قامشلو/ سلافا عثمان – أكد الإداري في سد تشرين “مصطفى عبد الرحمن”، عن نجاح الجهود التي بذلتها هيئة الطاقة لإقليم شمال وشرق سوريا وإدارة السدود، بالتعاون مع الإدارة الذاتية الديمقراطية، في إعادة السد إلى الخدمة بعد توقفه نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت به خلال الأوضاع الأخيرة.
في ظلِّ الظروف الاستثنائية التي مرت بها المنطقة، وتحت تأثير الحرب الأخيرة التي طالت البنى التحتية الحيوية، برز “سد تشرين” كأحد المرافق الاستراتيجية المتضررة بشكلٍ كبير، ومن هذا المنطلق بدأت جهود مكثفة لإعادته إلى الخدمة، باعتباره ركيزة أساسية في توليد الطاقة وتنظيم موارد المياه.
عودة السد للخدمة
وأكد لصحيفتنا “روناهي” الإداري في سد تشرين “مصطفى عبد الرحمن” بأن عودة سد تشرين إلى الخدمة، جاءت تتويجاً لدعم كبير من قبل الجهات المعنية، وتعاون وثيق مع الإدارة الذاتية، قد تم تمرير طاقم من المهندسين والفنيين المختصين للقيام بأعمال الصيانة والتصليح الضرورية: “نحن نقدّر الدعم المقدم لنا ونُثمن الجهود المشتركة التي أدت إلى نجاح هذه العملية، سنواصل العمل بجد لإعادة السد إلى وضعه الطبيعي وتوفير الطاقة الكهربائية للمواطنين في إقليم شمال وشرق سوريا”.
وأضاف: “نفتخر بالإعلان عن نجاحنا في إصلاح سد تشرين، الذي يعد أحد المشاريع الهامة في المنطقة، لقد عمل فريقنا بجهد كبير لاستعادة الكهرباء إلى السد، وها نحن نحصد ثمار جهودنا، السد سيعود للخدمة بشكلٍ كامل، وسيوفر الطاقة الكهربائية للمدن والقرى المحيطة، ما سيساهم في تحسين الحياة اليومية للمواطنين”.
ورغم الظروف الأخيرة التي مر بها سد الشهداء (سد تشرين)، والأعطال الكثيرة التي أدت إلى خروجه من الخدمة وكادت أن تلحق أضراراً ببنيته الإنشائية، إلا أن طاقم العمل بذل جهداً كبيراً بخطوات مدروسة لإعادة السد إلى الخدمة.
وأوضح عبد الرحمن، إن الهجمات الأخيرة تسببت بأضرار مدمرة على مكونات السد الإلكترونية والكهربائية والميكانيكية والمدنية، وأعطى أمثلة عن الأضرار: “كل مضخات غطاء رأس العنفة، ومضخات الزيت المتسرب، والصرف، والتجفيف غرقت بالكامل، إلى جانب دارات القيادة والتحكم والإشارة ومنابع التغذية الخاصة بها، وأن أنظمة نزح المياه، التي تعدُّ صمام أمان للسد، خرجت من الخدمة، ما كان يعني خروج السد بالكامل عن العمل”.
تعتمد عملية تغذية الشبكة الكهربائية من السد على عدة عوامل رئيسية، وهي: كمية الوارد المائي لنهر الفرات، جاهزية الشبكات الكهربائية، جاهزية محطات التحويل والتوزيع، حيث يتم تنظيم التغذية بناءً على هذه المعطيات.
ويعتبر سد تشرين ثاني أكبر منبع للطاقة الكهربائية في إقليم شمال وشرق سوريا، وصمام الأمان الأول لتنظيم التوليد والتدخل في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى تنظيم الاستهلاك الرشيد لمياه نهر الفرات، ويغذي السد كافة مناطق الإدارة، وليس منطقة أو مدينة محددة، بحسب استطاعة التوليد والوارد المائي.
الصعوبات.. والاعتماد على التجهيزات المحلية
فيما نوه عبد الرحمن إلى أن إصلاح السد تطلّب صيانة عامة وأخرى مصغّرة، خاصةً أن سد تشرين لم يخضع لصيانات موسعة لعنفاته منذ تأسيسه، ومع ذلك، تبذل هيئة الطاقة والإدارة العامة للسدود كل ما هو متاح للحفاظ على تجهيزات السد وجاهزيته لتوليد الطاقة.
