روناهي/ غزال العمر ـ
تجربة زراعيّة يُنفذها مزارع من عفرين للمرة الثالثة في شمال وشرق سوريا وللمرة الأولى في ريف ناحية جل آغا بتمويل ودعم محلي، وتصل مساحة المشروع إلى 350 دونم متوزعة على امتداد ريف الناحية. ويحظى بدعم الجهات المعنيّة في الزراعة، كتوفير المحروقات والسماد لهم واحتضان شعبي من قِبل المزارعين الذين شاركوا بالمشروع عبر تأجير أراضيهم تشجيعاً لمثل هذه التجارب.
خطوات سبقت البدء بالمشروع
هيثم فرج مُهجّر من مدينة عفرين منذ عامين (٤٢ عاماً) لا يحمل معه إلاّ خبرته في مجال الزراعة التي يعتبرها مورد أساسي لمعيشته.
يتحدث المزارع فرج لصحيفتنا “روناهي” بأنّه بدأ تجربته بطريقة علمية مدروسة وقال: “قمت بتحليل التربة مخبرياً لأعرف مدى نجاحها قبل البدء بالمشروع” كما جلبت السماد العضوي الطبيعي “روث الدواجن” من عفرين وهذا ما يسميه بالسواد الذي ينثره بالأرض تمهيداً للزراعة لما له من تفاعل كبير مع التربة، وتابع: “تعتبر البطاطا مادة غذائية ذات قيمة كبيرة وإقبال استهلاكي كبير وزراعتها ضرورية للمنطقة في ظل ارتفاع الدولار، الجوع أهلك الأهالي وهم بحاجة لمثل هذه المشاريع الاستهلاكية”.
وأشار فرج إلى أنّ هذه التجربة المكررة والتي تستطيع أنّ تجزم بأّنها ناجحة في حال توفرت لها كلّ المؤهلات والمقومات “الأمر لا ينتهي بمجرد زراعتها ودفنها في التربة”، وأضاف بأنّ البطاطا تحتاج لعناية وتمر بمراحل نمو وعناية “زراعتها آلية وبين كلّ بذرة وأخرى ١٨ سم، وتثمر بـ ١٢ بذرة بعد نبشها من التربة”.
ورشة عمل نسائيّة
ولا تقتصر تجربة هيثم فرج على البطاطا التي تصل كمية بذارها إلى ١٦٥ طن جزء هولندي “يصل الطن الواحد منها لـ ١٠٠٠ دولار” تم شحنها عن طريق باشور كردستان وهي ذات نوعية ممتازة ومحسّنة ومتأقلمة مع التربة، أما النوع الثاني فهو سوري يُجلب من الباب وعفرين لا يقل الطن منه عن ٣٥٠ دولار.
عشر عاملات يتوزعن في مجموعات يقطعن البطاطا بأيديهن بخفة يتجمعن في مستودع لتجهيز البطاطا للبذار، تتبادل سكينة العلي من أهالي ناحية جل آغا (34 عاماً) أم لثلاثة أطفال أيتام أطراف الحديث مع رفيقاتها أثناء عملهن المتواصل “نعمل طوال اليوم والكمية كبيرة ويجب أن نُلحّق على عمال الزراعة، نأخذ ٤٠٠ ليرة سورية في الساعة”.
وعن آلية عملهن قالت سكينة العلي: “نقوم بتقطيع حبة البطاطا الكبيرة لقطع صغيرة لكن ذلك لا يتم بشكل عشوائي، هناك عدة براعم للبطاطا، ففي كلّ قطعة صغيرة برعم” وأضافت بأنّها المرة الأولى التي يعملن وزميلاتها بالتجهيز لزراعة البطاطا “تجربة نادرة ” وتمنت العاملة المعيلة بأنّ تقام مثل هكذا مشاريع في المنطقة لأنها توفر فرص عمل للأهالي وتخفف من غلاء الأسعار نتيجة توفر المنتج.
تمويل وتشجيع محلي
أما محمد عامودي من أهالي مدينة قامشلو (27 عاماً) ممول المشروع والداعم المادي والمعنوي يقول: “أحببت خوض هذه التجربة لأنّي أثق بخبرة المزارعين القادمين من عفرين، نحن في إقليم الجزيرة تقتصر خبرتنا على زراعة القمح والشعير فقط”.
وأكد عامودي بأنّ زراعة البطاطا والبصل الفرنسي والأشجار المثمرة كالجوز واللوز والفستق الحلبي “كلّها زراعات جديدة في طور التجريب” من الممكن جداً أنّ تنجح في المنطقة وخاصةً بأنها المرة الثالثة التي نُقدِم بها على دخول مثل هذه المشاريع التي توفر على السكان الكثير من أجور النقل والشحن من الباب وإعزاز، سيكون بمتناول الجميع سواء ارتفعت الأسعار أم انخفضت”.
صعوبات العمل
وتابع محمد عامودي متحدثاً عن الصعوبات التي تعترضهم في عملهم بهذا المشروع الكبير بالقول: “اشترينا كمية كبيرة من البذار منها محلي ومنها استيراد، نعاني من غلاء الدولار خاصةً بأننا نتكبد خسائر مادية كبيرة كأجور شحن للبطاطا من النوع الهولندي التي يتم استقدامها من باشور كردستان ومن السماد وعدم توفره”، وأضاف بأنّهم يملكون أراضٍ حدودية مع تركيا لذا فضلوا الابتعاد واستئجار أراضٍ آمنة ولاقوا تعاوناً من سكان ريف ناحية جل آغا.
ويتخوف ممول المشروع والداعم المادي والمعنوي محمد عامودي من مشكلة ستواجههم أثناء بدء الموسم “لا توجد برادات لحفظ هذه الكمية الكبيرة من الإنتاج” وأضاف: “لجنة الزراعة بجل آغا وعدتنا بتقديم يد العون والمساعدة، ونتلقى منها دعماً وتشجيعاً معنوياً، حيث توفر مادة المازوت بكميات كافية لتسيير عملنا” .
ولصاحب الأرض فيصل الحسين من أهالي قرية كرديم (36 عاماً) رأيه والذي عبّر عن سعادته بمثل هذه المشاريع الزراعية المتوقفة منذ 12 عاماً “يوجد مساحات زراعية كبيرة بحاجة للاستثمار، لا نزرع سوى القمح والشعير وطالما تعرضنا لخسائر فادحة، المنطقة بحاجة لهذا المنتج الاستراتيجي، والأهالي بحاجة للعمل، سيوفر هذا المشروع فرص عمل كثيرة للجميع”.
وأشار فيصل الحسين بأنّ شركاؤه بذلوا أموالاً ومبالغ هائلة وتمنى أن تجد رواجاً ونجاحاً وتنتشر على مستوى شمال وشرق سوريا بشكل عام.
