في عفرين… حصار قرى واعتقالات تعسفيّة

حلب/ رامان آزاد ـ انتهاكات واعتقالات بالجملة شهدتها مدينة عفرين والقرى والبلدات التابعة لها، في ظلِّ الانفلات الأمنيّ وفوضى السلاح، وتشجيع من سلطات الاحتلال التركيّ، وكان لافتاً ارتفاع عدد حالات الاعتقال والاختطاف خلال الأيام الأخيرة، وكذلك وقوع جرائم قتل، بالتوازي مع استمرار استهداف التاريخ ومحاولة محوه.

 اعتقالات تعسفيّة وحصار

شنَّ مرتزقة “الجبهة الشامية” التابعة للاحتلال التركيّ، الأحد 20/12/2020، حملة اعتقالات تعسفيّة طالت عشرات المدنيين في مركز ناحية موباتا/ معبطلي، وأُغلقت الطرق المؤدية إليه. وذكرت منظمة حقوق الإنسان في عفرين أسماء بعض المواطنين المختطفين وهم: (أحمد مصطفى بن حسين وثلاثة من أبنائه، محمد حسن حاج، أحمد حسن حاج، زهير شعبو، كاميران شعبو، محمد أحمد إبراهيم وابنه، محمد يوسف بن عارف واثنين من أبنائه). وقد تعرض الأشخاص الذين اعتقلوا للضربِ والشتمِ أمام عوائلهم بطريقة وُصفت بأنّها “وحشية”. وتأتي الحملة بعد استهدافِ سيارة المدعو أبو محمد الحزواني المتزعم في مرتزقة “الجبهة الشاميّة” بواسطة عبوة ناسفة لاصقة بسيارته، على أطراف ناحية معبطلي، الجمعة 18/12/2020.

 فيما فرض الحصار الكامل على قرية باصوفان وبعيه واعتقل عددٌ من المواطنين بسبب إصابة المدعو حمزة أبو زيد وهو متزعم في مرتزقة “فيلق الشام” بتاريخ 4/12/2020 بسبب لغم أرضي زرع على الطريق بين قريتي باصوفان وبعيه، وورد يوم السبت 19/12/2020 خبر وفاته في أحد المشافي التركيّة. وبحسب موقع عفرين بوست فالمدعو أبو زيد كان برفقة الضابط التركي القتيل “محمد آلتون” بالسيارة المستهدفة بتفجير اللغم.

 اعتقالات.. وسحل مواطن

ذكر موقع عفرين بوست بأنّ مرتزقة “الجبهة الشاميّة” شنّوا حملة اعتقالات واسعة الثلاثاء ٢٢/١٢/٢٠٢٠ في قريتي حسيه/ ميركان وشيتكا/ شيركان بعد محاصرتهما، وفيما لا تتوفر معلومات عما يجري بسبب إغلاق القريتين والتعتيم التام، فالمعلومات الأوليّة تشير لتعرض القريتين لانتهاكات فظيعة، وعُرف من المواطنين المختطفين (خليل حسني حمدي، فيصل حماليكو، نعسان سينو، عبدو كنج خميس من قرية حسيه إضافة إلى بانكين عارف عبدو مستكة من قرية شيتكا).

وذكر الموقع أنَّ المواطن خليل حسني حمدي اُختطف بطريقة شنيعة، إذ انهال المسلحون عليه ضرباً بالعصي، وربطوه بحبل خلف سيارة وسحلوه على طريق الزفت.

وفيما يتصل بترتيب الأحداث فإنَّ عربات عسكريّة وأخرى محملة بسلاح الدوشكا وصلت إلى القرية، مع عددٍ كبيرٍ من المرتزقة، بعضهم ملثمون، وداهموا المنازل واختطفوا عدداً من المواطنين ولم يتسنَّ معرفة عددهم، ونقل عن مصدر بالقرية قوله: “إنّهم يلقون القبض على المواطنين ويدفعونهم إلى السيارات”.

وتسود القرية حالة ترقب وقلق، فيما تُسمع أصوات أعيرة ناريّة متقطعة لترهيب المواطنين ومنعهم من الخروج من بيوتهم، وسط تعتيم إعلاميّ، ولا يتيسر معرفة ما يجري على الأرض، ويخشى من انتهاكات كبيرة في القرية.

