مطالب وتوصيات عدة كانت مُخرجات لملتقى حقوقي هو الثاني بشأن الجرائم التي تُرتكب في عفرين المحتلة، إنهاء الاحتلال وتثبيت الهجوم العسكري التركي بالعدوان للتمكن من محاسبة تركيا دوليّاً على جرائهما، هو جوهر ما خلص الملتقى للعمل عليه عبر اللجان التي ستُشكل لمتابعة التوصيات الناتجة، إلا أن بعض هذه التوصيات كانت قد نتجت عن الملتقى الأول لذا وجب التركيز على تنفيذها اليوم.
اختُتمت أعمال الملتقى الحقوقي الثاني حول جرائم حقوق الإنسان في عفرين المحتلة يوم السبت، بجملة من التوصيات على رأسها، العمل على إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السوريّة وضمان عودة المهجرين قسرياً إلى ديارهم وبرعاية دوليّة، وتشكيل لجنة تقصي للحقائق تابعة للأمم المتحدة.
وعقد الملتقى الحقوقي الثاني برعاية “منظمة الأبحاث وحقوق المرأة في سوريا، منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا، منظمة مبادرة دفاع الحقوقية، مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية ومنظمة حقوق الإنسان في الجزيرة”، يوم السبت بمدينة قامشلو.
وتضمن الملتقى ثلاثة محاور رئيسية، وهي خصائص الجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال التركي وفصائله الداعمة له في ضوء القانون الدولي، والانتهاكات المرتكبة بحق النساء في عفرين من الاحتلال التركي ومرتزقته، والسبل القانونية لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وفق القانون الدولي.
وحضر الملتقى أكثر من مئة وخمسين مشارك من داخل سوريا وخارجها وتم تسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات المرتكبة في مقاطعة عفرين من قبل الاحتلال التركي والفصائل السوريّة المسلحة الموالية له، ومن خلال مناقشة المحاور وأخذ الآراء والمقترحات توصل المجتمعون إلى التوصيات ومطالب عدة.
إذ أجمع الحضور على أن التدخّل العسكري التركي في الأراضي السوريّة هو جريمة عدوان على سيادة الدولة السوريّة العضو في الأمم المتحدة لعدم استناده إلى قرار دولي أو قرار وطني سوري يجيز له التدخّل ويعد خرقاً واضحاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ولأحكام القانون الدولي الإنساني.
وأوصى الملتقى بضرورة العمل على إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السوريّة وضمان عودة المهجرين قسراً إلى ديارهم وبرعاية دولية، والتأكيد على أن الجرائم المرتكبة بحق النساء في عفرين ترقى لمستوى جريمة الإبادة الجماعية والعمل على فضحها أمام المجتمع الدولي.
كما طالب الأمم المتحدة إرسال لجنة تقصي الحقائق الدولية إلى مقاطعة عفرين للتحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل دولة الاحتلال التركي والفصائل المنضوية تحت لوائها، إضافة لتحمل الأمم المتحدة والجهات الدولية ذات العلاقة مسؤولياتها القانونية والأخلاقية حيال مئات الآلاف من مهجري عفرين واعتبارها جريمة تهجير قسري بغرض التغيير الديمغرافي وجريمة تطهير عرقي وهي جريمة حرب وفق نظام روما الأساسي 1998 وإحالة مرتكبيها الى المحكمة الجنائية الدولية.
ورأى الملتقى أنه من الضروري التواصل مع العاملين في الحقل الدولي الإنساني والأكاديميين والباحثين والناشطين لإعداد ملفات بالانتهاكات المرتكبة في عفرين وتقديمها إلى المحاكم الدوليّة الأوروبية والتواصل مع أقرباء الضحايا في أوروبا وأمريكا، والتواصل مع وسائل الإعلام العالمية ومُعدي الأفلام الوثائقية والعمل على فضح الجرائم التي ترتكبها تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها..
إضافة إلى إنشاء برنامج دولي للتعويضات الفردية والجماعية لجميع ضحايا الاحتلال التركي وبالأخص النساء والأطفال.
وسيلحق هذه التوصيات تشكيل لجنة محليّة ودوليّة لمتابعة التوصيات والقرارات الصادرة عن الملتقى والتحضير لعقد ملتقيات ومنتديات لاحقة بهذا الصدد.
شهود عيان
واستهل الملتقى الحقوقي بقراءة بيان منظمة حقوق الإنسان في عفرين – سوريا، والتي وثقت معظم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها دولة الاحتلال ومرتزقتها في عفرين المحتلة، وفق تسلسل زمني منذ بدء العدوان في 20/1/2018 ولغاية نهاية عام 2020.
