ياسر شوحان (آثاري)-
إلى الجنوب من مدينة الحسكة، وعلى بعد مسافة 30 كم منها تقوم آثار شاديكاني أو ما يسمى محلياً بتل عجاجة الذي يعود باستيطانه إلى نهايات الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد.
يقع تل عجاجة على الضفة اليمنى لنهر الخابور، وهو تل ذو شكل يشبه المعين تقريباً، حيث تبلغ أبعاده 500 متر تقريباً في كلٍّ من جهاته الشمالية والشرقية والغربية، في حين أن طول جهته الجنوبية حوالي 150 متراً، يحيط بالتل الأثري سهول الخابور، حيث يرتفع الموقع عنها بحدود 15 متراً لا أكثر، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الموقع واحد من خمسة تلال أثرية كانت تضم فيما مضى ما تبقى من مدينة عربان، والتي كانت تعد واحدة من أعظم المدن التي قامت على نهر الخابور.
تاريخ التل الأثري
أشارت الحوليات الآشورية (سجلات الملوك الآشوريين) إلى موقع شاديكاني، حيث ذُكرت فيما ذكره الملوك الآشوريون مثل حدد نيراري 911 ـ 932 قبل الميلاد، وتيكولتي نينورتا الثاني 890 ـ 884 قبل الميلاد، وآشور ناصر بال الثاني 883 ـ 859 قبل الميلاد، حيث اعتمدت دراسات الآثاريين على تحديد الموقع والتسمية بشكل دقيق، إذ استطاع العالم الآثاري ج. سميث بتحديد التسمية وذلك من خلال الرُّقم المسمارية المكتشفة في التل الأثري. كما يشير آثاريون آخرون بأن هذا التل هو الموقع الوحيد في منطقة الخابور الذي استطاع الآثاريون تحديد اسمه على وجه الدقة. وتعتبر شاديكاني إحدى أهم وأقوى المدن في الريف الآشوري، فبعد تأسيس الإمبراطورية الآشورية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد أصبحت الإمبراطورية الأقوى في منتصف وشمال بلاد الرافدين.
التنقيبات الأثرية
في ربيع عام 1850 قام الباحث الإنكليزي أوستن هنري لا يارد بالبدء بحملة تنقيب في تل عجاجة، حيث كان يعمل في تلك الفترة في موقع نمرود الأثري في العراق، وبعد أن أجرى تنقيباته في سبرين أثريين عثر خلالهما على بقايا لقصر آشوري وعلى العديد من التماثيل الحجرية المنحوتة من الصخر الرسوبي مثل الثيران المجنحة (لاماسو) وبعض النُصب الحجرية والمنحوتة أيضاً على الصخر الرسوبي التي تحمل مواضيع مختلفة.
واستكمالاً لما بدأه لا يارد من تنقيبات أثرية في منتصف القرن التاسع عشر قامت بعثة أثرية سورية ألمانية مشتركة برئاسة الآثاري أسعد المحمود وهارتموت كيونه منذ عام 1982 وحتى عام 1990 بالتنقيب في الموقع الأثري، وكشفت خلال هذه السنوات عن ستراتيغرافيا وكرونولوجيا الموقع (الطبقات والسويات الأثرية)، حيث دلت التحريات الأثرية على أن الموقع مر بمراحل ثلاث احتوت /19/ طبقة أثرية ساعدت الكسر الفخارية في تأريخها وهي:
1 ـ المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تتضمن الطبقات العائدة لفترة الحضارة الإسلامية، حيث تتضمن هذه المرحلة ثماني طبقات تبدأ من سطح التل الأثري، ويذكر المؤرخون أن نور الدين زنكي قد أقام جسراً على نهر الخابور يصل إلى الموقع.