“قصة نزوح قسري ومقاومة رغم المأساة” 

تقرير/ هيلين علي 

روناهي/ ديرك ـ تقطن في مخيم نوروز بريف مدينة ديرك نازحة من سري كانيه، والدة شهيد، نالت نصيبها من المعاناة في الهجرة قسراً، والتي فرضها الاحتلال التركي ومرتزقته عليها وعلى عائلتها، تدعى الأم سميرة عبد الحميد التي لطالما نجحت في التصدي لمواجهة المعاناة.

كثيرة هي القصص التي تتحدث عن معاناة النازحين، إلا أن قصة الأم سميرة تعد من الأكثر تأثيراً، فهي تقارع الحياة مع زوجها المريض وأحفادها الصغار، هذا الشتاء تحت الخيم بعد أن نزحوا قسراً من منزلهم الذي اُقتحم من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته في سري كانيه/ رأس العين.

وفي وقت كانت تهب فيه رياح الشتاء وبدأ البرد يحيط بآلاف النازحين في مخيمات بشمال وشرق سوريا، ووسط  تقاعس دولي وإنهاك للنازحين واللاجئين، كانت لصحيفتنا روناهي جولة في مخيم نوروز, الذي لطالما شهد الكثير من المأساة والحزن لأمهاتٍ فقدنَ فلذات كبدهن وحكايات أخرى مأساوية، حيث كان لنا لقاء مع الأم سميرة عبد الحميد النازحة من سري كانيه، إحدى القاطنات في مخيم نوروز مع زوجها المريض وأحفادها الذين لا تتجاوز أعمارهم السبعة, وهم أطفال ابنها الشهيد.

سميرة عبد الحميد المرأة التي تبلغ من العمر حوالي خمسون عاماً، كانت خارجة من خيمتها بصحبة حفيدتها التي لا تتجاوز عمرها أربعة أعوام، إلى سهول الخيام لتوقد النار بالقليل من أعواد الحطب، فكان مشهد لافت لعشرات الأطفال وكبار السن على أمل أن يحظوا ببعض الدفء.

إما الموت أو المقاومة..

على الرغم من كل الأخطار المحدقة، فأما الموت أو المقاومة، بهذه الجملة التي تلخص الكارثة الإنسانية التي ألحقها الاحتلال التركي ومرتزقته من الجيش الوطني السوري  بالأبرياء بدأت الأم سميرة بسرد حديثها معنا، وقالت: “نحن كباقي النازحين قسراً من سري كانيه وكري سبي لم نحمل معنا أثناء خروجنا من المدينة سوى أرواحنا والثياب التي على أجسادنا، وبالتالي لم نستطع الحصول على أي احتياجات شتوية من أموالنا، التي كنا قد أدخرناها لمؤونة شتائنا من مازوت ومواداً غذائية واحتياجات أطفالنا ودوائنا، لأن المرتزقة استولت عليها ونهبوا كل ما نملك”.

وعن جلوسهم حول تلك النار؛ أضافت الأم سميرة بصوت ممزوج بالحسرة: “أحفادي فقدوا والدهم في معارك ضد مرتزقة داعش في سري كانيه أثناء تحرير المدينة, ثم أن زوجي مريض ويحتاج إلى عملية قلب, الآن هم بلا معيل ليس بوسعي إلا أن أبحث هنا وهناك لأحظى لهم ببعض الدفء الذي يقيهم من برد المخيم”.

وبينت الأم سميرة بأنها فخورة بابنها الشهيد وتضحيته بروحه فداءً لروج آفا, مؤكدةً على أن معاناة النزوح القسري والفقر لن تثنينهم عن السير على خطى شهدائهم وتحقيق أهدافهم.

خرجنا قسراً تحت نيران قصف المحتل

فيما يخص خروجهم القسري من سري كانيه, أوضحت الأم سميرة لنا بالقول: “خرجنا من سري كانيه, تحت نيران القذائف والطائرات الحربية سيراً على الأقدام برفقة زوجي المريض وأحفادي الصغار إلى إحدى النقاط التابعة لقوات الأمن الداخلي القريبة، ومن هناك انتقلنا عدة مرات إلى أماكن متفرقة في مقاطعة قامشلو، إلى أن حطت رحالنا في مخيم نوروز”.

المنظمات الدولية لا توفي بوعودها

وفي سؤال لصحيفتنا عن تقديم المساعدات لهم من قبل المنظمات وإدارة مخيم نوروز, نوهت الأم سميرة بأن إدارة المخيم قدمت لهم الخيم والمواد الغذائية والاحتياجات اليومية, فيما توعدهم المنظمات الدولية بين حين وآخر بتوفير المدافئ لهم “إلا أنهم حتى هذا الوقت لم يوفوا بأي شيء من هذا القبيل”.

لماذا يصمت العالم عن جرائم أردوغان؟

وتساءلت الأم سميرة حول ما يرتكبه جيش الاحتلال التركي ومرتزقته من ممارسات لا إنسانية بحق الأبرياء بالقول: “لا أحد يعلم ماذا يريدون منا، ألم يشبع أردوغان من دماء أطفالنا؟ ، لماذا يصمت العالم عن هذا الدكتاتور؟ “.

مطلبنا العودة إلى ديارنا

وأكدت الأم سميرة، أن مطلبهم الوحيد هو العودة إلى مدينتهم ومنازلهم, وتابعت بالقول: “نحن كبار في السن، ولدينا أطفال في العائلة نحتاج أن نعود إلى منزلنا ومدينتنا”, وعبرت عن مقاومتها في التصدي لظلم الاحتلال ومعاناة النزوح القسري, كما عن رفضهم القاطع لبقاء الاحتلال التركي ومرتزقته في مناطقهم، وأضافت قائلةً: “لا نقبل بالاحتلال التركي ومرتزقته في مناطقنا، ولن نسمح بأن تهدر دمائنا أبنائنا سدىً وسنسير على درب شهدائنا”.