وأشار إلى “أنه تم تأمين العديد من قطع الصيانة محلياً، بسبب صعوبة تأمين المواد في الوقت المناسب، بالإضافة إلى تأمين القواطع الآلية والسكينية المدمرة من مستودعات هيئة الطاقة، رغم تكلفتها العالية، حيث تبلغ كلفة القاطع الآلي 66 ك.ف نحو 63 ألف دولار أمريكي”.
لإخراج السد من أزمته الحالية والخروج من أزمة الكهرباء التي لحقت بالمناطق والتي تتغذى من ساحة تحويل السد، نوه عبد الرحمن إلى جهودهم التي بذلوها “بدأت فرق الصيانة عملها منذ الساعات الأولى لتضرر السد، وتدخلت بشكلٍ مرحلي ومدروس لإيقاف خطر التسريبات، والحد من الأضرار، وسحب المياه، وإخراج التجهيزات المغمورة، وتشغيل العنفة الثانية لتأمين التغذية الخدمية للسد، ثم التجهيز لتشغيل العنفة الأولى كبديلٍ في حال الطوارئ”.
كما تم العمل على صيانة ساحة التحويل والتوزيع واستبدال القواطع المتضررة، ولفت عبد الرحمن إلى أن أبرز الصعوبات كانت في شقين: الأول هو البيئة الآمنة للعمل داخل السد ومستودعاته، والثاني هو قلة الكادر الفني وصعوبة تأمين التجهيزات، مما اضطر الفريق للاعتماد على تجهيزات محلية متضررة جزئياً وإعادة صيانتها. وأكد أن الهدف الأساسي كان العودة السريعة بالسد إلى الخدمة العامة لتخفيف معاناة الأهالي: “عملنا بكل ما هو مستطاع لتشغيل السد، لكن العودة الكاملة للجاهزية مرهونة بإجراء صيانة موسعة للعنفات وتأمين قطع الغيار، خصوصاً بعد تدمير وحرق مستودع التجهيزات الرئيسة بالكامل، ما تركنا مكتوفي الأيدي”.
واختتم الإداري في سد تشرين “مصطفى عبد الرحمن” حديثه: “على جميع الجهات الفاعلة في سوريا بالاستمرار في مبادرة قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، في تحييد سد تشرين عن كل النزاعات والأعمال القتالية، والحفاظ عليه كمَعلم وطني يخدم جميع المواطنين، فسوريا اليوم بحاجة إلى تكاتف الجميع لبناء وطن يليق بتضحيات أبنائها”.
الأهمية الاقتصاديّة للسد
ويقع سد تشرين في موقع يُعرف باسم “يوسف باشا” ويبعد عن مدينة حلب /115/ كم وعن الحدود التركيّة /80/ كم، وعلى بعد /28/ كم جنوب مدينة منبج، وذلك في الجزء الشماليّ من الهضبة السوريّة على نهر الفرات في منطقة تتراوح مناسيبها بين /400-600/م عن سطح البحر، ويبلغ طول السد 900م، ويبلغ حجم تخزين الماء في البحيرة خلفه نحو 1.9 مليار م3.
تحتوي المحطة الكهرومائيّة ست مجموعات توليد من نوع كابلان مع متمماتها استطاعة كل منها /105/ ميغا واط وباستطاعة إجماليّة للمحطة /630/ ميغا واط، والضاغط الأعظميّ لعمل المجموعات /30/ م والضاغط الأصغري /15.5/، والضاغط الاسميّ /26/م. ومن الأهداف الأساسيّة لإنشاء السد تنظيم تدفق المياه لري آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعيّة، ما يجعله عاملاً مهماً في الأمنِ الغذائي للمنطقة، وبدأ العمل ببناء السد عام 1991 واستغرق ثماني سنوات، ودخل الخدمة عام 1999.
بحيرة سد تشرين تغطي مساحة تُقدّر بنحو 160 كم2، عند امتلائها بالكامل، لتشكّل إحدى أكبر المسطحات المائيّة الاصطناعيّة في سوريا وهي مصدر مهمٌ لصيد الأسماك في المنطقة، كما تعدُّ أيضاً منطقة جذب سياحيّ طبيعيّة.