في جنيف…نقاشات حول الدستور ونصف الشعب السوري مُغيب

رفيق إبراهيم –

مرةً أخرى يتم إقصاء ممثلي شمال وشرق سوريا من محادثات جنيف التي تخص حل الأزمة السورية، وبخاصة أن هذا الاجتماع يناقش دستور جديد لسوريا، حيث اجتمعت اللجنة الدستورية التي تضم دستور جديد، حيث اجتمعت اللجنة الدستورية التي تضم 45 شخصاً، دون مشاركة أي أحد يمثل أهالي شمال وشرق سوريا، على الرغم من الدور الكبير والبارز التي لعبته الإدارة الذاتية وقواتها في محاربة الإرهاب والقضاء على داعش، والحفاظ على الأمن والاستقرار فيها.

الآن وكما كل مرة لم تتم دعوتهم، ويبدو أن المصالح الدولية فوق كل اعتبار وأن الروس والأتراك ما زالوا يتحكمون بما يجري على الساحة السورية أكثر من الأمريكان والأوروبيين، مع أن الأمريكان قادرون على لعب دور أكبر ولديهم أوراق ضغط كثيرة وهي متواجدة عملياً في شمال وشرق سوريا، ولو أرادت مشاركة ممثلي ما يقارب خمسة ملايين سوري في هذه المحادثات، التي تخص الدستور فهي قادرة ومن دون أي تكليف. ولكن هي تأخذ بعين الاعتبار دور حليفها التركي حتى وإن كان محتلاً للأراضي السورية، وحتى لو كان داعماً حقيقياً لمرتزقة داعش وسواهم ممن يتغنون بالإرهاب وقطع الرؤوس كل ساعة.

وغض الطرف الأمريكي عن هذه الأعمال التركية لأسباب معروفة تتعلق بإبعادها عن المحور الروسي الصيني، الذي بدأ يظهر بقوة، والطرف الأمريكي لديه حساباته الخاصة به في المنطقة، وتركيا وعبر الشراكة مع روسيا حققت ما لم تكن تحلم بها في سوريا، والآن ليس باستطاعتها التخلي عن الروس الذين عرفوا من أين تؤكل الكتف، وهناك تشابك للمصالح مع الروس، وهذه المصالح معقدة مما لا يترك مجالاً للشك بأن التخلي عن الحلف الروسي سيكون كارثياً بالنسبة لها. لذلك عندما تضع تركيا مصالحها مع الولايات المتحدة من جهة ومع الروس من جهة أخرى، فهي تميل إلى الجانب الروسي، لأنها باتفاقها مع الروس احتلت اعزاز والباب وجرابلس ومن ثم عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، بالطبع كل ما جرى ببصمة أمريكية، والأمر الآخر حجم التبادل التجاري والاقتصادي، وصفقة إس 400 التي لا يمكن التراجع عنها، وأي مخالفة سيحاسب الروس الأتراك عليها.

وعندما تتخلى تركيا عن الروس سيعيدونهم إلى نقطة الصفر، بل أكثر من ذلك قد يسعون إلى تغير الحكم في تركيا بين ليلة وضحاها، وأردوغان والأتراك يدركون ذلك تماماً. ولهذا قد تكون الآمال الأمريكية في العودة التركية إلى حضنها آمالاً بعيدة المنال، وعلى الإدارة الأمريكية إدراك هذه النقطة المفصلية، لذلك كان من الأجدى والأفضل أن تسلك الولايات المتحدة سلوكاً جديداً في المنطقة وبخاصة مع تركيا، لترسيخ الحفاظ على مصالحها من جهة، وتضغط بها على الطغاة الأتراك من جهة أخرى.

ولعل أولى الخطوات هي الاعتراف بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وبهذا تفتح الباب للآخرين للاعتراف بها، وثانياً الضغط على المجتمع الدولي بمشاركة ممثلي الإدارة الذاتية في كل الاجتماعات التي تدور حول سوريا، وبخاصة حنيف واللجنة الدستورية. والسؤال هنا هل من العقلنة والواقعية أن يتم إقصاء أكثر من خمسة ملايين سوري عن كتابة دستورهم، سؤال برسم الإجابة؟