No Result
View All Result
المشاهدات 0
هيفيدار خالد-
“الجمالُ ليسَ جمالَ المظهرِ والشَّكل إنَّما جمالُ العقلِ والنَّفس”، مقولةٌ كانتْ مشهورةً في فترة من فترات حياتنا، إلَّا أنَّها أصبحتْ – اليوم – من الماضي، فمَعَ تطوُّرِ التكنولوجيا الحديثة ودخولِ البشريَّة مرحلةً جديدةً من التقدّم والعلم، تغيَّرتْ مفاهيمُ الجمال لدى الإنسان وخاصَّةً بعدَ أن انتشرتْ بكثرة ظاهرةُ الإقبالِ على عمليَّات التجميل أو جراحةِ التَّجميل وبشكلٍ خاصٍّ من قِبَلِ النِّساء، يتركْنَ وراءهُنَّ المفاهيمَ والمبادئَ التي كانَ الفردُ يتَّخذُ منها مدرجاً له في الحياة.
هذه الظاهرةُ لها أضرارُها الكبيرةُ والكثيرةُ على صِحَّة الإنسان من النواحي كافَّة، سواءٌ أكانَ ذلكَ من النَّاحية الصِّحِّيَّة أو من الناحية النَّفسية؛ لأنَّ عدمَ نجاحِ العمليَّة أحياناً لدى البعض، رُبَّما يُؤثِّر سَلْباً على صحَّته ونفسيَّته؛ إلَّا أنَّ كُلَّ هذا لا يَثني العديدَ من الأشخاص أو الأفراد عن القيامِ بمثلِ هذه العمليات التي باتَ الترويج لها من الأهدافِ الأساسيَّة لبعضِ المواقعِ والشبكات الإعلامية التي تفتقدُ لأبسطِ معاييرِ ومبادئِ العمل الصُّحُفيِّ في وقتنا الراهن وتستهدف قِيَمَ الشُّعوبِ الأصلية.
في مُعظمِ الأحيان نرى أنَّ بعضَ الأشخاص يقومون بإجراء عمليَّاتٍ لأسبابٍ موضوعيَّةٍ للتخلص من العيوب الخلقيَّة أو تغييرِ تشويهٍ أصابَ المريضةَ بسبب حادث ما، ولكنْ هناك النِّساءُ اللَّاتي يُقبِلْنَ على الجراحة لمُجرَّد أن يتشبَّهنَ بالفنَّانات، الأمرُ تحوَّل إلى موضةٍ بين الميسورات ماديَّاً وإلى تجارةٍ رابحةٍ بالنسبة إلى جرَّاحِي التجميل الَّذين يبيعون الوَهْم للنِّساء تحت مُسمَّى الجَمال.
فنرى العديدَ من النِّساء يدفعنَ مبالغَ ماليَّةً كبيرة من أجل الحصول على شكلٍ أو مظهر جديد لهُنَّ، رغمَ أنَّ ظروفهُنَّ الماليَّةَ لا تسمح لهن بذلك، إلَّا أن الهَوَسَ بالصورة المثالية باتْ يُرهِقُ العديد من الفتيات في العصر الحالي. الأمرُ الذي لفت انتباهي وجعلني أبادرُ إلى كتابة هذا المقال وعن هذا الموضوع بالذات، أثناء قراءتي لمقال عن هذا الموضوع قبل أسبوع، المقالُ يتناول كيفيَّة قيام الرجال بدفع أزواجهن للقيام بعمليَّات التجميل، حتى وصلَ الأمر لبعضِ الأزواج بحسب المقال، إلى تهديد زوجاتهم بالزواج عليهن من أُخرى إن لم يمتثلنَ لرغباتِهم في إجراء الجراحة التي يريدونها، وذلك التهديد يُعتبرُ إجباراً معنوياً للزوجات.
من هنا نستخلص أمراً واحداً فقط هو أنَّ الرجلَ الشرقيَّ الأوسطيَّ لا يرى في المرأة إلا الجسد فقط، ولا يقبلُ منها أيَّ ردٍّ على ما يفرضُهُ عليها ويجب عليها أن ترضَخَ لكلِّ أمرٍ يُفرَضُ عليها حتى وإن كان يعاكسُ إرادتها، غيرَ مقتنعٍ بأنَّ المرأةَ تشاركُهُ التفكيرَ والنِّقاش الموضوعيَّ وإبداء رأيها في مثل هذه الأمور الشخصية، وخاصَّة مع أفراد آخرين.
ونرى في بعض الأحيان إذا ما حاول أحدُ الرِّجال مواجهةَ العاداتِ والتقاليدِ التي تُفرَضُ على المرأة ومحاولة احترامِ حقوق المرأة وإيلاء أهميَّةٍ لدورها في المجتمع؛ فإنَّه يجدُ نفسَه أمامَ محاسبة قاسية من قِبَلِ الذهنية الذكورية بأسوأ الألفاظ.
من هنا نستخلص أمراً واحداً فقط أنَّ عصرَ أخلاقِ وطيبةِ القلب وجمالِ العقل لدى الإنسان ولَّى بل أصبحَ معيارُ الجمال الزائف هو سيّدُ الموقفِ ووحدة المعيارُ الأساسي للحكم على الإنسان والتعامل معه وإقامة صداقة معه، وليس جمال القلب والعقل.
No Result
View All Result