No Result
View All Result
المشاهدات 1
هيفيدار خالد –
تعد وسائل الإعلام في المجتمعات أحد أهم الأعمدة الأساسية للتطور والرقي، حيث تعتبر مقياساً هاماً للتقدم والسمو بالقيم الديمقراطية، إذ من المفترض أن تكون مهمة هذه الوسائل، أي المؤسسات الإعلامية الحفاظ على روح المجتمع وأصالته وقيمه الثقافية والأخلاقية الأصيلة. جميع القائمين والمختصين في هذا المجال المهم بالنسبة لجميع المجتمعات يولون أهمية كبيرة للمعايير والأخلاقيات المهنية على مبدأ لكل عمل أو مهنة أخلاقياتها الخاصة بها، ومهنة الصحافة تأتي في مقدمة هذه المهن. لهذا فقد وضعت الأنظمة السياسية في جميع أنحاء العالم سياسيات إعلامية تختلف من دولة لأخرى بحيث تتناسب مع أهدافها وتوجهاتها وتطلعاتها، إدراكاً منها لأهمية العمل الإعلامي وما يؤديه من أدوار هامة لبناء المجتمع الإنساني. ومع ظهور الصحافة الرقمية والانتشار الواسع لمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، فُتِح الطريقُ أمام العديد من الأفراد والأطراف الذين لا يلتزمون بمبادئ الإعلام الحقيقية، والتي تستند إلى نقل الحقيقة وتوعية المجتمع من خلال الأخبار والتقارير الصحافية. قبل أسبوع نشرت وكالة نورث برس السورية تحقيقاً صحفياً تحت عنوان “تحرشوا بهن واضطررن للصمت قصص صحفيات من روج آفا”، التحقيق أثار جدلاً كبيراً في الوسط الإعلامي وفي المنطقة بشكل عام بعد ساعات فقط من نشره. التحقيق يتناول حوادث وقصص تحرشٍ طالت صحفيات في مدينة قامشلو وعامودا، حصلت ما بين عامي 2013 ـ 2019، كما يتناول التحقيق توثيق أكثر من عشر حالات حصلت في مختلف وسائل الإعلام بالمنطقة، ضمّت قصصاً روتها صحفيات تعرضن لمختلف أنواع التحرش، تم التواصل معهن بشكل مباشر أو عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي. وجميع الحالات التي تطرّق إليها التحقيق أو غيرها لم تسجّل حتى الآن في المؤسسات المعنية، أو لدى أي من المنظمات والمؤسسات المعنية بقضايا المرأة، كما لم توثّق لدى المؤسسات الإعلامية المختصة بشؤون الصحفيين، هذا التحقيق مبالغ فيه بشكل كبير إلى حدٍّ ما. أولاً التحقيق الصحفي يفتقد لأساسيات وأخلاقيات العمل الصحفي ومبادئه الأساسية، ثانياً الموضوع الذي تناوله التحقيق ليس ظاهرة اجتماعية منتشرة بكثرة في مناطق شمال وشرق سوريا، فظهور حالة أو حالتين في مؤسسة ما، لا يعني أن الموضوع تحول إلى ظاهرة متفاقمة وأن جميع المؤسسات الإعلامية أصبحت أماكن للتحرش بالنساء، ليتطلب الأمر إعداد تحقيق صحفي حول ذلك. بالاختصار المفيد التحقيق يفتقد للموضوعية تماماً، كما أنه انتهاك لجهود العشرات من الصحفيات اللواتي استطعن منذ بداية الثورة في روج آفا وحتى الآن، نقل حقيقة نضال المرأة الذي بذلته من أجل الحرية، إضافةً إلى أنه هجوم إيديولوجي على نضال المرأة وخاصةً المرأة الصحفية، والشهيدات الصحفيات اللواتي قدمن أرواحهنّ من أجل إيصال الصورة الحقيقية عن ثورة المرأة في روج آفا إلى العالم. هذا التحقيق انتهك القيم الاجتماعية الأصيلة بحق المجتمع أولاً، وتجاوز حدود الأهداف والتوجّهات الإعلامية ثانياً. اليوم في روج آفا هناك انضمام وإقبال واسع من قبل الصحفيات على العمل الصحفي، حتى نستطيع القول بأن عدد الصحفيات في كافة المؤسسات الإعلامية فاق عدد الصحفيين، وهذا دليل واضح على مدى سنح المجال أمامهنّ لممارسة عملهن دون أيّ ضغوطات نفسية أو جسدية من إدارة المؤسسات التي يعملن فيها.
No Result
View All Result