No Result
View All Result
المشاهدات 11
الدكتورة: فيان نجار –
(مه ني) اسم لأرملة كوردية كانت تعيش مع أبنها الوحيد (رَسَن) في إحدى مناطق كردستان. وكان (رَسَن) يحترمها وينفذ طلباتها وكلمتها كانت مسموعة لديه.
عمل (رَسَن) بالتجارة وجاب الكثير من البلدان وتعلم لغاتهم. كان يترك أمه (مه ني) وحدها في البيت خلال سفراته الطويلة للعمل والمتكررة خلال السنة.
كانت الأم تعلم بأن حل مشكلتهما تلك هو زواج أبنها ووقتها سوف تستأنس بوجود زوجته وأطفاله في غيابه .
لكن ظروف عمل (رَسَن) وغيابه الطويل والمتكرر عن البيت غدت مانعاً لزواجه . تحملت الأم سنين عديدة على هذا المنوال لكنها ارتأت أخيراً أن تقنع أبنها الوحيد بتغير مكان إقامتهما وترك موطنهما كردستان والسفر إلى بلاد غريبة وبعيدة وتحمل مشاق الغربة فيها من أجل تحقيق ما تصبو له من زواج ابنها الوحيد واستقراره في عمله وعدم تنقله المستمر بين البلدان من أجل لقمة العيش.
(رَسَن) أراد أن ينفذ رغبة والدته فقام بجميع الترتيبات اللازمة لهجرتهما إلى بلد بعيد وغريب لا يمت لكردستان بشيء.
أختار هو بلداً كان يعلم الكثير عن ذلك البلد ويتقن لغة أهله من خلال عمله معهم بالتجارة ليستقر فيه مع والدته .
عند وصولهما للبلد طرق(رَسَن) باب أحد البيوت. عندما فتح أهل البيت الباب وقاموا بواجب الترحيب والسؤال عن طلبهما، ثم قاموا بتقديم كل المساعدة المطلوبة واللازمة لحاجتهما مع إرشادهما للتسهيلات الضرورية برحابة صدر.
ترك والدته عند اهل البيت، بعض الوقت، وأسرع ليبحث عن بيت يسكنه، ويكمل ما عليه من واجبات ومتطلبات ضرورية للسكن الجديد. لينعم بعدها مع والدته بعيش سعيد.
الأم (مه نى) كانت كبيرة السن لا تتحمل مشاق السفر الطويل وغير معتادة على السفر لذا بدت عليها علامات تعب وإرهاق وعانت من صداع شديد وحزن مباغت لتركهما موطن آبائهما وأجدادهما كوردستان من أجل مصاعب الحياة والمعيشة .
ولعدم تمكنها من لغة أهل البيت بعد أن تركها أبنها عندهم لبعض الوقت وصعوبة تفاهمها معهم زاد من شعورها بالضيق والندم. حاولت جاهدة أن تُفهم أهل البيت بطريقة الإشارات معاناتها من صداع شديد، وعند إدراكهم إنها تعاني من صداع شديد قاموا بذبحها حسب العادة المتبعة لديهم في ذلك البلد الغريب والعجيب، وهو الذبح السريع لكل من يعاني من الصداع ليكون لحمه حلالاً للأكل، لأنهم كانوا يأكلون لحم البشر المذبوح بعد طبخه. وكان (رَسَن) لا يعلم بوجود هكذا عادة لدى هذا البلد الذي اختاره ليحذر والدته منها أو ربما كان يختار بلداً آخر.
عاد (رَسَن) ليأخذ والدته من البيت الذي قام أهله بضيافتهما، بعد أن أكمل جميع متطلبات سكنهما الجديد له ولوالدته وليشكر أهل البيت لحسن ضيافتهم لهما.
أستقبله أهل البيت مجدداً بحفاوة بالغة والحوا عليه للبقاء وأن يتناول العشاء معهم قبل التوديع. فوافق (رَسَن) على طلبهم ليدع والدته ترتاح أكثر، خصوصاً إنه لم يراها عند حضوره؛ ظناً منه بأنها تعبة من أعباء السفر أو نائمة.
تناول (رَسَن) عشاءه مع أهل البيت وعند الاكتفاء شكرهم وطلب رؤية والدته كي تتعشى هي الأخرى وتتهيأ للذهاب إلى بيتهما الجديد.
فلأخبره أهل البيت بكل بساطة عليك أن تحمد الله لأننا نجحنا بذبح والدتك بعد إصابتها بصداع شديد وطبخنا لحمها الحلال. وما أكلته هو لحم أمك الحلال. سكت (رَسَن) مع الصدمة بما سمع ولم ينطق بحرف واحد ولأنه يجهل ما لهذا البلد الغريب من أحكام أخرى عجيبة لو نطق وأحتج لفعلهم الشنيع وكيف تكون ردود أفعالهم معه هو الآخر .لكنه ردد مع نفسه العبارة التالية بألم وحزن شديد
(مه ني مه ني؛ لم ترض يا أمي بموطنك، صرت في أواني الأكل أنت مع عظامك)
ربما هذه القصة المؤلمة سردت في فلكلورنا الكردي لتغدوا (مه نى) عبرة لقومها وكتحذير للكرد بعدم ترك موطنهم كردستان موطن الآباء والأجداد لأي سبب،
كان والهجرة إلى مناطق بعيدة وغريبة لأنهم يفتقرون إلى معرفة جميع عادات وطباع أقوام تلك البلدان والتي تسبب أضراراً كبيراً لهم ومعها فقدان حياتهم دون سبب .
No Result
View All Result