من جهة ثانية تمر قرية كوندي حسيه/ ميركان بظروف صعبة منذ منتصف تشرين الثاني الماضي بسبب ارتفاع عدد الإصابات بفايروس كورونا، التي أدت إلى عدة حالات وفاة، ما استدعى فرض الحجر الكامل عليها، وهناك عدد من المصابين لم يتماثلوا للشفاء حتى تاريخه. وجاءت الحملة على خلفية عملية تفجير في بلدة موباتا/ المعبطلي.

التهمة تلقي حوالة

وكان مرتزقة “الجبهة الشامية” اقتحموا عصر الاثنين 21/12/2020، قريتي مستكا وأرنده بعد فرض طوق أمنيّ عليهما، وداهموا المنازل وفتشوها وقلبوها رأساً على عقب، واعتقلوا عدداً من المواطنين واعتدوا عليهم بالضرب ووجهوا لهم الإهانات اللفظيّة. ففي قرية مستكا اُعتقل خمسة مواطنين بتهمة أداء خدمة الدفاع الذاتي أيام الإدارة الذاتية السابقة، وهم: (أسد علو- زكريا علو- عبدين حسو- محمد حسو- هاوار سليمان) أما في قرية أرنده فقد اعتقل 11 مواطناً، عُرف منهم: (عكيد رشيد حسين، محمد محمد حسين، عبد الرحمن خليل مصطفى، إسماعيل محمد سيدو، عبد الرحمن حنيف حسين).

كما أقدم مرتزقة مسلحون، الأحد 20/12/2020 على اختطاف ثلاثة مواطنين كرد، هم: صلاح عبد الرحمن علو (33 عاماً)، مصطفى حنان علو (37 عاماً)، حبش أرسلان حبش (46 عاماً)، وذلك أثناء توجههم من قريتهم “ديكيه” إلى قرية “شيخ” المجاورة، لتقديم واجب العزاء بوفاة والدة زوجة صلاح علو أحد أقربائهم في القرية. ولا تتوفر معلومات عن جهة اقتيادهم، بحسب شبكة نشطاء عفرين.

واعتقل مسلحو مرتزقة الشرطة العسكرية بالتنسيق مع مرتزقة الحمزات أربعة مواطنين كرد بقرية كوليا جورن/ كوليان فوقاني، بتاريخ 1/12/2020 بتهمة تلقيهم حوالات ماليّة مرسلة إليهم من ذويهم المقيمين في مناطق الشهباء.

ووفقاً لمنظمة حقوق الإنسان – عفرين، اعتقل المواطن محمد صبري سليمان (28 عاماً)، رغم أنه متخلف عقلياً، واقتيد إلى سجن راجو بعد ضربه وتعذيبه بشكل وحشيّ، وأُفرج عنه بعد أربعة أيام ودفعه للفدية المالية مقدارها (1300) ليرة تركية إضافة لمبلغ الحوالة. علماً بأن “سليمان” سبق أن تعرضَ للاختطافِ في بداية احتلالِ منطقة عفرين وأُفرج عنه قبل نحو شهرين من تاريخ اعتقاله الأخير، فيما لم تُعرف أسماء بقية المعتقلين.

 بدون تهمة

ذكر موقع عفرين بوست بأن مرتزقة “الحمزات” في قرية موسكيه بناحية راجو اختطفوا يوم الأحد المواطنَين محمد علي وعماد خليل من أهالي كوندي دوريش بناحية راجو وسلموهما لمرتزقة الشرطة العسكريّة. دون تبيان سبب الاختطاف. ويذكر أن جيش الاحتلال التركيّ حوّلت قبل ثلاث سنوات قرية دوريش إلى قاعدة عسكريّة، وتمنع أهالي القرية الكرد من العودة إليها، ولذلك يقيم المواطنان (محمد علي وعماد خليل) في قرية موسكيه.

مقتل امرأة بظروف غامضة

ذكر موقع عفرين بوست أنه عُثر قبل نحو أسبوع على جثة المواطنة “نادرة درمش” من الشعب العربي، في منزلها الكائن خلف مدرسة الريفية بحي عفرين القديمة، ولا تتوفر معلومات حول أسباب وظروف قتلها، والمغدورة “نادرة” لديها طفلتان وتقيم وحدها، وزوجها مهجّر ويقيم في حلب.

