مأساة حلبجة ذكرى أليمة في الوجدان الإنساني

آلان محمد-

مجزرة حلبجة تجسد أبشع الصور للإجرام بحق المدنيين العزل، وهي واحدةٌ من المجازر القليلة التي تركت أثراً أليماً في تاريخ الإنسانية.

حدث الهجوم في الأيام الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية، وكانت مدينة حلبجة خاضعةً للاحتلال الإيراني آنذاك، ونتيجة المعارك الدائرة بين طرفي الصراع استعاد الجيش العراقي المدينة مرةً أخرى، وعلى إثر انسحاب الإيرانيين قام الجيش العراقي بأوامر من رأس النظام العراقي بقصف البلدة بالغاز الكيماوي مما أدى إلى استشهاد أكثر من 5500 من أبناء المنطقة المنكوبة من الكرد، جلهم من النساء والأطفال والرجال الأبرياء والطاعنين في السن، وأصيب أكثر من 7000- 10000 من المدنيين بإصابات مختلفة ليرتقي بعدها خلال السنوات التي تلت الهجوم الآلاف إلى مرتبة الشهادة بسبب المضاعفات الفظيعة التي خلفها الهجوم الكيمياوي، لتترك الضمائر الحيّة معذبةً أمام وصمة العار التاريخية وتهز صورها عرش العالم الشريك بهذهِ الإبادة الجماعية.

بين المجرم والسفاح أهالي حلبجة هم الضحية

حلبجة البلدة الآمنة والجميلة التي تتميز ببساطة شعبها وطيبتهم الريفية، من دون سابق إنذار دخلت في أتون الحرب الشرسة بين الدولتين القمعيتين اللتين مارستا أبشع حالات استهداف الإنسانية من أجل تحقيق المصالح العسكرية، بعيداً عن الوقوف على حال شعبٍ ليس له ناقةٌ ولا جمل في هذا الصراع، فرض عليهم الموت برائحة الورد ليستنشقوا النفس الأخير من هواء الحياة.

وما بين نظام الملالي المجرم ونظام البعث السفاح كان الشعب الأعزل المسالم هو الضحية ليزف أطفاله ونسائه في موكب الشهداء في مشاهد يندى لها جبين الإنسانية، وكالعادة كان للأمم المتحدة إدانة خجولة لا تختلف في مضامينها عما يجري اليوم في سري كانيه وعفرين من مجازر مشابهة يرتكبها جيش الاحتلال التركي دون حسيبٍ أو رقيب، فإلى متى سيبقى دم الأبرياء متاحاً للمجرمين المارقين الهاربين من القانون والقيم الإنسانية، وحدها الشعوب المسالمة ستحاسب هؤلاء القَتَلَة عبر أرواح الشهداء وسيلعنهم التاريخ الذي وثّقَ إرهابهم وجهلهم، وبالتأكيد سيبقى العزاء الوحيد لأهالي الضحايا في كافة المناطق التي تعرضت للإبادة هو محاكمة المسؤولين عن تلك الإبادات الجماعية وعلى رأسهم السفاح أردوغان أسوةً بالذين سبقوه ونالوا جزاءهم العادل.