محفوظ رشيد: “تركيا تفتعل الحروب الخارجية للتغطية على أزماتها الداخلية”

أشار الكاتب والسياسي المستقل محفوظ رشيد بأن غاية تركيا من التدخّل في الأزمة القائمة بين أذربيجان وأرمينيا هي ابتزاز روسيا للمقايضة على مناطق أخرى كخفض التصعيد في سوريا وليبيا، وأشار إلى أن تورط تركيا في العديد من الأزمات والمناطق، سيجعلها عاجزة عن التقدم في كافة الجبهات ومواجهة كل الأطراف في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية داخلياً.

وأكد بأن أبرز أسباب إطالة أمد الحوارات بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية والتأخير عن إعلان الاتفاق بينهما هو الضغوط التركية؛ لأن التوافق الكردي المنشود سيقوي الإدارة الذاتية القائمة، ويزيد من حصانتها ومقاومتها في وجه التدخلات الخارجية وبخاصة التركية.

وبيّن بأن تقارير الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة الصادرة مؤخراً بشأن تزايد الانتهاكات والجرائم في المناطق الكردية التي تغتصبها مرتزقة تركيا من المرتزقة بتخطيط ودعم الأجهزة الأمنية التركية المحتلة، وكذلك تمديد قانون الطوارئ لمدة عام من قبل الإدارة الأمريكية، إشارات واضحة على جدية الحلفاء بقيادة أمريكا في حماية مناطق الإدارة الذاتية من أي عدوان تركي مرتقب.

جاء ذلك في حوارٍ أجرته آدار برس معه وهذا نصه:

ـ تركيا لا زالت ترسل المرتزقة إلى أذربيجان للقتال ضد أرمينيا، والمجتمع الدولي صامت، برأيكم متى سيتحرك المجتمع الدولي بعد كل هذا التمادي التركي شمالاً وجنوباً كما يُقال؟

الحرب الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم  ناغورني – قره باغ (كردستان الحمراء) تقع ضمن منطقة النفوذ والأمن الروسيين الاستراتيجية، ولن تسمح روسيا بتوغل تركيا في القوقاز، والتمدد إلى ما ورائها، وهذه النقطة الأخيرة تتفق مع الغرب (أمريكا وأوروبا) عليها. وقد استبعدتها روسيا فعلياً من لعب أي دور مشارك لها بالرغم من تدخل تركيا المباشر من خلال إرسال مرتزقتها التابعين للائتلاف السوري؛ الأمر الذي غضت روسيا الطرف عنه لتأديب حليفتها أرمينيا (عبر تقدم محدود) التي اتجهت نحو الغرب منذ تسلم رئيسها الحالي بالرغم من ارتباطهما باتفاقية الدفاع المشترك عبر الكومنولث. لذلك؛ فالمتوقع أن روسيا ستقوم باحتواء الأزمة القائمة دون حسم نهائي، رغم محاولات تركيا لتفجيرها؛ لأن الملف معقد، فمصالح الدول متشابكة ومتضاربة بين طرفي الصراع، فأي تصعيد سيؤدي إلى تصادم مباشر بين روسيا وحلف الناتو وهذا ما لا يرغبان به.

ـ وقف إطلاق النار الهش الحاصل بين أرمينيا وأذربيجان لن يطول كما يقول المحللون؛ إضافة إلى الوقائع، هل تتوقعون وقوف روسيا إلى جانب أرمينيا في حال تطور الصراع أكثر مما يحصل؟

غاية تركيا من التدخّل بالأساس هي ابتزاز روسيا للمقايضة على مناطق أخرى كخفض التصعيد في سوريا وليبيا، بالمقابل؛ فإن روسيا لن تفرط بأذربيجان إحدى روافدها الاقتصادية وأرمينيا المسيحية وخاصرتها الأمنية.

ـ يقول البعض إنها حربٌ باردة بين الروس والأتراك سواءً في سوريا أو ليبيا، أو أرمينيا وأذربيجان الآن، كيف تتوقعون نهاية هذه الحرب وهل يمكن أن تتطور أكثر؟

تركيا الساعية لاستعادة أمجادها العثمانية، كي تصبح لاعباً كبيراً ورئيسياً على الساحة الدولية، تحاول تفجير القضايا الموقوتة والحساسة لرفع الغطاء عن الصفقات والعلاقات المتعارضة والمتضاربة للدول العظمى، متذرعة بمكافحة الإرهاب تارة والدفاع عن الإسلام والأمة التركية تارة أخرى، مستغلة عضويتها في حلف الناتو وعلاقاتها المميزة مع إسرائيل الممثلة للدولة العميقة في العالم. لكن؛ تورطها في العديد من الأزمات والمناطق، سيجعلها عاجزة عن التقدم في كافة الجبهات ومواجهة كل الأطراف في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية داخلياً. لذلك؛ ستسعى إلى استمرار سياساتها القائمة ببرود وبطء رهاناً على كسب الوقت والتغيرات التي تتأملها على الصعيد الدولي.

ـ على صعيد التوافق الكردي – الكردي، يتساءل المجتمع الكردي عن سبب تأخر الإعلان عن مجريات الحوار ونتائجه، كيف تقرؤون ذلك؟

الملف الكردي بشكل عام؛ والكردي السوري بشكل خاص، يحتل الصدارة في السياسة التركية التي تسعى بكل الوسائل والأساليب لتحجيمه أو إغلاقه أو نسفه، فأبرز أسباب إطالة أمد الحوارات بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية والتأخير عن إعلان الاتفاق بينهما الضغوط التركية المستمرة، كما أن الدولة الراعية والمشرفة على الحوارات هي المسؤولة عن سيرها وتحديد توقيتاتها وجولاتها ونهاياتها.

ـ هل يمكن أن يقف التوافق الكردي – الكردي سداً أمام المطامع التركية في شمال وشرق سوريا، وهل مصير شمال وشرق سوريا مرتبط بهذا التوافق؟

التوافق الكردي المنشود سيقوي الإدارة الذاتية القائمة، ويزيد من حصانتها ومقاومتها في وجه التدخلات الخارجية وبخاصة التركية، إلى جانب تصريحات أمريكا بالرد السريع على أي خرق لاتفاق الحملة التركية العسكرية المسماة ظلماً بـ “نبع السلام” بعد احتلالها لسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض).

ـ هناك من يشكك في تمديد قانون الطوارئ الذي أعلنته أمريكا مؤخراً في سوريا، رغم الحديث عن أنه سيمنع أي عدوان تركي على شمال وشرق سوريا، كيف تقرؤون ذلك؟

إن تقارير الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة الصادرة مؤخراً بشأن تزايد الانتهاكات والجرائم في المناطق الكردية التي تغتصبها مرتزقة تركيا من المرتزقة بتخطيط ودعم الأجهزة الأمنية التركية المحتلة، وكذلك تمديد قانون الطوارئ لمدة عام من قبل الإدارة الأمريكية، إشارات واضحة على جدية الحلفاء بقيادة أمريكا في حماية مناطق الإدارة الذاتية من أي عدوان تركي مرتقب.