إعداد/ هايستان أحمد –
للفلكلور والتراث الشعبي أهمية كبيرة في حياة الشعوب كافة، فهي الهوية الوطنية لها، وتمثل تجارب الأجداد وخبراتهم ونقلها إلى الأجيال اللاحقة، فالمرء عندما يريد أن يعرف شعباً سيلجأ تلقائياً إلى البحث عن ثقافته وتراثه لأنهما تقدمان طبيعة هذا الشعب وفلسفته ومعتقداته وتقاليده فيستطيع بذلك أن يعرف تاريخهم ما بين الماضي وربطه بالمستقبل، ويُعرف الفلكلور الذي تعود جذوره إلى خبرات متراكمة للشّعوب، بأنّه مجموعة الآثار (الفكرية والمادِّيّة) التي تشير إلى ما خلّفه الأجداد من موروثات متعلِّقة بالمنتوج الفكري والثقافي والفنيّ، وهو بذلك يشتمل على المعارف والمعتقدات والعادات، والأساطير والخُرافات والحكايات، والأمثال والأغاني والنداءات الشّعبية المتداولة، ويشتمل كذلك على أنواع الفنون الشّعبية والحِرف والرقـص واللعب الشّعبية، وغيرها من الموروثات الشّعبية.
فثقافة وتراث الشعوب ليست بأمرٍ هينٍ يُستباح التعدي عليه، ولكن هناك من يعرفه حق المعرفة ويدرك أهميته ويقوم باستغلاله والتهجم عليه ويسعى إلى محوه، فالشعب الذي ليس له ماضٍ لا يملك الحاضر ولن يستطيع أن يستمر، وكما كل الشعوب للكرد تاريخ عريق وماضٍ حافل بالأحداث والمجريات والخبرات، وتسعى القوى العالمية إلى تهميش هذا التاريخ ليكون بهذا دمر حقبة تاريخية مهمة ولا تنسى من الحقب التاريخية، والمعروف سعي الاستعمار؛ حين كان يخطِّط لاحتلال بلد ما، توجّهه نحو محاربة التراث الشعبيّ لذلك البلد قيل أيِّ شيء، كونه يمثِّل فكره وهُويّته وجذوره، إلا أنّه كان يفشل مراراً، لأنّ جذور الفلكلور راسخة في القِدم، ووثيقة الصلة ببقاء الشعب وديمومته.
والتُّراث الأدبيّ الشَّعبيّ الكرديّ، تراثٌ غنيٌ جداً، ويتمثَّل هذا الغنى في تنوّع أشكاله ومفرداته وفنونه، كالملاحم والاساطير والحكايات الخرافية، والأقاصيص والأشعار والأمثال والأغاني الشَّعبية، والألغاز والأحاجي والنوادر والطرائف والفكاهات والألعاب الشَّعبية، وغيرها من المفردات التراثية الشَّعبية، إلا أنها لم تدوَّن إلا بمقدار ضئيل، بالمقارنة مع الثراء الكبير للفلكلور الكردي.
التراث الكردي وثرائه..
يقول القاصّ الكرديّ (صبري رسول): “التراث الكردي الشَّفوي؛ ثريٌّ للغاية، حيث تجد في كلِّ جيل ملحمة، وفي كلّ كهف ووادٍ حكاية، ومع تدفّق الينابيع العذبة ثمة حكاية وأسطورة ترويها الأحجار والأنهار والبساتين.. والمخزون الكردي الفلكلوري لا ينضب، ينتظر من ينقله إلى الآخرين من خلال فنِّ الكلمة، فكلُّ امرأة كرديّة هي مغنّية رائعة لوليدها في المهد، وتتحوّل إلى روائية بارعة عندما تصبح جدّة”.
وتشتمل موضوعات الفلكلور الكردي بصفة عامة على كلّ ما يتصف به الإنسان الكرديّ كالحبِّ والصدق والإخلاص، والوفاء والأخلاق الكريمة الفاضلة، وما يتعلّق به، كالفروسية والبطولة والمغامرة، كما تشتمل على كلِّ الأحداث الهامّة والصور والمشاهدات الحيَّة في حياة هذا الشعب، ونضاله الدؤوب ضدّ الاستبداد.