صبري نبو: “الصمت والتآمر الدولي هو الذي شجعَ أردوغان على احتلالِ الأراضي السوريّة”

 حاوره/ حسام اسماعيل –

يعمل النظام التركي الحالي بقيادة أردوغان للقضاء على الحركات التحررية للشعوب السوريّة، والعمل مع الدول المتآمرة لتحقيق مآربه التي تتلخص في الهيمنة، واحتلال المزيد من الأراضي السوريّة؛ بحجج وذرائع واهية، وبتواطؤ فاضح من قِبل المجتمع الدولي، ويتزامن تنفيذ المؤامرات والعدوان التركي مع كل انتفاضة شعبية أو حركة تحرريَّة تقوم بها الشعوب الحرة بوجه الطغاة والمُحتلين.

وبهذا الصدد أجرت صحيفتنا حواراً مع نائب الرئاسة المشتركة لمقاطعة تل أبيض/ كري سبي صبري نبو بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للعدوان التركي الأخير على مناطق شمال وشرق سوريا، والذي يصادف أيضاً ذكرى المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان. حيث قال: “الدولة التركية لم تختر توقيت الهجوم على سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) بشكل اعتباطي، فتشرين الأول الشهر الذي تشكل في خيوط المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان، وهو يمثل رمزية لإلهام الشعوب الحرة، وهو مؤسس فكر العيش المشترك”.

وأشار إلى أن النظام التركي يعمل على خلق الفوضى والنعرات الطائفية واللعب على وتر الدين لتكريس حالة عدم الاستقرار في المنطقة من خلال أدواته ومرتزقته، وأن على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته بالضغط على المحتل التركي ومرتزقته وإخراجهم من المدن والمناطق المحتلة في شمال وشرق سوريا.

وإليكم نص الحوار:

ـ بدايةً لماذا اختار النظام التركي المحتل شهر (تشرين الأول) لتنفيذ العدوان التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، ولماذا يسعى لمعادة أي حركة تحررية تقودها الشعوب الحرة في المنطقة؟

الدول التركية المحتلة لم تختر هذا التوقيت بشكل عبثي حيث إن شهر تشرين الأول هو بداية المؤامرة الدولية التي أفضت لاعتقال القائد عبد الله أوجلان، وما يمثله هذا القائد من رمزيَّة؛ كونه ملهم الشعوب الحرة التي تُنشِد العيش بسلام وحرية. طبعاً القائد عبد أوجلان هو المؤسس لفكر العيش المشترك، ووضع أيديولوجية تحررية لكافة الشعوب الحرة التي تريد العيش بكرامة كما قلنا، وترسيخ فكر أيديولوجي ناضج يحقق السلام الدائم، والشامل لكافة شعوب العالم. لذلك؛ القائد من خلال هذا الفكر كان يحمل مفتاحاً لحل كافة القضايا العالمية والدولية التي ترتكز بشكل أساسي في منطقة الشرق الأوسط، وتعاني من تبعاتها الشعوب القاطنة ضمن هذه الجغرافية.

كان استهداف القائد عبد الله أوجلان، والعمل على حياكة خيوط المؤامرة الدولية لاعتقاله، لذلك لم يريدوا حل المشاكل، بل أرادوا تعميقها، وترسيخ مبدأ التفرقة والعنصرية والطائفية والتعصب، والعمل على نشره في صفوف الشعوب، والبدء بسياسة ومخططات ليست بالجديدة عموماً، ولكنها متلونة تتناسب مع الوقت، والعصر لتخدم مصالح الهيمنة والاحتلال.

ومع بداية المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان أراد النظام التركي خلق أزمة أو مشكلة مع سوريا آنذاك بحجة وجود القائد في سوريا، البدء بتحشيد القوات العسكرية على الحدود التركية (للبدء بغزو سوريا)، وكان خيار القائد عبد الله أوجلان هو الخروج من سوريا إلى دولة أخرى لمنع اندلاع حرب في المنطقة بهذه الذريعة، باختصار الأنظمة التركية المتعاقبة كانت تختلق الحجج والأكاذيب لتنفيذ مخططاتها الاحتلالية على الأراضي السورية، وقضم المزيد من الأراضي السورية، وتوسيع نفوذها في المنطقة.

كما أن النظام التركي بدأ بإطلاق تصريحات، وتهديدات بمواصلة عدوانه الأخير على مناطق شمال وشرق سوريا، والذي شنه في التاسع من شهر تشرين الأول من العام المنصرم، والعمل على القضاء على المشروع الديمقراطي الذي اختارته الشعوب الحرة خياراً لها في نضالها التحرري ضد أي عدو يعمل في القضاء على فكر العيش المشترك والسلام المبني على أسس ديمقراطية.

ـ ما هي خطورة تواجد نظام في المنطقة يُعادي الفكر الديمقراطي والشعوب الحرة متمثلاً بالنظام التركي؟

منذ البداية عمل النظام التركي على خلق حالة من الفوضى، وتغذية النعرات الطائفية، واللعب على الوتر الديني وخلق داعش وتقديم شتى أنواع الدعم لتنفيذ مخططاته في المنطقة من خلال القتل والتدمير، وارتكاب الجرائم، إضافة إلى التمييز وتهجير السكان الأصليين، وبث الجهل وتكريس حالة عدم الاستقرار في المنطقة، من خلال أدواته، ومرتزقته.