وعززت المنظمة تقريرها هذا بسرد ثلاثة شهود عيان من عفرين شهاداتهم حول جرائم الاحتلال التركي ضد الأطفال والنساء والمدنيين.
زينب أحمد محمد في العقد الرابع، من سكان عفرين (لم تخرج من مدينة عفرين بعد احتلالها من قبل تركيا)، خُطفت من قبل جيش الاحتلال التركي، وبقيت 18 يومًا في سجون تركيا، ثم تم الإفراج عنها واضطرت للهجرة من المدينة لعدم تكرار ما شهدته وتوجهت إلى مخيم الشهباء، سردت بعض التفاصيل عن فترة وجودها في السجن، وقالت: “تم وضعي في أحد سجون المرتزقة، ثم تم نقلي إلى سجون جيش الاحتلال، ووضعي في سجن تحت الأرض، كانت ثمة أكثر من 150 امرأة في ذاك السجن، وضعهن كان مزريًا جدًّا نتيجة التعذيب، غرف السجن لم تكن تتجاوز الـ 5 أمتار، لقد تم تعذيبنا بشكل عنيف”.
وأوضحت زينب إنه كانت هناك امرأة ومعها طفل يبلغ من العمر (11 عامًا)، وقد حاول الطفل قتل نفسه خوفًا من المرتزقة والتعذيب، ونوهت: “في الساعة الواحدة ليلًا كانوا يقومون بإخراج النساء وضربهن وتعريضهن للاعتداءات، وقتلت عدة نساء في السجن نتيجة التعذيب الشديد”.
زينت بيّنت: “لقد مارسوا ممارسات بشعة بحق النساء الكرديات، ونطالب المجتمع الدولي بالضغط على تركيا، كي نعود إلى أرضنا ومنازلنا”، وقالت: “نحن بشر وخلقنا كردًا، ولنا الحق في العيش بحرية وكرامة، نحن بشر الله وخلقنا كردًا”.
“هُجّرنا وما زلنا نتعرّض للقتل”
أسمهان حسن والدة الطفل الشهيد عارف جعفر محمد (6 أعوام)، من ضحايا مجزرة تل رفعت نهاية 2019، التي ارتكبها الاحتلال التركي، أوضحت: “خرجتُ من عفرين سيرًا على الأقدام بعد احتلال المدينة من قبل جيش الاحتلال التركي، وكانت القذائف تتساقط فوقنا، وتوجهنا إلى بلدة تل رفعت، إلا أننا لم نسلم من تركيا ومرتزقتها، وفي أحد الأيام سقطت القذائف على البلدة واستشهد خلالها ثماني أطفال ومسنين، وجُرِح العشرات”، ودعت منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل إلى القيام بعملها وإدانة تركيا.
أطلقوا عليَّ النار عندما عرفوا إنني من عفرين
المحامي محمد جميل شاهد على قتل الكرد بالهوية واستخدام السلاح الكيماوي، قال “في شهر آذار 2018 تعرضت عفرين للقصف، تقاسمت منزلي مع عشرة أسر هجرت من ريف عفرين، وفجأة بدأت أصوات القذائف تعلو، وتقترب، شعرنا بالهلع والخوف، فالقصف استهدف وسط مدينة عفرين أيضًا، حينها خرجنا سيرًا على الأقدام، وقطعنا مسافة طويلة للوصول إلى حلب، وفي الطريق تهت وانفصلت عن باقي المدنيين ولم أرَ نفسي إلا في خنادق المرتزقة، وبعد تأكدهم من هويتي وأنني من أهالي عفرين، أطلقوا ثلاثة أعيرة نارية علي وأصِبتُ في قدمي، وأسعفوني إلى المشفى، وبقيت لديهم، وتم الإفراج عني بعد عام.
وأثناء إسعافي تم إسعاف ستة أشخاص آخرين، ولم تظهر عليهم جروحًا بل مادة بيضاء على ثيابهم، وفي ذلك الوقت تأكدت أنه تم استخدام غاز كيميائي، وبعد الإفراج عني: شكّلنا لجانًا لرصد وتوثيق جرائم الحرب، ووضع المُهجّرين قسرًا من بيوتهم”.
وأكد جميل: “الأهم من ذلك، إن الاحتلال التركي لم يفرق بين المدنيين والعسكريين، إذ تم استهداف المنازل المسكونة بالمدنيين، ومضخة المياه، ووثّقنا كل هذه الانتهاكات، لنظهر تعمّد الاحتلال التركي قصف أماكن يسكنها المدنيون”.
