قامشلو/ صلاح إيبو ـ تلك الصورة التي حملها أردوغان في يده على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر آب عام 2019، لم تكُن رسالة موجهة لدول العالم فقط، بل كانت رسالة للأحزاب الكردستانية قاطبة، مفادها أن أردوغان نجح جزئياً في تطبيق خطط تركيا الكمالية التي وضعت قبل مئة عام والقاضية بفرض تغييرٍ ديمغرافي، لتعكس مقولة الحركات الكردية “كُردٍ بلا حدود” إلى “حدودٍ بلا كُرد”.
تلك الخارطة التي طالب عبرها أردوغان بمنطقة “آمنة” في كامل الشريط الحدودي مع سوريا وبعمق 30 كيلومتراً، استُكمل في غربي الفرات عملياً (بشقيه السوري والتركي) باستغلال الظروف السياسية وقصر نظر الحركة السياسية الكردية وعدم قدرتها على قراءة التاريخ بالشكل الصحيح، ذاك التاريخ الذي تعمل الحكومات التركية المتلاحقة لاستغلاله بتنفيذ مشروعٍ عمره أكثر من سبع وتسعين سنة، لتتابعها بغزوٍ آخر في شمال وشرق سوريا وتحتل “سري كانيه وكري سبي” بعد شهرين من ذاك الخطاب.
مشروع الغاب
مشروع إصلاح شرق الأناضول أو ما سمي “غاب”، هو مشروع أمني اجتماعي تركي بصبغة اقتصادية، صاغه مجموعة من الأكاديميين، وعلى رأسهم الكردي التركي “ضياء كوك آلب”. وبدأ العمل بتطبيقه منذ الحرب العالمية الأولى عام 1914، وتحول إلى “برنامج الدولة” مع إعلان الجمهورية التركية عام 1923.
كلف مصطفى كمال أتاتورك مجلساً خاصاً لصياغة تقرير شامل عن مشروع “غاب”، وأقر البرنامج كسياسة رسمية للدولة في 8 أيلول 1925، وترأس عصمت إينونو، الكردي أيضاً، “مجلس إصلاح الشرق” وضم في عضويته كبار ضباط الجيش ومسؤولي الدولة.
ليس من الغريب اليوم أن نربط بين مشروع “غاب” والخطط التركية الراهنة في سوريا وبالتحديد في روج آفا، فالقاسم المشترك بينهم “تطهير المنطقة من الكُرد”.
إذ شكل الكرد 73% من سكان (المحافظات الشرقية) في باكور كردستان، وفقٍ للتقرير الميداني الذي أعده فريق إينون آنذاك، وعرض بعد أيام على الدولة التركية، فكانت التركيبة الديمغرافية، أي عدد شرق الفرات مليون و360 ألف نسمة، منهم 993 ألف كردي و251 ألف تركي، و117 ألف عربي. هذه الأرقام لم ترق للجناح القومي التركي، لذا اقترح توطين الأتراك هناك في محاور استراتيجية. بدءاً من ديلوك إلى آمد على طريق أورفا.