الفصل بين السلطات دخل حيز التنفيذ في شمال وشرق سوريا

قامشلو/ رشا علي –

تيمناً بمبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، طرحت خطط للعمل بموجبه خلال العام الجاري، ولعل أهمها، فرض استقلالية القضاء، والتي كانت أحد أهم مقررات مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات الذي أقامه مجلس سوريا الديمقراطية وانبثق عنه لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ تلك المقررات.

فصل العلاقة بين ديوان العدالة لشمال وشرق سوريا وبين المجلس التنفيذي دخل اليوم حيز التنفيذ بعد مناقشات عدة أجريت بين السلطات الثلاث، ليصبح القضاء شبه مستقل على مستوى شمال وشرق سوريا، وتم إضفاء بعض التغييرات البسيطة على هيكيلتها، إذن كيف جرى التغيير؟

هيكلية ديوان العدالة

يهدف نظام العدالة الاجتماعية، الذي تشكل في 25 نيسان 2019 ضمن جسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لإشراك المجتمع في حل المشاكل والشكاوى والدعاوى, وتألف وقتها من 13عضواً من الأكاديميين في المجال الحقوقي لهم باع طويل بالعمل في هذا المجال، وترشحوا عن طريق اللجنة التحضيرية.

إلا أن هذه الهيكلية وآلية الارتباط بين ديوان العدالة والمجلس التنفيذي تغيرت اليوم، وذلك تنفيذاً لمقررات مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات المقام نهاية العام المنصرم، وللاطلاع على أهم التغيرات في البنية الهيكلية وآلية الفصل بين السلطات التقينا بعضو مجلس العدالة في شمال وشرق سوريا “عطية النعمة“، الذي تطرق إلى آلية تعيين أعضاء مجلس العدالة في شمال وشرق سوريا المكون من ١٣ عضواً من الإدارات الذاتية والمدنية بقوله “يتم التعيين وفقاً للنظام الداخلي للمجلس الذي يحدد عدد الأعضاء من كل إدارة، فإقليم عفرين له عضو واحد والجزيرة أربعة أعضاء ودير الزور عضوان وكوباني عضوان، الطبقة والرقة ثلاثة أعضاء، ويتوزع العمل على هذا الأساس”.

ويلي مجلس العدالة لشمال وشرق سوريا، من حيث الصلاحيات والتسلسل، مجالس الإدارات الذاتية والمدنية، وكل مجلس مسؤول عن إقليمه ويعمل ضمنه. وتابع النعمة متحدثاً “عدد أعضاء مجلس العدالة يختلف من كل إقليم لآخر ويحدد بحسب النظام الداخلي والحاجة لكل مجلس، وعلى سبيل المثال؛ فإن عدد أعضاء مجلس العدالة في إقليم الجزيرة ١٧ عضواً، أما في الرقة ١١ عضواً”.

دعاوى جزائية ومدنية

ووفق النظام الداخلي المشترك لكل اللجان بالإدارات الذاتية يقسم عمل مجالس الأقاليم عن طريق اللجان، فكل مجلس يقوم بتعيين رئيس مشترك له عن طريق الانتخابات، ولجنة تفتيش من أجل متابعة النظام والشكاوى، وإدارة تنفيذية، ولجنة النيابات، واللجنة الإدارية والمالية.

ويلي مجلس العدالة في الإدارة ديوان العدالة، والذي يضم النيابة العامة، والهيئة التنفيذية وكاتب العدل، وهيئة العدالة الدرجة الأولى، وهيئة التمييز الدرجة الثانية من أجل الدعاوى التي تقدم بحقها النقد، وتحدث النعمة في هذا الصدد “تُقسم الدعاوي إلى صنفين جزائية ومدنية، وتنظر إليها هيئة العدالة بشكل عام، أي أن اختصاصها النظر في جميع الدعاوي، الإدارية، المالية، الجزائية، التجارية”.

وتحول الدعاوي إلى ديوان العدالة أصولاً عن طريق لجان الصلح، أما الدعاوى الجزائية تأتي عن طريق الأمن الداخلي الأسايش، أو بشكل مباشر عن طريق النيابة.

