مع انتهاء توزيع القروض… انتعاش سوق العمل في الشهباء

تقرير/ باهوز أحمد –

روناهي/ الشهباء ـ بعد أربعة أشهر ونيف من التهجير القسري الذي عاناه أهالي عفرين، وتوجههم إلى مقاطعة الشهباء، تغيرت الأحوال واستقرت النفوس، وبات العمل والبحث الجاد عن مصادرَ للرزق تُعيلهم وتُبقيهم في هذه المنطقة التي تفتقر للخدمات ضرورة ملحة، والهدف من البقاء هنا هو الاستمرار بالمقاومة والمضي نحو تحرير عفرين التي يأمل العفرينيون أن تكون قريبة.

تخصيص ميزانية من أجل منح القروض

آلاف العائلات استفادت من مشروع القروض الذي أطلقته الإدارة الذاتية في بداية شهر نيسان الماضي، بقيمة إجمالية قدرها مليار دولار أمريكي؛ بهدف تنشيط الحركة التجارية وافتتاح مشاريع صناعية وحرفية بسيطة ومتوسطة، وبعد أشهر من العمل والتنظيم، توقَّف توزيع القروض العينية بضخ أكثر من 300 مليون ليرة سورية في سوق العمل، لكن كيف أثَّرت هذه القروض على الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع في الشهباء؟.
بحسب الإحصاءات التي حصلنا عليها من مركز التنمية الاقتصادية التي تشرف على عملية توزيع القروض، أن 825 قرضاً تم توزيعها إلى الآن، وهناك 250 طلباً قيد الدراسة، وهي طلبات مخصصة لناحية شيراوا التي لم تستفد بعد من القروض، وقاطني مخيمي سردام وبرخدان، وإن إجمالي القيمة المالية التي تم توزيعها هي 300 مليون ليرة سورية.

منح القروض وتوفير فرص العمل

هذا المبلغ الضخم، تم ضخه في سوق العمل بالشهباء، فمنْ استفاد منه؟
بالعودة إلى نوعية المشاريع التي تم افتتاحها، فهي تتوزع بين مشاريع متوسطة، ومعظمها ورشات لخياطة الألبسة ويقدر عددها بـ 15 ورشة تستوعب حوالي 400 عامل، أي أن نسبة 10% فقط من القروض الموزعة فتحت مجال العمل لأربعمائة عائلة نازحة.
وتشكل البسطات الصغيرة التي تعيل عوائل بسيطة لا تمتلك مهنة معينة أو حرفة صناعية، نسبة 40% من القروض الموزعة، وهذه البسطات غالبيتها كانت موجودة مسبقاً لكن تم توسيعها عبر منح القروض وزيادة البضائع، وحسب تصريح محمد علي صاحب بسطة مستفيد من القرض: «القرض أثَّر إيجاباً على نوعية وكمية البضائع التي أشتريها، ولكن نسبة الربح الصافي لدي بقيت محدودة مقارنة بالمبلغ المستثمر»، والسبب في ذلك هو انتشار البسطات بشكلٍ كبير في منطقة صغيرة، وغالبيتها تعتمد على السلع نفسِها مع تفاوتٍ بسيط في الأسعار.
والنسبة الباقية من القروض تم منحها، للمحلات التجارية من ألبسة ومواد غذائية ومواد أخرى، إضافة للصيدليات والحرف الصناعية والمهن اليدوية، إذ افتتحت في الآونة الأخيرة ورش عدة لصيانة السيارات وبالاختصاصات كافة، والتي أثرت بالإيجاب على الحالة المعيشية العامة وحركة الآليات، إضافة لتوفير قطع الغيار المتنوعة، ومن ناحية أخرى باتت معظم المتطلبات اليومية متاحة ومتوفرة في الشهباء، وبالتحديد في القرى التي يقطنها مهجرو عفرين.

