تقرير/ بيريفان حمي
روناهي/ قامشلو ـ استطاعت المرأة منذ بدء ثورة روج آفا ومقاومة شعوب شمال وشرق سوريا؛ استرجاع حقوقها المسلوبة حتى سميت الثورة باسمها، وباتت القيادية في جبهات القتال والسياسية والإدارية في الأعمال الحياتية كافة؛ حيث أسست المرأة اقتصاد كومينالي تشاركي؛ من خلال المشاريع الخاصة بها؛ بهدف بناء اقتصاد لا يهدف إلى تحقيق الفائدة المادية.
يشهد التاريخ أن أول من قام بالزراعة هي المرأة؛ لذلك في الوقت الراهن تبني المرأة اقتصاد غير الاقتصاد الذي بنته الدول الرأسمالية وهو الاقتصاد التعاوني الكومينالي الهادف إلى خلق توازن في المجتمع، بالإضافة إلى خلق المساواة بين الرجل والمرأة من النواحي كافة.
استطاع اقتصاد المرأة تغيير الذهنية السلطوية من خلال عمل المرأة في مجالات الحياة كافة سواء في القطاع الصناعي أو التجاري أو الزراعي؛ والعمل في الأسواق الخاصة بها ومنها سوق منتجات المرأة الذي زاد على إنجازات المرأة هذا العام وأدت المرأة دوراً هاماً وكبيراً في دعم الاقتصاد على وجه الخصوص.
لماذا الحريق المأساوي في مصنع النسيج؟!
كانت المرأة تتعرض للظلم والعنف والتهميش وسلب كدحها كما كانت مجبرة على العمل في ظروف لا إنسانية وبأجور زهيدة جداً بأوامر من الرجل في جميع مناطق العالم؛ إلى أن طفح بها الكيل وباتت لا تتحمل كل ما تتعرض له؛ حيث تظاهرت الآلاف من النساء العاملات في مدينة نيويورك عام 1857 احتجاجاً على الظلم؛ علماً بأن ثورتهن نجحت وذلك بطرح المسؤولين السياسيين مشكلة المرأة على جدول أعمالهم؛ وتتالت التظاهرات النسائية إلى أن تبنت منظمة الأمم المتحدة الثامن من آذار عام 1975م عيداً للمرأة على إثر حادث الحريق المأساوي في مصنع النسيج سنة 1908م؛ لأن النساء طالبن بحقوقهن لتحسين أجورهن عن طريق الإضراب عن العمل، فقام صاحب المصنع بإغلاق أبوابه على النساء ثم قام بحرق المصنع؛ مما أدى إلى وفاة كل النساء العاملات وعددهن 129 عاملة من الجنسيات الأمريكية والإيطالية وتحول الثامن من آذار رمزاً لمقاومة المرأة ضدّ الظلم على مر العصور.
ماهيته في شمال سوريا
وفي شمال وشرق سوريا يُحتفل في يوم الثامن من آذار كل عام بالإنجازات والمساهمات التي قدمتها المرأة في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ورفع مستوى الاقتصاد المجتمعي في مناطق شمال وشرق سوريا وأصبحت النواة الفاعلة في المجتمع؛ لأنها طورت الاقتصاد وضمنت استقلاليتها الاقتصادية، حيث تمكنت من خدمة نفسها ودعم المجتمع بشكل عملي أكثر وخلق توازن اقتصادي ومجتمعي بيد المرأة.
اقتصاد المرأة من التجربة إلى الاحتراف
أُنشأ اقتصاد المرأة التابع لمؤتمر ستار في الشمال السوري عام 2015 كتجربة أولى على مستوى شمال وشرق سوريا، كما نظم ووضع أساساً للجمعيات التعاونية والمشاريع الاقتصادية. ونستطيع القول إن اقتصاد المرأة خرج من مرحلة التجربة إلى مرحلة الاحتراف؛ والمشاريع التي نظمت عام 2019/2020 تعتبر هامة للمرأة لتكون حاكمة على الاقتصاد بشكل أكبر؛ حيث افتتحت النساء 38 جمعيات تعاونية زراعية على مستوى إقليم الجزيرة؛ ويذكر بأن عدد العضوات والمهندسات الزراعيات وصل لـ 580 عضوة زراعية؛ وفي القسم الصناعي افتتحن مشروعين هامين وهما صناعة الكونسروة في مقاطعة الحسكة، ومنطقة الدرباسية؛ وفي كل مشروع تعمل فيه ثمانية نساء؛ بالإضافة إلى فتح معمل موبيليا؛ ومعمل لصناعة المفروشات (المد العربي) في قامشلو؛ ومعمل الحلويات باسم لارا وله فرعين على هيئة محلات تجارية في قامشلو وعامودا وتعمل فيها 13 امرأة. وفي الوقت الراهن يعمل اقتصاد المرأة على التجهيز لافتتاح سوق لعرض وبيع منتوجات من كدح المرأة وسيتم بيع المنتجات الزراعية في هذا السوق.
