روناهي/ الشدادي: ما مارسه مرتزقة داعش من نهب وسرقة للآثار في مناطق عدة من الشمال والشرق السورية كما في تل عجاجة يمارسه الاحتلال التركي في عفرين وسري كانيه وكري سبي.
إلى الجنوب من مدينة الحسكة وعلى بعد أكثر من 40 كم منها يقع تل عجاجة الأثري, الذي يعد أهم وأقدم المواقع الآشورية في البلاد حيث يعود تاريخه إلى نهاية الألف الثانية قبل الميلاد، بحسب مؤخرين واستناداً إلى الألواح والكتابات التي عثر عليها في الموقع.
ويقع التل على الضفة اليمنى لنهر الخابور ويحيط به السهول والأراضي الزراعية ويرتفع بحدود الـ20 متر.
حضرت العديد من البعثات الأثرية للموقع والتي كان آخرها البعثة السورية الألمانية المشتركة في مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم, وكشفت هذه البعثات الطبقات والسويات الأثرية حيث مر التل بثلاث مراحل احتوت 19 طبقة أثرية.
وتعرض الموقع لخراب كبير بالإضافة إلى أعمال سرق ونهب طالت محتوياته بعد سيطرة مرتزقة داعش على المنطقة مطلع العام 2014 حيث حفرت العديد من الإنفاق يصل طول الواحد منها إلى أكثر من 20 متر.
وروى شهود عيان من السكان المحليين عن الطريقة الهمجية التي كان يستخدمها المرتزقة في عمليات التنقيب, حيث استخدموا الجرافات الكبيرة “التركس” والجرافات الصغيرة “البوك” وفضلاً عن عمليات الحفر العشوائية والتي أدت بدورها إلى تخريب أجزاء كبيرة من التل الأثري حيث وصلت نسبة الخراب والدمار إلى أكثر من 50 % من التل.
ويقول الشهود: “أن عمليات الحفر التي كان يقوم بها المرتزقة كانت في وقت منتصف الليل وسط حراسة مشددة من قبلهم لمنع أي أحد من سكان المنطقة المحليين من رؤية ما يحدث”.
وأضافوا أن مرتزقة داعش استخرجوا العديد من القطع الأثرية والتماثيل والألواح وقاموا بتهريبها وبيعها إلى تركيا عبر سماسرة, حيث بعد كل فترة زمنية تقدر بعشرة أيام من الحفر تدخل إلى المواقع سيارات مفيمة وبحراسة أمنية مشددة من قبلهم ويتم قطع الطرقات لحين مغادرتهم للمكان ويعتقد السكان أن هؤلاء هم التجار الذين يتم تصريف ما تم إيجاده في الموقع.
وذكر شهود من مدينة الشدادي التي كانت تبعد عن تل عجاجة 15 كم والتي كان يستخدمها مرتزقة داعش مقراً رئيسياً لهم, أن المرتزقة حطموا العديد من التماثيل الأثرية التي قالوا أنها استخرجت من تل عجاجة أمام مبنى بلدية الشدادي والتي كانت تعرف كما كانوا يطلقون عليها اسم “الشرطة الإسلامية” آنذاك.
وجاءت حجة تحطيم التماثيل أنها أصنام وتدعوا إلى الشرك على حد زعمهم, فيما اعتقد آخرون أن التماثيل التي تم تحطيمها هي تماثيل مزيفة لإيهام الأهالي ولكي يقوموا بسرقة القطع الأصلية وتهريبها.
في مطلع العام 2016 تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من دحر مرتزقة داعش وطردهم من مناطق جنوب الحسكة, ومنعت بذلك العبث بالمواقع الأثرية المنتشرة على طول جغرافية المناطق التي تم تحريرها.
ويذكر أن مرتزقة داعش قاموا ببث العديد من التسجيلات المصورة أثناء تحطيمهم ونهبهم العديد من المواقع الأثرية في سوريا والعراق والتي كان أهمها تخريب وسرقة آثار مدينة نمرود في العام 2015 وتخريب ونهب آثار مدينة تدمر “بالميرا” في وسط سوريا.
وتجدر الإشارة أن الاحتلال التركي ومرتزقته الذين احتلوا مناطق من شمال وشرق سوريا يسيرون على نفس نهج مرتزقة داعش حيث قاموا بتهريب وتخريب العديد من آثار مدينة عفرين وتخريب وجرف مواقع أثرية في “تل أبيض /كري سبي/ و”رأس العين /سري كانيه/” بحجة أقامة وإنشاء قواعد عسكرية للاحتلال التركي.
ويتساءل مراقبون عن العلاقة التي تربط بين مرتزقة داعش من جهة والاحتلال التركي ومرتزقته من ما يسمى بالجيش الوطني من جهة أخرى بوجود العشرات من العوامل والاهداف المشتركة بين الطرفين.