إيمان زيان: الكرسي المتحرك لا يقف عائقاً بوجه الفن

تقرير/ غزال العمر –

 روناهي/ جل آغا: ربما لا يستطيع المرء المشي ليصل دائماً إلى ما يريد؛ لكنَّه يستطيع أن يجعل الأشياء تمشي إليه ضمن لوحاتٍ تختصر عليه المسافات؛ بريشة وألوان يجعل الطبيعة بين يديه؛ هذا ما فعلته ابنة الجزائر الشابة عبر كرسيها المتحرك الذي لم يتمكن من إحباطها، وتحطيم إصرارها على متابعة حياتها بثقة ودون خوف

إيمان أحمد زيان ذات الواحد وعشرين ربيعاً؛ من ولاية الشلف الواقعة غربي الجزائر حيث تبعد عن العاصمة 200 كم؛ يعتمد سكانها على الفلاحة والزراعة نظراً لخصوبة تربتها واعتدال مناخها؛ فمن رحم هذه المدينة ولدت إيمان التي أصيبت بضمور في العضلات والنمو وهي في الثامنة من عمرها أدت لشلّ حركتها؛ لكنّها لم توقفها عن متابعة حياتها وتنمية موهبتها في الرسم.

اليأس لا يوقف عجلة الأمل

“كُثر هم من استسلموا لوضعٍ صحي معين أعاق عملهم وحركتهم؛ لكن الأمل أكبر والطموح أوسع من أن يوقف اليأس عجلة الأمل”. بهذه الكلمات المليئة بالإرادة عبرت الشابة عن انطلاقتها بالحياة؛ لتتابع كلامها وعبر لقاء أجرته معها صحيفتنا “روناهي” عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ كيف أنّها تقبلت وضعها وأحبت نفسها، بدعم وتشجيع من أسرتها وأقاربها الذين زرعوا بداخلها بأنّ الحياة جميلة كما ألوانها التي ترسم بها اللوحات حسب تعبيرها.

عبد الحميد بن باديس بطل لوحتها الأولى

وعن نوع اللوحات التي ترسمها قالت: “بدأت منذ طفولتي برسم الشخصيات الكرتونية إلى أن انتقلت لرسم الأشخاص والوجوه؛ ليكون عبد الحميد بن باديس بطل لوحتي الأولى وانطلاقتي نحو الرسم”.

يجدر بالذكر بأنّ عبد الحميد بن باديس صاحب فكر نضالي وثوري نهضوي ويعتبر من القامات المرموقة في تاريخ الجزائر التي نادت بالإصلاح.

الرسم موهبة والإعلام هدف

 كبرت إيمان وكبر معها شغفها بالرسم بعد أن زاد تعلقها به حتّى أصبح من أكبر اهتماماتها؛ لكنّها لم توفق للأسف في الالتحاق بكلية الفنون التشكيلية؛ لبعد المسافة عن مكان إقامتها؛ لذا التحقت بكلية الإعلام والاتصال قائلة: “الفن التشكيلي والرسم موهبة ودخولي للإعلام هدف أطمح لتحقيقه”. تطمح إيمان أن تكون إعلامية اجتماعية؛ لتعكس فنها وتجربتها للمجتمع عبر منبر يساعدها في إيصال صوتها حسب قولها.

“اللوحات التي أرسمها هي مرآة عاكسة عما يجوب بداخلي فربما تعكس تمرداً وربما تعكس هماً وبعضها مستوحاة من أحداث تحاكي الواقع”.

أما عن الأساليب التي ترسم بها، والألوان التي تستخدمها؛ فقد أكدت بأنّها ترسم بكلّ الأساليب، وحسب رغبة الزبون بالتفصيل، سواء منظر طبيعي ثلاثي الأبعاد أو بورتريه أو سريالي.

وأضافت قائلة: “أنا أحبذ استخدام كلّ أنواع الألوان والأصبغة، والتقنيات الفنية المختلفة من ألوان مائية وزيتية وإكرليك”. وأشارت بأنّها حالياً لا تملك معرضاً أو مكاناً مخصصاً للرسم لكنها ترسم اللوحات حسب الطلب في البيت وتقوم بإرسالها للزبون مقابل مبلغ مالي متفق عليه بعد أن يتم تجهيزها”.

أنواع الرسم في الفن التشكيلي

وعن السريالية، تلك المدرسة الفنية العريقة، نوهت موضحة بأنّها كلمة فرنسية  تعني حرفياً “فوق الواقع” وهي حركة ثقافية في الفن والأدب؛ تهدف للتعبير عن خفايا وأسرار العقل الباطن؛ لتجسده اللوحات بطريقة أقرب للخيال”.

وعن فن رسم البورتريه “الشخصيات” أشارت بأنّه فن يعتمد على ملامح الوجه في الشخصية، والتي يتناوله كلّ فنان حسب منظوره ومفهومه للشخصية من خلال التركيز على كلّ جوانبها؛ وهذا ما يختلف به عن الصورة الفوتوغرافية الجامدة الثابتة؛ لتتابع حديثها “الموناليزا كانت من أشهر لوحات البورتريه التي عكست الغموض بداخل رونالدو دافنشي وحيرت بابتسامتها الغامضة المحللين النفسيين وكبار الفنانين”. والموناليزا كلمة إيطالية “مونا” سيدة، وليزا كان اسم تلك السيدة أي “السيدة ليزا”.

تحلم بالعالمية

وعن أحلامها في مجال الفن التشكيلي تحدثت بأنّها شاركت بعدة معارض فنية داخل بلدها وتطمح بالمشاركات العربية والعالمية، وتريد تطوير عملها؛ بفتح مرسم لتتمكن من رسم أكبر عدد ممكن من اللوحات، وأشادت بالدور الذي يلعبه ولاة الأمر في بلادها الذين يهتمون ويولون عناية بالفن والثقافة؛ ذاكرة بأنّها قد حصلت على عدة جوائز وتطمح للأفضل دائماً.

رسالتها لذوي الاحتياجات الخاصة

أما عن رسالتها التي توجهها للشباب عامة ولذوي الاحتياجات خاصة هي: “حتى لو حطمتك الحياة وجعلت منك قطعاً متناثرة اجمع شتاتك ورمم نفسك؛ فالحياة تستحق أن تعاش بحلوها ومرها”.

بكلمات فنانة اليوم وإعلامية الغد إيمان أحمد زيان التي نضم صوتنا لصوتها وننادي وعبر منبر صحيفة روناهي كلّ شخص سرقت منه الظروف شيئاً مهماً من حياته؛ أن لا تستسلم؛ فأبواب الحياة واسعة وخيوط الأمل تنسج بالأفق قصص المعجزات التي تنتظر أن ترى النور.