ومشروع البيوت البلاستيكية الزراعية في تربة سبية مستمر؛ حيث تم توسيعه ويتم زراعته بشكل موسمي؛ ويعمل فيه 30 امرأة؛ ويسمى عمل المهندسات الزراعيات بالعمل المحترف، ففي عام 2019/2020 بدأ اقتصاد المرأة بفتح أكشاك داخل المدارس لتأمين احتياجات الطلاب وبلغ عددها 24 كشكاً في ديرك؛ و30 كشك في ناحية كركي لكي بإقليم الجزيرة كجمعيات تعاونية؛ والهدف منه ليس الربح المادي فقط؛ إنما لتثبت المرأة بأنها قادرة على العمل في المجالات كافة؛ ولأنها أقرب إلى الأطفال وتستطيع التعامل معهم بشكل أفضل.
بشكل عام في شمال وشرق سوريا تعطي الأهمية والأولوية للمشاريع الزراعية؛ لأنها سلسلة متكاملة وترتبط بمشاريع صناعية وتجارية والثروة الحيوانية؛ ففي الدرباسية نظمت مدجنة للدجاج الطبيعي ويعمل فيها 56 من النساء لتربية الدجاج بالشكل الطبيعي دون الاعتماد على الهرمونات.
وفي مقاطعة الحسكة؛ تم تنظيم عدة مشاريع ومنها مشروع الأفران “التنور” الخاصة بالمرِأة، حيث افتتح ثلاثة أفران كجمعيات تعاونية في قرية “قبر كبير، تل تمر، والحسكة”؛ بهدف تأمين مادة الخبز للقرى والبلدات التي لا يتوفر فيها الخبز؛ بالإضافة إلى فتح فرن في ديرك وآخر في تربه سبية، كما افتتح معمل موبيليا باسم ستار، ومعمل حلويات لارا؛ بالإضافة لفتح وورشة نوروز في الحسكة، ومحلات لافين في قامشلو والدرباسية، ومشروع دمسال للكونسروة في الحسكة والدرباسية، كما تم فتح محلات لبيع إنتاج الكونسروة في الحسكة والدرباسية والهول.
استمرار أعمال اقتصاد المرأة لتنظيم المشاريع
وبالنسبة لمنبج؛ فتم تنظيم عدة مشاريع مهمة؛ ومنها فتح وتنظيم محل للألبسة الرياضية ومعمل للمنظفات المنزلية؛ وتنظيم بستان زراعي ومدجنة؛ وفي تل براك افتتح مشتل؛ وفي تل حميس افتتح فرن للخبز؛ ويتم العمل والتجهيز للافتتاح مشاريع زراعية أخرى خاصة بالمرأة في المنطقة؛ لتتمكن المرأة التخلص من القيود التي كانت تقيدها وتقف أمام تطورها وإثبات قدراتها واسترجاع حقوقها المسلوبة.
وخلال العام المنصرم؛ نظمت نساء إقليم الجزيرة واقتصاد المرأة التابع لمؤتمر ستار في شمال وشرق سوريا مهرجانها الأول على مستوى شمال وشرق سوريا وذلك تحت شعار “الخبز والقمح” وذلك في ناحية تربه سبية بتاريخ 28 من شهر تشرين الأول والآخر في قرية التليلية التابعة لبلدة تل حلف في منطقة سري كانيه/ رأس العين بتاريخ 30 شهر تشرين الأول عام 2019م؛ وهدف مهرجان القمح الأول تحت شعار “الخبز والقمح” كان خطوة لإعادة الثقافة والعادات القديمة من جديد للمناطق؛ وذلك من خلال الجهود التي تبذلها المرأة.
باتت رمزاً للمرأة الداعمة للاقتصاد الكومينالي
ومن الناحية التنظيمية لاقتصاد المرأة في مناطق الشمال السوري؛ أكدت إدارية اقتصاد المرأة في شمال وشرق سوريا حورية شمدين قائلة: “يتم تنظيم دورات تدريبية مغلقة ومفتوحة للنساء باللغة العربية والكردية ولتطوير العمل في المجالات كافة؛ الصناعية الزراعية والتجارية؛ بهدف تطوير عمل المرأة”.
العالم بأجمعه بات يعرف المرأة وقدراتها وصمودها في مناطق شمال وشرق سوريا بعد ثورة روج آفا؛ وذلك من خلال كفاحها وكدحها في جميع مجالات الحياة؛ وأصبحت مثالاً يحتذى بها.