 قتل بدافع الشرف

وشهد حي عفرين القديمة يوم الاثنين 21/12/2020، حادث مقتل المدعو “جاسم العواد /أبو خالد” وهو متزعم في مرتزقة “لسلطان مراد” على يد أحد عناصره بسبب محاولته استغلال وضع زوجة شقيقه المعتقل، وممارسة الرذيلة معها رغم تحذيره لعدة مرات. وقال المسلح المدعو “هشام” المنحدر من الغوطة الشرقيّة في مقطع مصور بعد تسليم نفسه لمرتزقة “الشرطة” ونشرته قناة إعلامية موالية للاحتلال التركي، أن المدعو “أبو خالد” يتزعم الكتيبة التي ينتمي إليها، وكان يتردد على منزل زوجة شقيقه، بحجّة الاطمئنان عليهم، وأنَّ “أبو خالد” ارتبك عندما التقاه على باب المنزل وبادر لإطلاق الرصاص عليهم ما أدّى لإصابة خالته، فأخرج سلاحه وأرداه قتيلاً.

الروايات تعددت حول الحادث وقالت إحداها إن المرأة هي زوجة العنصر نفسه، وقيل إنّ القياديّ حاول طرد المرأة من المنزل الذي تسكنه وأطلق القتيل النار على المرأة فتدخل العنصر وأرداه قتيلاً.

إحصاء شامل تمهيداً للاستيلاء

أفادت مصادر محلية من داخل عفرين بأنّ المكتب الاقتصاديّ التابع لمرتزقة الحمزات الذي يديره المدعو أبو إسحاق أصدر أوامر بإجراء عملية إحصاء شاملة لكامل ممتلكات المواطنين الكرد المهجّرين قسراً بقرية ماراته/ معراته، تمهيداً للاستيلاء عليها واستثمارها، بذريعة تعامل أصحابها مع الإدارة الذاتية سابقاً، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين.

 إطــلاق نــار على مواطن كرديّ رفض دفــع الإتاوة

ذكرت منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين بأن مجموعة مسلحة من مرتزقة “الوقاص” المسيطرة على قرية مروانية تحتاني بناحية شيه/ شيخ الحديد، يتزعمهم المدعو أبو زهير طالبوا المواطن خليل سويدان بن حسين (47 عاماً) بدفع إتاوة ماليّة فرضتها عليه المرتزقة، إلا أنه رفض، ما أدّى لمشادةٍ كلاميّة حادة، أطلق على إثرها المدعو أبو زهير ثلاث طلقات من بندقيته الحربيّة على المواطن خليل، فأصابت إحداها صدره والثانية في قدمه. وعلى الفور أسعفه المسلحون إلى مشفى مارع، كون المدعو أبو زهير والمسؤول الأمنيّ المدعو أبو رشيد ينحدران من ناحية مارع، وكذلك تغيير تفاصيل الجريمة وحيثياتها.

 اختــطاف بظــروف غــامضة

اختطفت مجموعة مسلحة من المرتزقة المواطن الكردي صلاح عبدو من أهالي قرية كرزيليه/ قرزيحل التابعة لمركز مدينة عفرين خلال وجوده في مدينة إعزاز برفقة شقيقته، إذ تم إيقافه واختطافه والاستيلاء على سيارته الخاصة ماركة مازدا واقتياده لجهة مجهولة وتُركت شقيقته في الشارع، ولا زال مصيره مجهولاً حتى الآن، منذ تاريخ الاختطاف قبل نحو 3 أسابيع، أي في بداية الشهر الحالي.

افتتاح مشفى للأطفال في بناء مستولى عليه بتمويل قطريّ

افتتح الخميس 17/12/2020 مستشفى تخصصي بأمراض الأطفال، في مدينة عفرين يقع على طريق “ترندة”، مفرق مقلع ترمانيني – قبل بناية الحكيم بحي الأشرفية. وتعود ملكية بناء المشفى إلى أبناء المرحوم /عثمان آغا/، من أهالي قرية جلبريه. وكانت ميليشيا “الجبهة الشامية” تستولي عليه، ومن بعدها سيطر عليها مسلحون من الغوطة الشرقية وافتتحوا فيها روضة للأطفال، ليتحول أخيراً إلى مشفى للأطفال برعاية قطرية – تركية. ويذكر أن مالكي المشفى وهم من المواطنين الكرد أبناء (عثمان آغا) تقدموا بشكوى لدى لجنة ما يسمى “رد الحقوق” وطالبوا بتسليمهم البناء إلا أنّها رفضت ذلك.

