سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أهالي عفرين يبثون الحياة في سوق الشهباء بإصرارهم

تقرير/ شيار كرزيلي

روناهي/ الشهباء ـ استطاع مهجرو عفرين القاطنين في مقاطعة الشهباء؛ بناء حياة جديدة لهم، وذلك بامتهانهم للمهن المتعددة وافتتاح محلات لهم في أسواقها، مبرهنين على مقاومتهم لظروف التهجير القاسية؛ علاوة على ظروف الطقس في سبيل العودة إلى ديارهم بعد تحرير عفرين من دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها..
أعادت الحياة إليها من جديد
بعد أن احتل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته منطقة عفرين؛ نزح الأهالي قسراً إلى مقاطعة الشهباء هرباً من الانتهاكات التركية التي طالت كل شيء، وكان لا بد لهم من التأقلم مع الواقع الجديد، فبدأ الأهالي بتأسيس المجالس المحلية العائدة للمقاطعة ومجالس بلدياتها للبدء بالأعمال الخدمية؛ لأن المقاطعة فقدت الوسائل الخدمية والصحية كافة من مياه وكهرباء وشبكات الصرف الصحي.
وقامت المجالس بعمليات الصيانة داخل المقاطعة وبالوسائل اليدوية المتوفرة والإمكانات البسيطة والاعتماد على الذات؛ كما أنها بحثت عن الحلول للازمة من أجل حل المشكلة الاقتصادية التي سببها التهجير، فالعائلات التي هجرت لم تعد لديهم موارد للدخل وبعد الدراسة والبحث؛ وزعت المجالس بعض القروض بالتعاون مع الإدارة الذاتية من أجل فتح مشاريع صغيرة، كما قامت المجالس المحلية ومجالس البلديات بدور فعال بتعاونهم مع الأهالي من أجل تأمين فرص عمل عبر تسليم المحلات وفتح الأسواق اليومية والأسبوعية.
أما في تل رفعت التي تعتبر أهم وأكبر مدينة في الشهباء؛ يقطنها أكثر من 30 ألف شخص تم فتح سوق يومي على الطريق الرئيسي من الدوار الرئيسي في تل رفعت وحتى مبنى المشفى القديم، حيث يضم محلات السمانة والجملة ومحلات التقنيات وبيع الألبسة والإكسسوارات النسائية، بالإضافة للبسطات. أما في المنطقة الصناعية ففتح العديد من المحلات مثل: “الميكانيك، الكهرباء، صيانة المولدات، الحدادة، والصاج لصيانة السيارات والآليات؛ بالإضافة إلى محلات لصيانة الكمبيوترات والموبايلات”.
الحركة الشرائية في سوق تل رفعت
وفي جولة ميدانية بناحية تل رفعت؛ رصدت كاميرا صحيفتنا حركة السوق والتسوق في الناحية وعمليات البيع والشراء؛ واللقاء مع العديد من أصحاب المحلات والبسطات التجارية من أجل الاستفسار عن الحالة الشرائية، والتقينا بصاحب محل لبيع البن (القهوة) محمد رشيد الذي حدثنا قائلاً: “نستورد حبات البن من مدينة حلب؛ أقوم بطحن حباتها حسب طلب الزبائن. وللقهوة عدة أنواع منها القهوة البرازيلية والكولومبية واليمنية والحب البني المائل للشقار، بالإضافة إلى الحبة السوداء؛ علاوة على القهوة المرة”.
وأضاف: “بعد نزوحنا القسري من عفرين ومجيئنا إلى الشهباء تغيرت الظروف؛ فكان لا بد من التلاؤم مع الظروف والبحث عن حلول بديلة لاستمرارية الحياة، فقمت بفتح محل لبيع البن (القهوة) كوسيلة لتأمين الدخل اليومي لعائلتي، ففي عفرين كنتُ امتلك مغسلة لغسيل السيارات في سوق الهال، بالإضافة إلى العمل في المكتب العقاري، وكانت أحوالنا جيدة، أما هنا فقد تغير كل شيء ولا بد البدء من الصفر والمحل يجلب لي دخلاً جيداً، فما نرجوه هو فتح الطريق بين الشهباء وحلب لتكون التجارة حرة؛ علماً أن المقيمين في الشهباء معظمهم مهجرين”.
أما عن حركة السوق فقال محمد رشيد: “تتأثر حركة السوق بارتفاع الدولار فبسبب هبوط الليرة السورية أمام الدولار؛ تراجعت حركة البيع والشراء كثيراً”.
كما والتقينا في جولتنا بصاحب بسطة للألبسة محمد مصطفى ليطلعنا على عمله فقال: “كنت أعمل في مجال الألبسة منذ أن كنت في عفرين، فكنت أمتلك محلاً في مركز المدينة وبعد مجيئنا إلى الشهباء استمريت في هذا المجال؛ فأقوم بعرض الألبسة النسائية والولادية”، أما عن المعاناة التي يواجهونها فتحدث مصطفى قائلاً: “نعاني من القصف على مدينة تل رفعت الذي يؤثر على حركة البيع والشراء، ففي حال الاستقرار تكون هنالك حركة جيدة وتصل مبيعاتنا اليومية إلى أكثر من 100 قطعة وفي حال القصف تتوقف حركة السوق بشكلٍ كامل”.
صعوبات في المنطقة الصناعية بتل رفعت
وفي جولة لمنطقة الصناعة وعلى الشارع الرئيسي كانت هنالك حركة جيدة فشاهدنا عدة سيارات يتم صيانتها في الصناعة فقمنا بالذهاب إلى محل الميكانيكي عمار رشيد رشو الذي حدثنا قائلاً: “بعد خروجنا من عفرين قمت بفتح محل لصيانة السيارات في المنطقة الصناعية. الحركة جيدة ولكن نعاني من عدم توفر قطع الغيار، حيث نضطر إلى جلبها من حلب وغالباً تكون ذات تكلفة كبيرة بسبب ضريبة الدخول من قبل حاجز النظام في مدخل الشهباء”.
دور بلدية تل رفعت في تأمين فرص العمل
وحول دور مجلس بلدية تل رفعت في تأمين فرص العمل؛ أكد الرئيس المشترك لمجلس البلدية أحمد داود قائلاً: “نحن في مجلس

بلدية الناحية؛ قمنا بتوزيع المحلات على الأهالي الذين يريدون العمل فيها كوسيلة لتأمين فرص للعمل، كما حددت أماكن للبسطات على الطريق الرئيسي في تل رفعت من أجل تيسير أمورهم التي يتم وضعها بشكل يومي؛ وتقوم البلدية وعمال النظافة بتنظيف سوق الأربعاء الأسبوعي والاهتمام به. ففي السوق الأسبوعي حددت مسالك للسير وأماكن لتبضع الباعة؛ كما تمنع الضابطة دخول السيارات إلى السوق إلا في الصباح الباكر عند تنزيل البضاعة، كما تم تخصيص أماكن للسيارات التي يتم التبضع داخل السيارات”. واختتم أحمد داود: “سنكون اليد التي تقدم العون وتعيد بناء ما تم تدميره فإرادتنا قوية”.
وبالرغم من كل معاناة القصف والحصار إلا أن ناحية تل رفعت تعج بالحركة بجهود الشعب المقاوم الذي لا يعرف الاستكانة والذل، ويمتلك ثقافة البنيان والتعمير بديلاً عن التدمير والقتل.