كاتدرائية سانتا ماريا ديل فيوري… قلب فلورنسا

من أروع وأجمل المعالم السياحية وأبرز اللوحات الجمالية في مدينة فلورنسا، ومن أكثر الأماكن السياحية التي تعج بالزوار على مدار أيام السنة، بل إنها من أجمل الأعمال الإنشائية الفنية في العالم؛ إنها كاتدرائية سانتا ماريا ديل فيوري.

تعرف الكاتدرائية كذلك بمجمع الدومو ويبلغ طولها أكثر من 152 متراً وعرضها 90 متراً في جناح الكنيسة، وبواجهة رائعة أضيفت في القرن التاسع عشر لتحل محل واجهة غير منتهية هدمت قبل ثلاثة قرون، وتطل على بيازا ديل دومو مع عرض مبهر من الرخام المطعم باللون الأحمر والأبيض والأخضر، بالإضافة إلى القبة التي أنجزها المعماري فيليبو برونليسكي عام 1420 لتكون أجمل القباب في إيطاليا والعالم.

 كاتدرائية خارجية وداخلية

 على الرغم من أن الواجهة بنيت في القرن التاسع عشر، إلا أن تصميمها ينطبق على الطراز القوطي للقرون الوسطى في الكنيسة والذي يتناغم مع برج Giotto مستخدمًا رخام Tuscan مطعّمًا بتصاميم معقدة ومنافذ للتماثيل. تم اختيار الألوان البديلة لتجسيد المبدأين الأساسيين للفن الفلورنسي: “الاستقامة والجمال”. فوق الباب المركزي توجد نافذة وردة كبيرة، مع نافذة أصغر على كلا الجانبين، والأبواب البرونزية لها نقوش من ماري، التي تكرس الكاتدرائية.

بعد أن تتجاوز الواجهة، قد تفاجئك الرصانة في الداخل فيبرز الكمال في الذوق المتمازج بين رصانة القديم وأناقة الحديث في الفن، ويبرز ذلك في القناطر والأعمدة الحجرية المرتفعة. بغض النظر عن المكان الذي تقف فيه، كذلك القبة المذهلة في سماء المنطقة. والاختيار الرائع لتوزع النوافذ الـ 44 الملونة بزجاج يعود إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر. والأجمل من ذلك النوافذ الوردية الثلاثة من تصميم لورينزو غيبيرتي، واللوحات البرونزية على أبواب المعمودية.

يحتوي كلا الجناحين على منحوتات مختلفة ولوحات فنية ولوحات جدارية. وفي الممر الشمالي شخصية الفروسية لجون هوكوود، التي كانت تقود جيش المرتزقة في فلورنسا، رسمها باولو أوكيلو عام 1436وصورة أخرى للشاعر العظيم دانتي في الممر الشمالي.

تنقسم كل من القناطر الثلاثة – وهي المناطق المستديرة التي تشكل الأذرع القصيرة لخطة الطابق الأرضي الرومانية – إلى العديد من الكنائس. وعلى الأرض عقرب توسكانلي 1468، المستخدم في الحسابات الفلكية. وعند الانقلاب الصيفي، في 21 يونيو، تتألق أشعة الشمس عبر ثقب مخروطي الشكل في فانوس القبة على هذه اللوحة المعدنية. وتحتوي الكنيسة الأولى (بجانب Sacristy القديمة) على لوحة جدارية مثيرة للاهتمام، لمادونا ديل بوبولو المرسومة بواسطة جيوتو.

تحت القبة جوقة مع المذبح التي تم تزيين الدرابزين الرخامي ذي الثماني الأضلاع فيها بـ 88 نقشًا، وصنع الصليب على المذبح العالي في الفترة بين 1495-1497 من قبل بينيديتو دا مايانو. وتبدو ضخامة القبة والأعمدة الحجرية التي تدعمها، أما داخل القبة فتظهر لوحة جدارية رائعة لـ Last Judgement كتبها Giorgio Vasari، بدأ العمل بها في 1572 وأكملها Federico Zuccari عام 1579. وفي أسفل الأعمدة توجد ثمانية تماثيل للرسل.

القبة وإطلالتها على جمال المدينة

 تتزين القبة بكتابات متواصلة ويأخذك الدرج المؤدي إلى القبة بعيداً في تأمل أجمل القباب في العالم، وفي إطلالة فريدة على مواقع رائعة الجمال في فلورنسا، وبالصعود أكثر عبر 463 مصطبة، بنيت كدرج دون إطار خارجي داعم يبلغ ارتفاعه 114 متراً، وهو مصنوع من الخشب والطوب من قبل المعماري الفنان “برونليسكي” وعلى شكل حلقات تضيق كلما صعدت للأعلى وتستند على الحلقة التي سبقتها، وفي الأعلى برج الفانوس الذي يبلغ ارتفاعه 21 متراً، وتطل على المدينة وتلال توسكان على أطرافها.

من شرفة الكاتدرائية، تؤدي السلالم إلى ما تبقى من كنيسة سانتا ريبارتا السابقة. تم بناء الكنيسة في القرنين الرابع والخامس، ثم توسعت وأكملت في القرن الثامن والقرن الحادي عشر، وكانت الكنيسة الأصلية قد غمرت في البداية بناء الكاتدرائية، ثم هدمت في نهاية المطاف عام 1375. لكن القبو الموجود تحت سانتا ريبارتا كان لا يزال سليماً، وبدأ الكشف عنها عام 1965. والعثور على قبر برونليسكي كان بالصدفة عام 1972 إلى جانب متحف صغير يتعلق بالكنيسة الأصلية.

برج الجرس.. جيوتو كامبانيل

  يأتي برج الجرس في المرتبة الثانية بعد قبة برونليسكي العظيمة من حيث الجمالية النادرة والإطلالة الجميلة على ما حوله، ويعد من المعالم المتميزة في فلورنسا الذي يبلغ ارتفاعه 81 متراً، بدئ العمل فيه عام 1334 من قبل Giotto di Bondone، واستمر العمل فيه بعد موت جيوتو عام 1337 من قبل Andrea Pisano، الذي اتبع خطط سلفه. وخلفه فرانشيسكو تالينتي الذي عدل في التصميم الأصلي قليلاً وانتهى من البرج عام 1387.

اللوحات والتصاميم المعقدة والألوان المتناوبة في الرخام والزجاج والدقة في توازن الزخارف والانسجام تجعل من “الدومو” واحدة من أجمل المجموعات المعمارية في العالم. واللوحات الزخرفية لأندريا بيسانو ولوكا ديلا روبيا، تظهر رموز العمل الإنساني والفن في الصف السفلي، والكواكب والفضائل والفنون الليبرالية والأسرار في الطبقة العليا، وهناك تحصل على أفضل إطلالة على القبة ورؤية رائعة للمدينة، بعد الصعود 414 درجة!!