روناهي/ قامشلو: بين أحضان الطبيعة وفي حديقة القراءة بقامشلو انتهت المرحلة الأخيرة لمسابقة الكُتّاب “كتاب المستقبل”، التي نُظمت من أجل الاعتناء ببراعم المجتمع التي ستُزهر وتُقدِّم أجمل صورة لامعة وراقية لكل العالم بالعلم والكتاب والثقافة.
لأن المستقبل مرهون بالماضي والماضي ركيزة أساسية للمضي قُدماً في الحاضر يجب على المجتمع معرفة أهم سبب يجعل القادم من الأيام أفضل وأشرق، ومما لا شك فيه أن الأطفال هم اللُبنة الأولى لكل مجتمعٍ رصينٍ راقٍ يسعى إلى التطور المعرفي والعلمي، والأهم من هذا أن نضع خططاً ومشاريع تفتح آفاقاً واسعة أمام الطفل، فللعمل على جعل الأطفال متميزين وناجحين يجب أن نوجههم أفضل توجيه، والتوجيه الصائب يبدأ من العلم، فالعلم ماء الحياة بدونه لا تنمو أية غرسة أو نبتة أو يعيش إنسان أو حيوان، فهو سر الوجود، ومن أجل أن نعتني بـ “غرسة المستقبل” كما أسمتهم هيئة الثقافة في إقليم الجزيرة، يجب أن نسلحهم بالمعرفة والعلم، ومن هذه النقطة نظَّمت الهيئة مسابقة للأطفال “كاتب المستقبل”، من عمر “العاشرة إلى الثامنة عشرة” وعلى فئتين عمريتين من العاشرة إلى الرابعة عشرة ومن الرابعة عشرة إلى الثامنة عشرة، وباللغتين الكردية والعربية، هذا والمسابقة لم تقتصر فقط بمنطقة واحدة بل نُظمت في مناطق مختلفة من شمال وشرق سوريا (قامشلو ـ رميلان ـ جل آغا ـ حسكة ـ عامودا ـ تربي سبيه ـ كركي لكي).
مشاركة واسعة ومستويات رفيعة
وهذه المسابقة جاءت تحت شعار “غرسة اليوم شجرة الغد” لتعطي هؤلاء الأطفال حاجتهم من العلم والمعرفة ليترعرعوا في مجتمعٍ متحضر يسعى إلى خلق كتاب ومثقفين وفلاسفة في المستقبل، وقد انقسمت المسابقة إلى ثلاثة مراحل، وكانت المرحلة الأخيرة في يوم الجمعة المصادف 2/ 10/ 2020م في قامشلو في حديقة القراءة، وتضمنت المرحلة الأولى الاستماع إلى الأطفال الذين تحدثوا عن مضمون الكتب التي اختاروا قراءتها, أما في المرحلة الثانية طلبت لجنة المسابقة من المتسابقين تلخيص مضمون ما قرأوه لمدة أسبوع، تحت شروط بألا يتجاوز عدد الكلمات للمستوى الأول خمسمئة كلمة، وللمستوى الثاني سبعمئة وخمسين كلمة، ويتم التقييم من قبل اللجنة حول مدى فهمهم وأسلوب الكتابة، أما المرحلة الثالثة من المسابقة كانت كتابة كل متسابق نصّ إبداعي من نتاجاتهم (قصة قصيرة ـ قصيدة – خاطرة) وقراءتها أمام اللّجنة.
وقد شارك في المسابقة مئة وخمسة وثلاثين مشارك للغتين، وفي المرحلة الأخيرة بقي في اللغة العربية ثلاثون مشارك، والكردية خمسة وخمسون مشارك، وسيتم الإفصاح عن أسماء الفائزين بالمرتبة الأولى والثانية والثالثة في حفلة خاصة لهم قريباً.
مخطط مختلف للسنة المُقبِلة
وفي هذا الصدد التقينا بالعضو في اللجنة التحضيرية على المسابقة “آرام بركات علي” الذي أشار إلى هدفهم من إقامة هذه المسابقة وألا وهو تشجيع الأطفال على القراءة والكتابة أكثر، وإظهار مواهبهم الأدبية، فهذه المسابقة أُقيمت تلبية لطلب الأطفال بعد أن تم فتح قسمٍ خاص للأطفال في معرض الشهيد هركول للكتاب، وتم تشكيل لجنتين للتقييم للعربية والكردية، وعن برنامج هيئة الثقافة للمسابقة في السنة القادمة قال آرام بركات علي: “في السنة القادمة نريد أن يتغير أسلوبنا في المسابقة وهي أن يتم التخييم ومتابعة الأطفال لثلاث أشهر والتجول في المناطق المختلفة لنقدم أفضل ما يمكن للأطفال ليطوروا مهاراتهم بشكلٍ كبير”.
مسابقة كاتب المستقبل… عبق العلم
ولهذه الفعاليات أهمية كبيرة تترسخ في عقول الأطفال لخلق حب العلم والاكتشاف في عقولهم، فوجود أطفالٍ يريدون تقديم نتاجاتٍ أدبية في عمرٍ صغير دليل على ارتفاع مستوى الإدراك والقدرات العقلية في المجتمع، وقد لفتت انتباهنا في المرحلة الأخيرة فتاة صغيرة تبلغ السابعة عشر من العمر احتضنت كتبها وبيدها القلم تدوّن ما يجول في عقلها والتقينا بها فكانت “سوز بهزاد حسين” كروائية هاربة من كتب الخيال بملامحها البريئة وجرأة أفكارها، فهي تهوى الكتابة منذ عمر صغير، وبتشجيعٍ ومساندة من أهلها كتبت الكثير من الخواطر وكما قالت لنا: “أحب أن أكتب عن السحر والفانتازيا، وأنا أنهيت روايتي التي أتمنى أن تطبع، وهي مكونة من حوالي مئة صفحة”، وقد كانت راضية عن المسابقة ولجنة التقييم وهي من بين المتأهلين للمرحلة الأخيرة للمسابقة في اللغة العربية، وأرادت أن توجه كلمة للأهالي بأن يهتموا بأطفالهم الموهوبين ليكونوا في المستقبل مشاعل نورٍ تضيء عتمة الحياة.
وبأجواءٍ ودية لطيفة مليئة بشغف وحب الأطفال تزينت بنضوج عقولهم انتهت المرحلة الثالثة من المسابقة على موعدٍ للإفصاح عن أسماء الفائزين لاحقاً.