النظام التركي يعمل على رسم حدود هيمنته من (لواء إسكندون) المحتل سابقاً مروراً بإدلب وعفرين والباب، ووصولاً إلى المناطق التي احتلها خلال عدوانه الأخير في كل من رأس العين (سري كانيه)، وتل أبيض (كري سبي). لذلك؛ حتى لو لم تكن هنالك ذرائع فالنظام التركي هو الذي يخلقها لتنفيذ تلك المخططات الخبيثة والاستعمارية والتوسعية.

أعتقد أن النظام التركي الحالي بقيادة أردوغان يهدد السلم والأمن الدوليين؛ لأنَّ الشعوب لن تقف مكتوفة الأيدي بمواجهة هذه المخططات، وستعمل على إفشالها، وشاهدنا بأم أعيننا عندما انكشف الغطاء، وبشكل فاضح عن النظام التركي الذي يدعم أكبر تنظيم إرهابي في العالم (داعش)، وكيف استطاعت الشعوب المتكاتفة ضمن هيكلية قوات سوريا الديمقراطية القضاء على هؤلاء المرتزقة وصولاً لأخر معاقله في ريف دير الزور الشرقي، والحدود العراقية ـ السورية.

ـ ما مسؤوليات المجتمع الدولي وواجباته لإحلال السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط؟

حتى الآن لم يتحرك المجتمع الدولي تجاه الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها في المناطق المحتلة، بالرغم من وجود إدانة خجولة من قبله إلا أن هذا الأمر لا يكفي بصراحة لوقف العدوان الغاشم من قبل النظام التركي بقيادة أردوغان، كل ما يفعلونه هو مجرد كلام…!، ونحن اليوم بحاجة لتحرك دولي باتجاه وقف النظام التركي عن الاستمرار بالممارسات العبثية على مستوى الشرق الأوسط والعالم برمته، من خلال المحادثات والحوار والطرق الدبلوماسية أو التوجه إلى الخيارات العسكرية، وهذا ما أدركته معظم الدول الأوروبية في الوقت الحالي بعد تهديد النظام التركي لأمنها القومي والاستراتيجي، كفرنسا واليونان ومصر وغيرها من دول حوض المتوسط بحجة التنقيب عن الثروات الطبيعية كالنفط والغاز، لتغذية الآلة العسكرية التركية التي بدأت بالتدخّل في ليبيا، وإثارة حروب في القوقاز إلى جانب دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في كل أنحاء العالم.

ـ بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للعدوان التركي على مناطق شمال وشرق سوريا واحتلال مقاطعتي تل أبيض/ كري سبي ورأس العين/ سري كانيه، وما خَلّفه العدوان من أضرار جسيمة على الأصعدة كافة، أين المجتمع الدولي من كل ما يحدث في المناطق المحتلة؟

أعتقد أن ما خَلّفه العدوان التركي في المناطق المحتلة كافة؛ يجب أن يتحمل تبعاته المجتمع الدولي؛ بسبب صمته وإعطاء ضوء أخضر ضمنياً لتمادي الدولة التركية المحتلة، وترك المنطقة فريسة سهلة بيد النظام التركي بينما كانت شعوب شمال وشرق سوريا تناضل في سبيل تخليص العالم من أعتى تنظيم إرهابي (داعش)، تُركت الشعوب في مناطق رأس العين/ سري كانيه، وتل أبيض/ كري سبي لتلاقي مصيراً بشعاً على يد دولة الاحتلال التركي.

لهذا يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في هذا الإطار، والضغط على النظام التركي والمرتزقة التابعين له وانسحابهم من المناطق المحتلة بالسرعة القصوى لضمان عودة آمنة للمهجرين للعودة إلى مناطقهم وممتلكاتهم، وأرزاقهم التي خرجوا منها من دون وجه حق.

ـ في نهاية حوارنا كلمة أخيرة تودون التطرق لها:

ما أريد قوله في نهاية حوارنا هذا علينا أن نعول على تكاتف وتتعاضد شعوبنا بوجه أي عدوان أو أي خطر، وشاهدنا الملاحم التي سطّرتها شعوبنا بوجه الآلة العسكرية التركية، وكانت المعارك التي خاضتها الشعوب هي حروب مُشرّفة حقيقةً. لكن؛ التآمر الدولي هو ما يساعد للأسف على تأجيج الصراعات وتشجيع المحتل على التمادي بسبب التقاء المصالح الدولية، لكن هنالك دروس تاريخية تؤكد بأن استعادة الحقوق هو شيء حتمي مهما طال الزمن، وهذا ما تسعى إلى بلورته الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية والدفع باتجاه تشجيع الحوار والحل السياسي المبني على أرضية سليمة بين الأطراف كافة في سوريا، والتأسيس لدستور سوريا المستقبل، وضمان حقوق الشعوب السورية كافة ضمن الحدود الجغرافية لسوريا، إلى جانب العمل على استعادة المناطق المحتلة كافة، وترسيخ مبدأ الديمقراطية التعددية اللامركزية وتحقيق الازدهار والتقدم المنشود.