مشاريع صغيرة سدت رمق المواطنين مؤقتاً

شيرزاد الذي كان بدون عمل لمدة ثلاثة أشهر، على الرغم من أنَّ مهنته الخياطة، قدَّم طلباً للحصول على القرض، وبالفعل حصل على نصف المبلغ الذي طلبه، وعمل على تفصيل براكية حديدية صغيرة معتمداً على الحديد المتهالك في المنازل المدمرة، وافتتح محلاً صغيراً لبيع ألبسة الأطفال والنساء، واليوم بات يستطيع تدبير الأمور المادية والمالية لعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص.
رمزي شيخ موس، منتج سابق، قام بافتتاح ورشة خياطة واليوم يعمل فيها 20 عاملاً، وكذلك يحيى محمد الذي حول بناءً مهجوراً إلى ورشة للخياطة في ببانس وتعيل هذه الورشة اليوم 15 عائلةً إضافة لثلاثة أخوة هم أصحاب المشروع.
ويقول الإداري في مركز التنمية الاقتصادية هيثم ملا: «إن الإدارة الذاتية طرحت فكرة تقديم القروض للشعب بدون فائدة وبدون شروط أو قيود، والهدف من كلِّ ذلك هو تنشيط التجارة والصناعة لتعود عجلة الحياة من جديد»، وعن آلية المراقبة والمتابعة يقول ملا: «إنَّ تقديم القرض يعتمد على موافقة الكومين والمجلس في المكان الذي يقطنه المقترض، ولكن هناك لجنة تعمل على تقييم المشروع المقدم ودراسته من حيث التكلفة والمبلغ الواجب إعطاؤُه، وهنا تتمُّ مراعاة مكان المشروع وحجمه ومدى العائلات التي يمكن أن تستفيد منه، (والأولوية هنا للمشاريع التي تُعيل أكبر عدد من العائلات)».

الحصار يحول دون تنفيذ مشاريع ضخمة

ونتيجة ظروف الحصار الذي تعانيه مقاطعة الشهباء، لا يستطيع العديد من المستثمرين افتتاح مشاريع كبيرة تستطيع توفير فرص عمل عدة، ولكن يتم الحديث اليوم عن فتح طرق تجارية تربط الشهباء بحلب، إذ تعتمد مقاطعة الشهباء اليوم في التبادل التجاري مع مدينة حلب على طريق بلدتي النبل والزهراء.
ويشير أصحاب ورش الخياطة التي افتتحت مؤخراً في الشهباء إلى أنهم لا يستطيعون شحن بضائعهم بسهولة، ويعتمدون حالياً على القصات الجاهزة التي تأتي من حلب، ونتيجة عدم توفر سلسلة الإنتاج المتكاملة بالنسبة للألبسة وبخاصة الجينز منها؛ لا يمكن لصاحب الورشة أن يقوم ببيع إنتاجه هنا، ولكن مقابل ذلك يتفاءل البعض بتغيُّر الوضع وسيكون بمقدورهم جلب سلسلة الإنتاج المتكاملة إلى المنطقة نتيجة توفر الأيدي العاملة الخبيرة والرخيصة هنا.
وتقوم لجنة مخصصة من مركز التنمية الاقتصادية بمتابعة المشاريع التي تم منحها القروض، للتأكد من أن مبلغ المقروض تم استثماره بالشكل الصحيح، والهدف من هذه المتابعة هو تنفيذ المشاريع التي تمت الموافقة عليها وتشجيع التجارة والصناعة وبالتالي تنشيط الشارع والأسواق، مما يعود بالفائدة على الجميع.
ويجدر بالذكر أن أهالي عفرين النازحين في الشهباء يتلقون معونات نصف شهرية تقدمها الإدارة الذاتية، إضافة لتقديم الخدمات الأخرى كتأمين المياه النظيفة والكهرباء مجاناً، وتوفر غالبية الأدوية بالمجان في النقاط الطبية مثل مشفى آفرين، وبهذا تكون الإدارة الذاتية قد خفَّفت الأعباء عن كاهلهم من الناحية الاقتصادية والخدمية.