عبير دريعي-
ثمة نداء عميق
أشعر به يناديني
نداء كأنه من زمن بعيد
أو ربما من أزمان
سحيقة مضت
إنه نداء الشعر يراوغني
يغريني
يرتديني روح شاعرة
وأمضي في المغامرة
فالكتابة مغامرة كبرى
والحروف مذ كنت صغيرة
كانت تسحرني فأرسمها
وألونها
وأجعل لها أعيناً
وجوهاً وألسنة
وأفواه فاغرة
كانت الكلمات تدخل غرفتي
تتسلل إلى مخدعي
وترتدي ثيابي…
تزحف نحو بياض أوراقي
وترقص في أفق خيالي
كالجنيات..
لم أكن شاعرة
ولا أعلن نفسي شاعرة
لكنها روحي تبوح بالكلمات
تمضي وراء البوح..
تركض خلف الفراشات
أرسمها من جديد
كلمات تمارس الرقص
والصراخ
تركض، تبحث، تلهث، تتألم
وتسافر في مسامي
إلى تخوم الفجيعة
والذكريات..
فتأكل من روحي
ومن أصابعي
فأصرخ من الوجع.. أتساءل..؟!
هل الشعر لعنة..
هل هو عشق…
أم أن العشق لعنة أزلية..؟!
أو قبض على الجمر..
أو أنه طريقة صوفية
أضيع في ابتهالاتها
ورائحة البخور..
وأمضي في دروب ترابية
يأخذني الشعر من يدي كطفلة..
يأخذني إلى الحقول..
إلى تخوم البرية
والعشب الندي
الشعر هناك ينتظرني..
كالوقت
مصيدة فولاذها
رمادي بارد
يشد على لحمي
وأعصابي، يحطم عظمي..
يأكل جسدي
وأنزف طويلاً..
أصرخ من جديد..
ليتني لم اقرأ الشعر
ليتني لم أكتبه
ليتني لم أولد
ليتني…
لست شاعرة…