عبد السلام أحمد: “شمال وشرق سوريا مثال حي للعيش المشترك وأخوة الشعوب”

حوار/ إيفا ابراهيم –

أكد ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في لبنان المحامي عبد السلام أحمد، بأن القوى الإقليمية والدولية لا تريد إنهاء الأزمة في سوريا، بل جعلها ساحة لتصفية الحسابات وعقد الصفقات على حساب الدم السوري. وأشار إلى أن على قادة الأحزاب الكردية تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية في الحوارات التي تجري؛ وذلك لتشكيل مرجعية كردية تقود دفة السفينة في هذه المرحلة.

ولمعرفة المزيد حول هذه المواضيع؛ أجرت صحيفتنا معه الحوار التالي:

ـ كيف يسير عملكم في لبنان بمجال العلاقات بينكم وبين الحكومة اللبنانية؟

تعقيدات التركيبة السياسيّة في لبنان المبني على أساس المحاصصة الطائفية، والأزمة التي تعيشها البلاد على كل المستويات وتأثيرات دول الجوار الإقليمي، الذي يرفض مشروع الادارة الذاتية “ايران، تركيا، سوريا”، تفرض شكلاً من العلاقات لا يرتقى إلى المستوى المطلوب، كما يتوجب في الحالات الطبيعية، وهي تتمحور في إطار التعارف وتبادل المعلومات، واللقاء مع ممثلي القوى السياسيّة والفعاليات الثقافيّة والاجتماعيّة ووسائل الإعلام، وتسيير أمور وشؤون اللاجئين والعاملين الكرد وسكّان شمال وشرق سوريا في لبنان.

ـ هلا تحدثتم عن العلاقة بين الشعب اللبناني وشعوب شمال وشرق سوريا؟

الوجود الكردي في لبنان الموثق من قبل المؤرخين يعود للعهد الأيوبي، ومن المعلوم بأن الأسرة الأيوبية سكنت في البداية بـ بعلبك، واعتمد صلاح الدين الأيوبي على العشائر والعائلات الكردية في حروبه مع الصليبيين، وسكن أبناء هذه العشائر والعائلات في المناطق التي امتد إليها سلطانه، وأقام من أتى بعده من أبنائه وأخوته وأبنائهم إمارات وممالك في هذه الأصقاع، ودام حكمهم لسنوات، ولا زالت بعض العوائل تعتز بأصولها الكردية كالأيوبيين وآل حمية، وآل سيفا، كما جاء البعض في العهد العثماني كجنود وموظفين وباشوات، وفي بداية القرن العشرين بعد انهيار الثورات الكردية، التجأ العديد منهم إلى لبنان، وغادر القسم الأكبر إلى أوروبا أثناء الحرب الأهلية، وحصل قسم منهم على الجنسية اللبنانية، إلا أنه لا يعترف بهم دستورياً، وهم محسوبين في القوائم الانتخابية على الطائفة السنية.

ولم ينقطع الكرد عن لبنان أكان بقصد الدراسة أو العمل، وتتواجد اليوم جالية كردية من مناطق شمال شرق سوريا في لبنان ويزداد عددها وتتقلص حسب الظروف. لذلك؛ يصعب إعطاء رقم دقيق عن عددهم والذي يقدر بالآلاف، فيحظى أبناء الشعب الكردي هنا بالتقدير والاحترام من قبل كل فئات وشرائح الشعب اللبناني وقواه السياسيّة.

ـ تركيا تحاول التدخل بالشأن اللبناني عبر عملائها ومرتزقتها، ما الهدف التركي من ذلك؟

التركيبة الاجتماعية اللبنانية الطائفية التي تتشكل من السنة والشيعة والدروز والمسيحيين بمختلف طوائفهم، فرضت اعتماد هذه الطوائف على الدول الإقليمية، التي تحمل مشاريع عابرة للحدود، وتجعل من نفسها وصية وحامية لهذه الطوائف، ولعل الأبرز في ذلك الدعم الذي تقدمها جمهورية إيران للطائفة الشيعية في لبنان، وبموازاة ذلك هناك نشاط تركي ملحوظ في الحواضر السنية، كمدينة طرابلس وعكار وصيدا ووسط بيروت، وأصبح حديث الصالونات السياسيّة دعم حكومة العدالة والتنمية التركي للقوى الإسلامية السلفية في لبنان، تحت ستار الجمعيات الخيرية كجمعية “تيكا وإي ها ها”، ويتم منح الجنسية لمن يدعي بأنه من أصول تركية، وتعد الساحة اللبنانية من ضمن أهداف المشروع التركي العدواني التوسعي.

ـ حل الأزمة السورية يتطلب حلاً سياسياً، ما سبل الوصول للحل في سوريا؟

لا بديل عن الحوار بين أطراف الصراع في سوريا للخروج من النفق المظلم الذي دخلته البلاد، والاستناد لقرارات الشرعية الدولية في هذا الشأن، والمراهنة على الخيار العسكري من قبل النظام السوري والدولة التركية والفصائل الإرهابية التي تأتمر بأوامر الجيش التركي المحتل لن يجلب غير المزيد من سفك الدماء والخراب، وما يجري في سوريا، فإن القوى الإقليمية والدولية لا تريد إنهاء الأزمة، بل جعلها ساحة لتصفية الحسابات وعقد الصفقات على حساب الدم السوري.

ـ هل سينجح الحوار الكردي ـ الكردي في تحقيق وحدة الصف الكردي، وما هي رؤيتكم لمستقبل هذا الحوار؟

الأخطار المحدقة بالمنطقة وحجم التحديات التي تواجهنا من أجل ضمان مشروع الإدارة الذاتية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت، يستوجب على قادة الأحزاب تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية في الحوارات التي تجري؛ وذلك لتشكيل مرجعية كردية تقود دفة السفينة في هذه المرحلة، التي يعاد فيها رسم خرائط جديدة للمنطقة، ونأمل أن يتم إشراك جميع القوى والشخصيات الوطنية في هذه الحوارات، ويتم تجاوز العقبات التي تعترض التوافق.

ـ لمن توجهون كلمتكم الأخيرة؟

 نشكركم على ما تبذله هيئة تحرير الصحيفة من جهود في نشر الوعي وترسيخ ثقافة العيش المشترك في المنطقة، لنا كل الأمل بأن شعبها سيصبح مثالاً لأخوة الشعوب.