوغان وحزبه، وإلهاء الشارع التركي عما يحدث في الداخل وبخاصة الأزمة الاقتصادية الخانقة، حيث هبطت الليرة التركية إلى الحضيض.  أما الرابع فهو أن الأتراك وجيشهم المحتل كانوا يريدون كسر معنويات الشعب الكردي وقوات الكريلا لكي يبينوا للشعب التركي أن قوات الكريلا عاجزة عن مقاومة الجيش التركي.
الهجمة الاحتلالية التركية بدأت بالقصف العنيف وبمشاركة أسراب من الطائرات الحربية، لكنها في النهاية أضاعت أحلام أردوغان تحت أقدام أبطال الكريلا، فجيش الاحتلال التركي الذي توقع أن يكون الطريق إلى كاري سالكاً واحتمالات النصر كبيرة، اصطدام ومنذ انطلاقة الحملة بمصاعب وعوائق وبطولات لم يكن يتخيلونها، لأن قوات الكريلا كانت على أهبة الاستعدادات للتصدي لجحافل الجيش الطوراني منذ اللحظات الاولى لمحاولة إنزال الجنود على قمم وسفوح جبال كاري.
عملية ما تسمى بمخلب النسر (2) كلفت أردوغان وجيشه ثمناً باهظاً، فبالإضافة إلى فشلهم في تخليص الأسرى ومن ثم قتلهم داخل الكهف الذي كانوا مسجونين فيه، خسروا قرابة أربعين جندياً وضابطاً، ناهيك عن عشرات الجرحى والمصابين.
 الجنود الأتراك الذين توجهوا إلى كاري بأقدامهم عادوا من كاري محملين بأكفانهم، بطولة الكريلا في كاري وتصديهم للطورانيين الأتراك أثبت للعالم أجمع أن الشعب الكردستاني بات يمتلك جيشاً من الفدائيين الذين يضحون بأرواحهم في سبيل الأرض والشعب الكردستاني، وهم قادرون على تحقيق النصر، ولهذا كان النصر المؤزر في كاري الذي كان ملحمة من ملاحم العصر الحديث واستطاعوا من خلالها تحطيم أوهام وأسطورة أردوغان ومرتزقته بأن الجيش التركي لا يقهر.