هذه الشهادات، لحقها فترة نقاش شارك فيها العديد من الحقوقيين والصحفيين ومنظمات دولية.
سوريا تتجه للتقسيم
مداخلة الصحفي والمعارض السوري غسان إبراهيم عبر تطبيق الزوم، أوضح أن الوضع في عفرين خطير، وقال: “تركيا لديها أطماع أكثر من احتلال مناطق سورية، بل هي تهدف إلى ضم الأراضي السورية إلى تركيا على غرار سيناريو لواء إسكندورن”.
وبيّن إبراهيم أن أردوغان يحلم بإعادة الفترة العثمانية بصيغ جديدة، لذلك يتدخل في العديد من المناطق، ويقوم بعمليات تتريك الأراضي التي احتلها، ولديه الرغبة بضم المناطق الحدودية إلى تركيا.
ونوّه إبراهيم إلى أن سوريا تتجه نحو التقسيم بموجب المشروع التركي الذي يستخدم ورقة الكرد، فتركيا تحاول الآن استغلال الظروف للتقدم في الأراضي السوريّة، وقال: “هناك تتريك ممنهج في المناطق المحتلة عبر تعليم اللغة التركية وفرضها في المناطق المحتلة، حيث تعمل بكل ما بوسعها من أجل تغيير ديمغرافية المنطقة، وهي تستغل قدراتها اللوجستية في ذلك”.
وبيّن إبراهيم أن المشكلة الأساسية هي انعدام قدرة بعض القادة السياسيين السوريين على وضع حد للانتهاكات التركية ووضع حد لتركيا نفسها، وقال: “لذلك على مختلف الشعوب الاتحاد للوقوف في وجه تركيا، وكي لا تعيش منطقة سورية أخرى هذه المآسي”.
التطهير العرقي جريمة دوليّة
الدكتور آزاد ديواني الحاصل على شهادة الدكتوراه في دراسات السلام- حل النزاعات المسلحة- لندن، ألقى محاضرة حول خصائص الجرائم المرتكبة من قبل جيش الاحتلال التركي ومجموعات المرتزقة المدعومة من قبل تركيا.
قدم ديواني عرضاً سريعاً عن واقع عفرين قبل الاحتلال وبعده، وقال “نستطيع تقسيم القوى المحتلة التي لديها خلفية إسلامية، إلى قسمين، أولهما الجيش التركي الذي يضم قوات خاصة وعددًا من الذئاب الرمادية، والقسم الآخر الفصائل الجهادية مثال الحمزات وأحرار الشام ومن خلال الفيديوهات التي تظهر على شاشات التلفزة، ونستطيع أن نلاحظ أن بعضهم ليسوا بجهاديين وإنما جماعات إسلامية، فتركيا تحاول التغطية على هذه المجموعات”.
وعن ما نتج عن عمليات التطهير العرقي التي اتبعتها تركيا في عفرين وسري كانيه أشار آزاد ديواني: “سياسة التطهير العرقي لا تزال مستمرة، حيث يعيش أغلب العفرينيين الآن في مخيمات الشهباء، وبعضهم نزحوا إلى البلاد الأوروبية وهذا ما خلّفه التغيير الديمغرافي، ونعتبر الجرائم التي تحدث في عفرين جرائم حرب، وتهدف إلى التطهير العرقي أيضًا، ويمكن أن تسمى بالمجازر بالنسبة لقانون الأمم المتحدة”.
مضيفًا “إن المجلس المحلي في عفرين المدعوم من تركيا قام بتغيير اللغة الرسمية للأهالي، وإغلاق مراكز تعليم اللغات، وتحويلها إلى مراكز دينية واستبدال الكرد بقوميات وجنسيات أخرى، والهدف من هذه المسألة هو فصل وتقسيم أراضي كردستان داخليًّا، وبالتالي إبعاد القضية الكردية عن كونها قضية عالمية”.
وبعد الانتهاء من محاضرة الدكتور آزاد ديواني، بدأت مداخلات الحضور والمشاركين عبر الإنترنت، وإبداء الآراء والمقترحات.
