الاختيار… بين صحبة الأخيار والأشرار

” استطلاع/ يارا محمد” –

روناهي/ قامشلو- بين الخير والشر، تنبت جذور الإنسان المتأصلة، ويتأثر إما سلباً او إيجاباً بالعلاقات الخارجية المحيطة به، وخصوصاً الأصدقاء بطريقة أو بأخرى، هكذا كانت بعض الآراء التي حصلنا عليها من خلال السؤال عن تأثير رفاق السوء على شخصية الفرد في قامشلو.

لا أحد ينكر إن الحياة بدون أصدقاء قاسية، لكنها بوجود أصدقاء السوء أشد قسوة، لهذا السبب يقول البعض إن صديق واحد جيد يحبنا خير من ألف صديق يكرهنا دون أن نعلم، وبكل تأكيد فإن الصديق ذو الصفات السيئة يضرنا ولا ينفعنا، ويعود على صديقه بالخسارة ويدفعه للوقوع في الأخطاء التي يحاول جاهداً الإنسان بطبيعته تفاديها.

وبهذا الصدد أجرت صحيفتنا روناهي لقاءً مع بعض الأشخاص في مدينة قامشلو للإدلاء بآرائهم حول ماهية الأفكار التي يتم تبنيها وتؤثر عليهم من خلال أصدقائهم، سواءً كانت في الشارع، المدرسة، الجامعة، والبيت.

تعلمت الكذب!!!

الشابة ديانا شفيع من قامشلو البالغة من العمر 20 سنة تروي لنا كيف أثرت عليها صديقتها سلباً وعلمتها الكذب على أسرتها في السنة الأولى من الحياة الجامعية، فقالت: “كنت مثال الفتاة الملتزمة في كل شيء بحياتي، إلى أن تعرفت على زميلتي في الفصل الدراسي الجديد، ومن ثم تم تغيير الكثير من المفاهيم القديمة المتأصلة في تربيتي والتي تنافي ما كنت قد تعودت عليها لدي، فقد بدأت في نهج طريق مختلف؛ وذلك بالتأخر في القدوم إلى البيت بحجة الدراسة وكثرة المواد التي تثقل كاهلي، يوماً بعد يوم كنت أزداد كذباً وأقل اجتهاداً”.

تابعت ديانا حديثها بالقول: “ثم وبعد مرور فترة على حالتي هذه بدأت عائلتي في المسائلة والاستفسار لما طرأ علي من تغيير، فقد علموا بأنني كنت قد سلكتُ طريقاً لم يكن طريقي، وبعد الكثير من النصائح والمحاولات لرجوعي إلى طريق الصواب، بالفعل عدت أقوى من ذي قبل واجتهدت لأكون، وأثبت عكس ما كنت قد أصبحت عليه بمعدلاتٍ دراسية عالية، وأفكارٍ جديدة خالية من الأخطاء، وأخذت تجربة جيدة في اختيار أصدقائي”.

اختلاف الثقافات، والتأثر السلبي..

وفي السياق ذاته حدثنا المواطن “إ. م”؛ حول التأثر الذي حصل للكثير من شبابنا الذين هاجروا إلى أوربا، وتعرفوا على ثقافات أخرى كانت جديدة عليهم، وهم ساروا على الطريق الذي كانوا يعتقدون بأنه صحيح نوعاً ما، ونوه قائلاً: “لدي بعض الأصدقاء خارج البلاد يخالفون معتقداتهم والعادات التي نشأوا عليها بحجة أن هذه هي الحرية، وأنا أخالفهم الرأي تماماً فالحرية لا تعني أن تنسى مبادئك وقيمك في الحياة”.

وأنهى “أ.م” حديثه بالقول: “يجب على الأهل متابعة أولادهم قدر الإمكان، وأن يكونوا على دراية مسبقة بالأصدقاء الذين يرافقون أولادهم، وعدم السماح لهم بالبقاء خارج المنزل إلى وقت متأخر، كما يجب فتح دورات ترفيهية وتعليمية لهم في أوقات العطل الصيفية، والاهتمام بهم على أكمل وجه، وعلى الإنسان مهما خالط من مجتمعات أن يحافظ على مبادئه وأخلاقه”.

توجيه من الأب والأم..

وفي جانب آخر من هذه الآراء أشارت المواطنة “ك. م”، في حديثها بالقول: “أنا أم، وكذلك معلمة منذ 30 سنة في مدارس النظام السوري، ومن خلال مسيرتي التدريسية وجدت الكثير من الأطفال يتأثرون بأصدقائهم ويتغيرون في عدة نواحي مثل؛ (قلة النشاط التعليمي- الهروب من المدرسة – والتدخين في زوايا المدرسة)”.

تابعت “ك. م” حديثها قائلةً: “حاولنا جاهدين كمؤسسة تربوية وتعليمية إرشاد هؤلاء الأطفال وتوجيههم إلى الطريق الصحيح والسليم، ومنعهم من التسيب، فأنا أم وأعلم شعور الأهل عندما يعلمون ما يتصرف به أولادهم من عادات وتصرفات سيئة خارج المنزل”.

وفي السياق ذاته أشار كوران عبدالله وهو أب لثلاثة  أطفال، عن تأثر أولاده بالبيئة المحيطة بهم وخاصةً بأنهم في سن لا يعلمون ما هو الصواب.

وأكمل عبد الله بالقول: “لدي 3 أولاد، وقد لاحظت على إبني الكبير التغيير الذي يطرأ عليه فور خروجه إلى الشارع وكان يبقى لوقتٍ متأخر، وعندما كان يعود إلى البيت نلاحظ بأنه يتصرف على غير عادته وبشكل سلبي، علمت حينها أن ولدي بدأ بالتأثر برفاقه ويخرج عن مفاهيم ومبادئ علمتها له، ليتعلم ويتبنى أفكاراً جديدة غير صائبة”.

تابع عبد الله ما بدأه بالقول: “كنت أجلس مع ابني وأخبره بأن ما يفعله خاطئ، ولكن كان يعارض كلامي في كل مرة كنت أخبره بذلك، ويرفض بالقول: “لماذا لا أفعل ذلك ورفاقي يفعلون، ويقولون بأن هذا صحيح”، حينها قمت بالتحدث مع والد صديقه وأخبرته بأن أبنه يقع في الأخطاء ويتصرف بطرق غير صحيحة، تفاجأ الوالد من تصرفات ابنه، وهكذا علم ابني بأن صديقه أيضاً مخطئ، ليعود ابني بعد ذلك إلى ما كان عليه سابقاً”.

وأنهى كوران حديثه بأنه يجب على الأهل بالمقام الأول الانتباه إلى أطفالهم وإسداء النصائح المتعلقة بتجاربهم السابقة، وسد فجوة الفراغ لديهم بنشاطات ترفيهية تلهيهم عن الخروج إلى الشارع، واكتساب أفكار غير أخلاقية ومنافية لتنشأتهم.