أكاديمية مزوبوتاميا

وهناك أمور أخرى مرتبطة بمجلس العدالة لشمال وشرق سوريا وموجودة في هيكليتها، كمحكمة الدفاع عن الشعب التي ترتبط بشكل مباشر إدارياً وتنظيمياً مع مجلس العدالة لشمال وشرق سوريا.

وتُشكل أكاديمية مزوبوتاميا ركناً أساسياً في تدريب الحقوقيين وتخرج المختصين في هذا المجال، وتضم الأكاديمية قسمين، القسم العربي في تل معروف والقسم الكردي في قامشلو, وهي مرتبطة أيضاً بشكل مباشر مع مجلس العدالة لشمال وشرق سوريا.

وتابع النعمة بأن “أكاديمية مزوبوتاميا تتألف من أربع لجان بالإضافة إلى إدارة الأكاديمية, وعملها الأساسي التدريب والمنهاج، وهما من الشروط الأساسية لتعيين الأعضاء في الهيئة القضائية في دواوين العدالة, والخضوع لدورة تدريبية ومدتها في القسم الكردي ستة أشهر وفي القسم العربي شهرين ونصف ويحصلون على الشهادة من أكاديمية مزوباتاميا”.

ويجدر بالذكر أن الشهادة الممنوحة من أكاديمية مزوبوتاميا تعتبر في ميثاق العدالة الاجتماعية  مثل أي شهادة حقوقية سورية أو موازية لها.

الفصل بين السلطات

كان من بين مقررات مؤتمر أبناء الجزيرة استقلالية القضاء، وفي هذا الصدد أكد النعمة بأنهم اتخذوا خطوات عدة ومهمة بالنسبة لهيكلية مجلس العدالة لشمال وشرق سوريا, باعتبار مجلس العدالة لشمال وشرق سوريا المسؤول عن سياسة العدالة الاجتماعية ككل ومن أجل وحدة النظام والقوانين والأصول ووحدة النظام الإداري والمالي, وقسم العمل على أساس اللجان من أجل متابعة الأعمال المطلوبة وتنفيذها.

أما عن الخطوات المتخذة في سبيل الوصول لاستقلالية القضاء ذكر نعمة بأنه سابقاً كان هناك ارتباط بينهم وبين المجلس التنفيذي عن طريق هيئة العدل، لكن اليوم وبعد إجراء إصلاحات باتت الجهة الوحيد المخولة للاطلاع على سير عمل ديوان العدالة هو المجلس التشريعي، أي السلطة التشريعية وليست التنفيذية.

وقال النعمة أن هذا النمط من التعامل مع المجلس التشريعي وفصل التبعية للمجلس التنفيذي أعطى القضاء استقلالية تامة، إذ تتخذ شكل العلاقة بينهم وبين المجلس التشريع فقط ضمن إطلاع الأخير على تقرير العمل الشهري دون التدخل في سير العمل ضمن سلك القضاء.

وأظهر النعمة بأن ما يميز نظام العدالة لديهم هو خطوة فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, وذلك بعد فك الارتباط مع المجلس التنفيذي من الناحية الإدارية والمالية وقال: “لا يستطيع أي أحد التدخل في القرارات القضائية، والمجلس أيضاً”.

عدد الدعاوى خلال سنة 2020

وأما عن عدد الدعاوى لعام 2020، أوضح النعمة بأن عدد الدعاوى المدنية التي أحيلت لديوان العدالة عام ٢٠٢٠، وصل إلى 10670 دعوة، و15378 دعوة جزائية، و4390 دعوة جزائية ومدنية للمرأة، و1688 دعوة جزائية خاصة بالمرأة كالعنف ضد المرأة وزواج القاصرات وتعدد الزوجات.

اختتم عطية النعمة عضو مجلس العدالة الاجتماعية في شمال وشرق سوريا, حديثه بأنه يتمنى إتمام الخطوات التي اتخذوها من أجل استقلالية القضاء واستكمال البرامج التي وضعت، وقال “نتمنى تنفيذ جميع الأعمال التي قطعنا فيها أشواطاً كبيرة، وتنفيذ المشاريع التي خططنا لها، والوصول للمستوى الذي تكون لائقة بهذه الثورة التي قام بها الشعب، والعمل بالعدالة الاجتماعية”.