معاناة وآلام يعيشها مهجرو سري كانيه في مخيم ديرك؛ حيث تقطن عشرات العائلات من المهجرين قسراً؛ يروون قصص تهجيرهم بألم وحسرة وأمل في العودة إلى ديارهم.
تختلف الروايات وتتعدد الطرق لكن يبقى الألم هو الرابط المشترك؛ لدى القاطنين تحت كومة الخيوط التي تملؤها شعارات المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين والمهجرين، تلك الكومة التي تسمى خيمة النزوح. تحت هذه الخيم تختلف ألوان البشر وصفاتهم الجسدية حتى أعمارهم ولهجاتهم، لكن ما لا يختلف هو سبب شقاؤهم؛ وجزارهم الأوحد، الكل في مخيم نوروز يشير بأصبعه نحو الجبل ويقول من خلف هذا الجبل جاء الويل، شاكين همهم لله متأكدين من أن عودتهم إلى بيوتهم لن تتم إلا ببنادق الأحرار.
لم أسمع صوت النزوح لكنني رأيت ناره
تحدثنا المواطنة عمشة الخزيم ذات السبعين عاماً عن معاناتها أثناء النزوح قائلة: “لم أسمع شيئاً لأنني أعاني من مشاكل في أذني تمنعني من السمع، لكن رأيت النار تلتهم بيوت الناس من حولنا دون سابق إنذار ودون أن يكترث مشعلها ومطلق ألسنتها إلى العُزَّل القابعين تحت أسقف منازلهم؛ في قرية العامرية وهي إحدى قرى سري كانيه”، تصف عمشة أنها هربت رغم ألم مفاصلها الذي كان يجبرها على التوقف بعد كل مجهود تبذله أثناء السير على قدميها، مبتعدة عن نيران أنقرة التي انهالت على المدنيين.
“كلما ابتعدنا زادت المسافة وكبرت كرة النار داخل بيوتنا وزاد حجم الألم داخلنا”، هذا ما لخصت به عمشة رحلتها وصولاً إلى خيمتها التي تنتظر من تحتها العودة إلى قريتها، العامرية.
“الجوع أوصلنا إلى هنا”، أمينة عبد العزيز أم لولدين وأربع بنات، ثلاثة منهن مقعدات بسبب الشلل الدماغي، تختلف رحلتها عن الآخرين فهي قدمت إلى المخيم من الداخل السوري من مدينة يبرود.
تقاسم الوجع
تقول أمينة: “لم يعد زوجي وابني وابنتي قادرين على سد حاجات المعيشة البسيطة في يبرود، بعد ثلاث سنوات من المحاولة للثبات أمام الجوع قررت العائلة التي تنحدر من قرية أبو فخيذ في ريف سري كانيه القدوم إلى المخيم”، وتضيف أمينة أن “المخيم أفضل بكثير من الإقامة في يبرود”، وإن معاناتها أثناء تعاملها مع بناتها من ذوي الاحتياجات الخاصة تتقاسمها الآن مع جيرانها داخل المخيم، حيث يساعدها الجميع على رعاية بناتها؛ إضافة إلى أن ما يدره عمل زوجها وابنها المتقطع داخل مدينة ديرك إضافة إلى ما تقدمه إدارة المخيم من معونات شهرية جعلهم في حال أفضل مقارنة بما كان عليه سابقاً.
“أوجاعنا كثيرة ومطالبنا بسيطة”، لم تكن مطالب أهالي المخيم تتناسب مع وجعهم، فرغم ما كابدوه من عذاب ووجع أثناء نزوحهم إلا أنهم لم يكونوا طامعين بالكثير، حيث سألناهم عن إذا ما كانوا يحتاجون إلى أي شيء وكانت الأجوبة مختلفة، فالمواطن جاسم إبراهيم اقتصر طلبه على توفير فرص عمل له ولمن حوله من سكان المخيم.
أما آسيا محمد الحميدي أشارت إلى أنها تحتاج مزيداً من الدعم الطبي؛ وتوفير علاج لابنتيها الصغيرتين اللتين تعانيان من مرض الربو.
أما عن الطلب الموحد لدى جميع قاطني المخيم، والذي جاء على لسان رئيس الكومين في أحد قطاعات المخيم “أحمد عبد الله البكير” الذي ناشد المعنيين بالأمر من خلال صحيفتنا السماح له ولباقي أبناء المخيم بفرصة بيع ما يفيض عن حاجتهم من المواد التي يتم توزيعها شهرياً، لكي يتسنى لهم بثمنها شراء بعض الاحتياجات التي لا ترد ضمن المعونة الشهرية مثل الخضار والفواكه وبعض السلع الأخرى.