“البيت الأبيض يتوجب عليه استقبال الشهود”
ودارت أغلب النقاشات والمداخلات عبر تطبيق الزووم من قبل شخصيات من الدول العربية والأوروبية، كمصر والعراق وبعض الدول الأوروبية، وأكدت المداخلات أنه يجب أن تطرح فكرة حل القضية الكردية في جميع أنحاء العالم، وأخذ الشهود على الجرائم في عفرين إلى البيت الأبيض، وجمع أدلة حيال الجرائم، ليتم توثيقها في تقارير منظمة الأمم المتحدة العالمية، بالإضافة إلى الضغط على الاقتصاد التركي، وإخراج الحكومة التركية من حلف الناتو، وإعادة الأتراك في عفرين والمناطق المحتلة إلى المكان الذي جاؤوا منه.
كما دارت مجمل النقاشات حول تشكيل هيئة مؤلفة من حقوقيين وقانونيين وأصحاب كفاءة، ورصد الجرائم، وإعداد ملف وإرساله إلى المحكمة الجنائية الدوليّة، والمطالبة بمحاسبة مرتزقة جيش الاحتلال التركي وتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية الدولية ليلقوا جزاءهم، وهذا الأمر بحاجة إلى جهود جبارة، وتنظيم حملات من قبل المنظمات والحقوقيين والباحثين لتحقيق ذلك.
ثم قُدّمت إحاطة من قبل المحامي والمستشار القانوني والمدير العام لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان – مصر، أيمن عقيل، الذي تحدث عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال التركي في عفرين قائلًا: “إن الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال التركي هي خرق للقانون الدولي وانتهاك لاتفاقية لاهاي 1945، لحماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح، وانتهاك لقوانين مجلس الأمن”.
مؤكدًا إن “الجرائم الحقوقية التي تخالف جميع القوانين الدولية والعالمية كفيلة ليحاكم أردوغان وتركيا عليها”.
لا يوجد قانون دولي يحمي النساء
وتضمن المحور الثاني محاضرة ألقتها مجدولين حسن، المحامية الحائزة على دبلوم في القانون الدولي والدبلوماسي والعضوة في المجلس الاستشاري النسائي للمبعوث الخاص إلى سوريا ورئيسة لجنة سوريين من أجل المعتقلين والمختطفين.
وتطرقت مجدولين حسن إلى ماهية الجرائم التي ترتكب في عفرين منذ احتلالها وبشكل خاص ضد النساء، “المئات من أبناء عفرين لقوا حتفهم على يد الفصائل التركية، هناك العديد من التقارير وبالرغم من أنها قليلة إلا أنها تشير إلى هذه الانتهاكات”.
وحمّلت مجدولين المجتمع الدولي مسؤولية ما يحدث بالقول “إن معالجة ما يحصل في عفرين، ومحاسبة عناصر الفصائل المرتزقة ومحاكمة الجناة هي مسؤولية دولية”.
وأوضحت مجدولين حسن بأن قضية عفرين هي قضية وطنية سورية وبالتالي على جميع المنظمات الحقوقية السوريّة أن تتبنى ما يحصل في عفرين لأن سكانها سوريين.
وحول صمت الحكومة السوريّة عن انتهاكات تركيا وممارساتها بحق عفرين، أوضحت مجدولين أن الحكومة تتخوف من المشروع الديمقراطي الذي يتبناه أبناء عفرين وشمال وشرق سوريا. وقالت: “يجب إنهاء النظام الاستبدادي في دمشق”.
ونوهت مجدولين حسن: “يمكن تسليم ملفات النساء للمحكمة الأوروبية عن طريق الادعاء الشخصي من قبل المجني عليهن وبإمكان هذه المحكمة القيام بإجراءاتها وفق قرارات مجلس الأمن وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
ونوهت: “لا يوجد أي قانون يحمي النساء ضمن القوانين الدولية، هناك نصوص عامة ولكن لا توجد نصوص خاصة بالمرأة”.
الحكومة السوريّة مسؤولة عن الجرائم المرتكبة في عفرين
وأكدت مداخلات المحور الثاني أن الجرائم التي ترتكب بحق المرأة في عفرين ممنهجة، والهدف منها النيل من إرادة المرأة المناضلة، وبيّنت أن هناك اعترافاً دولياً بوجود نساء مختطفات في عفرين، المرأة في عفرين تعرضت لكافة أنواع الجرائم وتركيا هي المسؤول المباشر.
وجرت نقاشات حول كيفية مساعدة النساء اللواتي يتعرضن للانتهاكات والناشطات ولتنال المرأة حقوقها عبر دعمها وتوثيق الجرائم وتحريك الدعاوى وتنظيم فعاليات لإيصال الصوت إلى المحافل الدولية، وأوضحت بأنه يجب تطبيق ذلك على أرض الواقع، ونوهت المداخلات بأنه في جنيف عندما تحدثوا عن المرأة لم يتحدثوا عن المرأة الكردية التي حاربت، ولا عن النساء اللواتي تعرضن للتعذيب والخطف واللواتي مازال مصيرهن مجهولاً.
