No Result
View All Result
المشاهدات 1
حسام اسماعيل –
على ما يبدو أن قانون حماية وإدارة أملاك الغائب الذي أصدرته الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مؤخراً تعرض للكثير من الانتقادات والطعن بشكلٍ لافت، وبناء عليه تم إيقاف العمل بهذا القانون لحين إعادة النظر به، وصياغته من جديد، وتعديل بنوده بما يتناسب مع تطلعات الأهالي، والأشخاص المستهدفين من هذا القانون.
هذا التصرف على عكس ما يحاول أن يظهره أعداء “الإدارة الذاتية” أو المتربصين بها والذين ينتظرون كبواتها وهفواتها التي من الممكن أن تحدث لأي جهاز تشريعي أو إداري أو قانوني في أي دولة من دول العالم، وهو أمر طبيعي، ويمثل قدر كبير من الديمقراطية وحرية التعبير، فنحن نتحدث عن قانون قابل للتعديل، وعلى قدر كبير من المرونة الواجب أن تتمتع بها القوانين، وحتى القرارات الإداريَّة الصادرة عن المجالس التنفيذية للإدارات الذاتية والمدنية المؤلفة من كافة الشرائح الشعبية المخولة إصدار قرارات بحسب الحاجة لتحقيق المصلحة العامة ككل.
بغض النظر عن النواقص الفقهية والقانونية والموجبات السياسية والاجتماعية، والتحضيرات والنقاشات المستوجبة قبيل إصدار هذا القانون، وبغض النظر عن الجوانب الغامضة فيه إلا أن القانون الصادر وعلى الرغم من وجود مخالفات وشوائب إلا أن الهدف الأساسي منه هو حماية حقوق وممتلكات شريحة كبيرة من السوريين في مناطق شمال وشرق سوريا التي اضطروا إلى تركها بسبب الأزمة السورية التي اندلعت منذ 2011 أو الأسباب الأخرى التي أوردها القانون، وكما بينت في سالف الحديث أن القوانين الصادرة عن الإدارة الذاتية تتمتع بالمرونة، وعلى قدر كبير من قابلية “النقاش والمراجعة”. لذلك؛ فإن محاولات الصيد في الماء العكر في ظل هذه الظروف، والعمل على التشكيك بالقوانين والقرارات الصادرة، وعلى وجه الخصوص من قبل (المجلس العام والتنفيذي) هي محاولات تندرج في إطار الحرب الخاصة التي تمارسها عدة قوى لتقتنص (الفرص والهفوات)، والعمل على خلق حالة من التشكيك وإحداث فجوة، وحالة من الارتياب بين المواطن وإدارته.
الأمر الآخر الذي يجب التأكيد عليه كتحليل ووجه نظر هو قراءة موجة الاحتجاجات والمعارضات وابداء الآراء على هذا القانون بكل مستوياتها بما في ذلك تلك التي استخدمت أرق وأقسى الأوصاف والألفاظ بحق الإدارة، أعتقد بأنَّها لا تتعدى كونها ممارسة لحق أساسي من الحقوق والحريات الإنسانية (حق التعبير وإبداء الرأي)، وهذا الأمر منصوص عليه في كافة دساتير الدول، وهي ميزة تتحلى بها المجتمعات الديمقراطية العصرية، وتعد خطوة جوهرية للمجتمع نحو ترسيخ أسلوب “الديمقراطية المباشرة” والذي ندر تواجدها في الأنظمة الإقليمية والدولية، حيث يثبت المجتمع بموجبه مواقفه المناهضة للانتهاكات التي تطال حقوقه، وتتجلى فيه إرادته التي تصنع السياسات والقرارات التي تتعلق بمصالحه ومصيره.
إن تطوير هذه البنية الفكرية والفلسفية والسياسية والاجتماعية للديمقراطية المباشرة في شمال وشرق سوريا هي مسؤولية الإدارة، فالمقولة الرائدة في تعريف الديمقراطية على أنها تعني “حكم الشعب نفسه بنفسه”، تغدو فيها الديمقراطية المباشرة المقدمة الأولى نحو التغيير والتحول الديمقراطي الجذري والشامل في سوريا، وبهذا النهج ينتزع الشعب كافة سلطاته وصلاحياته وحقوقه على حد سواء من أيادي المتسلطين والطغاة الذين يريدون إغفال دور الشعب والإسكات بالقوة لفرض رأي واحد وقرار واحد صادر عن السلطة فحسب بالتالي القضاء على هذا الحق وتركه مجرد حبر على ورقة فاقدة لقوتها القانونية التي من المفروض أن تكون معبرة عن طموح وحاجات وتطلعات الشعوب الحرة التي تنشد الديمقراطية والحرية.
أعتقد أن ما حدث كما سبق ذكره هو نوع راقي من الديمقراطية يجب على الإدارة الذاتية تطويره وصقله، ليكون مثالاً لكافة القوانين والقرارات والأوامر الإدارية إن صح إطلاقها كمصطلح قانوني يتناسب مع ما تنشده الإدارة الذاتية التي تتبع مبدأ تمثيل الشعب من أصغر خلية إدارية وهي الكومين وصولاً إلى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تعتبر تجربة فريدة من نوعها لحكم الشعب نفسه بنفسه، والعمل على تطوير هذه التجربة أيضاً كجعل القوانين والقرارات عرضة للنقاش المطول، وإبداء الآراء ووجهات النظر بين أفراد الشعب لنصل إلى القرار أو القانون الشعبي الصائب النابع من الإرادة والحاجة الشعبية لمناطقنا.
No Result
View All Result