تتريك الحاضر وعثمنة التاريخ…

خلال الأيام الأخيرة تمَّ تداولُ صورٍ جديدةٍ لموقعِ النبي هوري (سيروس) الأثريّ، وكان محورَ الاهتمام التغييرُ الذي طرأ على المكانِ من حيث أعمالِ الترميمِ والمنشآتِ التي أقيمت والمسجد… ولكن أحداً لم يسأل عن توقيتِ نشرِ هذه الصور، وأنّها صور موحدة، لماذا الآن؟ رغم أنّ أعمالَ الترميمِ بدأت قبل نحو عامين، ففي 15/5/2020 أعلنت مديرية أوقاف ولاية “هاتاي” التركيّة، ترميمَ مقام “النبي هوري” الأثريّ، ومسجد عمر بن الخطاب، وقال مدير أوقاف هاتاي، أوميت غوكهان جيجك، في مؤتمر صحفيّ: “المديرية العامة للأوقاف تُولي أهميةً كبيرةً لترميمِ وإحياءِ الآثارِ التي خلّفها الأجدادُ في سوريا”.

فالمطلوبُ من خلال أعمال الترميم إضفاء سماتٍ عثمانيّةٍ على المكانِ ومحو أيّ أثرٍ لأيّ ثقافةٍ أخرى، وتغييرُ الدلالةِ التاريخيّةِ، وهذا ما يُخرجُ أعمالَ الترميمِ عن مسارها، فالترميمُ هو صيانةٌ للآثارِ وليس تغييراً لدلالتها.

موقعُ النبي هوري شهد الكثيرَ من أعمالِ التنقيبِ والبحثِ عن اللُقى والقطعِ الأثريّة من قبلِ مرتزقة الاحتلال التركيّ، وبعد أعمال البحث تم تجريف التربةِ على مساحة تعادل 60 هكتاراً (بقطر 2 كم) وهي مساحةٌ كبيرةٌ، وبذلك ضاع الشكلِ الخارجيّ ومظاهر المكانِ تماماً.

وإذا كانت الأعمالُ الإنشائيّةُ والمسجدُ أُضافت شيئاً للمكان، فالسؤالَ الأهمَّ ماذا أُخذ منه بالمقابل؟ فهناك لوحات فسيفساء كبيرة أُخرجت منه ولقى وقطع أثريّة، وباختصار سُرق التاريخ.

الاحتلالُ التركيّ لعفرين لا يقتصر على السيطرة على الأرض وتتريك الحاضر، بل “عثمنة التاريخ” بالتوازي مع التهجير والتغيير الديمغرافيّ واستباحة خيراتِ المنطقةِ والتضييقِ على الأهالي… ومع إطالة مدة الاحتلال ستكون الآثار عميقة جداً.

اجتماع تركيّ مع متزعمي مرتزقة بعفرين

ذكر موقع عفرين بوست أن اجتماعاً عقد الاثنين 21/12/2020 في مبنى السرايا القديم/ المجلس التشريعيّ لمقاطعة عفرين سابقاً، ضمَّ ضباطاً من جيش الاحتلال التركي ومتزعمي المرتزقة، وسط انتشار كثيف لمسلحي مرتزقة “الشرطة المدنيّة” داخل المدينة. وحضر الاجتماع متزعمو مرتزقة (الجبهة الشامية والسلطان مراد وجيش الإسلام وأحرار الشرقية)، وسبق الاجتماع انتشار كثيف لعناصر مرتزقة الشرطة العسكريّة في شوارع المدينة وأقيمت حواجز في دوار كازا والأوتوستراد الغربي دوار القبان، وجرى تفتيش السيارات.

يُذكر أنّ سلطات الاحتلال التركيّ سبق أن استدعت متزعمي لما قالوا عنهم قادة في “الجيش الوطنيّ” لحضور اجتماعٍ في أنقرة بتاريخ 28/11/2020 كما حضر الاجتماع إعلاميون، وتمت خلاله مناقشة خطة العدوان على عين عيسى، وأن تتخذ كامل التحضيرات، دون تحديد موعدٍ لبدء العملية العسكريّة. وفيما بعد نقلت سلطات الاحتلال أرتالاً من مرتزقة “الجبهة الشامية وجيش الإسلام”، عبر معبر باب السلامة الحدوديّ، إلى المناطق المحتلة في محيط ناحية عين عيسى، التي تشهد معارك بين مرتزقة الاحتلال التركي وقوات سوريا الديمقراطية المُدافعة عن الناحية.