ونوهت المداخلات بأن الحكومة السورية تتحمل مسؤولية الجرائم التي تُرتكب بحق النساء في عفرين من الناحية الأخلاقية والإنسانية، لأن احتلال عفرين تم عبر صفقة مقايضة بين الحكومة السورية وتركيا برعاية روسيا مقابل الغوطة، ولا تحرك الحكومة ساكناً إزاء الجرائم التي ترتكب.
بعدها تحدث المحامي والمحاضر في كلية الحقوق في الإسكندرية وعضو اتحاد المحامين العرب – مصر، أحمد رجب شحاته محمود، حول السبل القانونية لإدانة الجرائم التي ترتكب بحق نساء وأهالي عفرين وقال: “تركيا ارتكبت جرائم جمة بحق أبناء عفرين”.
محاكمة تركيا على جرائمها ممكنة
أحمد رجب شحاته بيّن أن أولى هذه الجرائم احتلال أراضي دولة عضوة في المجتمع الدولي، والثانية جرائم ضد الإنسانية منها التمييز العنصري وتهجير أكثر من 300 ألف شخص، وإحداث عمليات تغيير ديمغرافي واستهداف الشعوب، واستبدال شعب المنطقة الأصلي بشعب آخر، وقال: “تركيا ارتكبت كافة الجرائم الواردة في المواثيق والعهود الدولية”.
وأكد أحمد رجب بأن على مجلس الأمن إصدار قرار لمحاسبة مرتكبي الجرائم في عفرين على غرار المحكمة التي أنشئت في يوغسلافيا والمحكمة التي أنشئت في لبنان لملاحقة قتلة رفيق الحريري. وقال: “من أفضل الطرق اللجوء إلى مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة لإصدار قرار إلى المدعي العام ومنه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة تركيا على جرائمها”.
تركيا تخلق الذرائع من أجل ضرب الكُرد في سوريا
واستمر المحور الثالث من أعمال الملتقى “جريمة الاحتلال في ظل القانون الدولي”، عبر محاضرة ألقاها عبر تقنية الزوم جان فيرمون، المحامي البلجيكي لدى نقابة بروكسل منذ عام 1989 والمختص في قانون الجرائم الدولي والأوروبي والبلجيكي والقانون الدولي الإنساني.
بيّن جان فيرمون أن تركيا تستخدم بند الدفاع عن النفس لشرعنة غزوها ضد سوريا واحتلت عفرين تحت هذا البند، ونوه إلى أن المقاومة التي أبداها أبناء عفرين كانت مشروعة بموجب مواثيق الأمم المتحدة والتي توضح في بنودها أنه حق طبيعي إذا قامت جماعة بالدفاع عن النفس أثناء تعرضها لهجوم. وقال: “تركيا تخلق الذرائع من أجل ضرب الكرد في سوريا”.
وأكد جان فيرمون بأن جريمة العدوان بحسب المواثيق الدولية تُعد أم الجرائم لأنها جريمة تتم ضد الإنسانية، وتركيا ارتكبت هذه الجريمة عبر تدخلها المباشر في عفرين وسوريا موثقاً كلامه هذا بقوانين دولية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما.
وأوضح جان فيرمون بأن تركيا استخدمت في عدوانها على عفرين المرتزقة وهذا منافٍ لمواثيق ومبادئ الأمم المتحدة، مبيناً بأن الهدف الأساسي من العدوان التركي على عفرين هو ضرب الإدارة الذاتية هناك، وأكد بأنه يجب تثبيت جريمة العدوان لأن كافة الجرائم ارتكبت تحت سقف هذه الجريمة.
وقالت مزكين حسن عضوة اللجنة التنظيمية للملتقى لصحيفتنا، إن هذا الملتقى هو الثاني، وإن بعض المطالب التي خرج بها الملتقى الأول لم تتحقق، لذا تم التركيز في هذا الملتقى على ضرورة تنفيذ ما سبق وعلى رأسها إرسال لجنة تقصي حقائق دوليّة إلى عفرين.
واختتم الملتقى الحقوقي الثاني في نفس اليوم بجملة التوصيات التي سردناها في مقدمة التقرير، على أن يستكمل عقد مثل هذه الملتقيات من وقت لآخر ويتم تشكيل لجان محلية ودولية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين والمناطق السوريّة المحتلة من قبل تركيا.