سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

يستغل الحظر ليتفنن بالرسم.. ويؤكد بأنه سيتبرع بثمن لوحاته للمراكز الصحية

الألوان مبعثرة على جدران وأرضية مرسمه، تضيف للمكان لمساته الخاصة. رفوف فوق رفوف تضم رسومات وقطعاً أثرية، لوحات تشكيلية عديدة على الجدران، وأخرى معلقة بسقف المرسم، تتشابه بعضها وتتناقض مع أخرى.
“بعضها يتراءى لي وكأنني أراها للمرة الأولى”، هكذا يقول الفنان التشكيلي أكرم زافي، وهو يحمل فرشاته، عازماً على مباشرة مشروع لوحة جديدة على إيقاع أغنية يردد كلماتها بحماسة.
يستثمر حظر التجول كفرصة جديدة
في حديث لـ”نورث برس”، يشرح الرسام “زافي” كيف يستثمر حظر التجول كفرصة جديدة للرسم وقضاء وقت أطول ضمن مرسمه. فمنذ اليوم الأول وحتى الآن استطاع أن يرسم /18/ لوحة بمقاسات مختلفة، بالإضافة إلى العديد من اللوحات الصغيرة التي رسمها ضمن دفاتر وعلى صفحات كتب يقرؤها، فيظهر نص الكتاب من خلال ألوانه، كطريقة فريدة يلجأ إليها حينما يدفعه إحساسه الفني.
ويتحدث الفنان، عن كيفية استعَداده للحظر وتجهيزه كمية كبيرة من الألوان والقماش مسبقاً، مضيفاً أنه استعمل حتى الآن أكثر من/20 / كيلوغراماً من الألوان ونحو /300/ متر من القماش في الرسم، منذ بداية العام 2020.
ويقول زافي إنه عازم على التبرع بقيمة جميع اللوحات التي رسمها خلال فترة الحظر، للمشافي والمراكز الصحية في منطقته، كمحاولة منه لدعم الجهود الموجهة للتصدي لفيروس “كورونا”.
ويرى الفنان أن هناك ضرورة في أن يلتزم السكان بحظر التجوال المفروض “لوقاية أنفسهم من المرض، وحماية من يحبون”.
ويتذكر زافي كيف أقدم لأول مرة على الرسم في دفتر، ليصبح الرسم على الدفاتر (والكتب لاحقاً)، إحدى أساليب التعبير المفضلة لديه في الرسم. ذلك أنه بقي ما يقارب السنة جليس الفراش ولم يستطع الذهاب إلى مرسمه، والسبب أنه كان قد أصيب برصاص قوات “الدفاع الوطني” التابعة للحكومة السورية أثناء اشتباكها مع قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية ربيع العام 2016 في قامشلو.
حينها تناهى إلى مسامع مدنيين قاموا بإسعافه، صوت عنصر من “الدفاع الوطني”، يخبرهم كيف أقدم على إطلاق الرصاص مباشرةً عليه، على اعتباره يتبع لقوى الأمن الداخلي.
ولد التشكيلي أكرم زافي في قرية “بيرزاف” بريف عامودا، شمال شرقي سوريا، خريف العام 1974، ويقيم حالياً مع زوجته وأولاده الثلاثة في مدينة الحسكة.
“لا أستطيع أن أرسم إلا في الحسكة”
بدأ مسيرته الفنية بصنع منحوتات صغيرة، ليتحول بعدها إلى كتابة الشعر، لكنه ما إن بلغ العشرينات من عمره حتى وجد ضالته في الفن التشكيلي.
شارك في معارض في أغلب المحافظات السورية، إضافةً إلى دول أوروبية وعربية منها “تركيا، هولندا، بريطانيا، تونس ولبنان”، من بينها /15/ معرضاً فردياً خاصاً به، و/20/ جماعياً بالاشتراك مع فنانين آخرين.
وباع زافي لوحاته في سوريا والعراق ولبنان وتركيا وإيران، بالإضافة إلى دول أوروبية كإيطاليا وبريطانيا وألمانيا وإسبانبا وهولندا وفرنسا.
وحصل على الجائزة الأولى لمنظمة برلين للفن المعاصر (N.B.K) على مستوى “روج آفا”، وشهادات تقدير من كل من بلدية آمد/ ديار بكر وهيئة الثقافة والفن في شمال وشرقي سوريا وأخرى من إقليم الفرات في الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا.
وبقي في تركيا حوالي عام ونصف بالإضافة إلى سفره إلى اليونان وقبرص قبل أن يعود إلى الحسكة، حيث يقول عن عودته: “الرفاهية لدي هي توفر الألوان، القماش، فنجان القهوة والسيجارة، ويبدو أنني لا أستطيع أن أرسم إلا في الحسكة”.