شغف الأبناء وسلطة الآباء!!!

” استطلاع / يارا محمد ” –

روناهي/ قامشلو- ينهي الطالب دراسته بالمرحلة الثانوية ليبدأ في التطلع إلى رغباته والتخصصات التي يريد أن يلتحق بها، مستشرفاً من خلالها ملامح مستقبله الذي يحلم به، فيقع في أحيان كثيرة تحت وطأة تسلط الأهل التي تفرض عليه مستقبلاً لا يحقق طموحه، ومن خلال ذلك ناقشنا آراء الأبناء وذويهم في مدينة قامشلو حول هذه المشكلة.

بمجرد ظهور نتيجة المرحلة الثانوية يبدأ الطلاب في تحديد رغباتهم والجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها والانتساب إليها، كلٌ بحسب مجموع درجاته التي حصل عليها، لكن التدخل المفرط للوالدين في تقرير مصير أبنائهم، وتحديد الرغبات من تلقاء أنفسهم يعول عليهم بالتمرد وعدم الانصياع لهم وتتحول إلى تعنّت وسيطرة سلبية، حيث يجلس أوليائهم في تحديد الرغبات وملء استمارة التخصص وتحديد الكليات ظناً منهم أنهم أكثر خبرةً ومعرفة منهم وعلى دراية بكافة متطلبات سوق العمل وعدم الاكتراث برغبات أولادهم، ومصادرة مستقبلهم وحقهم في اختيار مسيرتهم المهنية، بالرغم من أنها مسألة شخصية بالدرجة الأولى.

وبهذا الصدد أجرت صحيفتنا روناهي لقاءات مع بعض الأشخاص للإدلاء بآرائهم حول هذه الأفكار التي تقوم على الفرض والسيطرة الأبوية الناتجة من المحبة والاهتمام لتتحول فيما بعد إلى واقع ملموس ومفروض.

مهنة الطب تُدِرُ ذهباً

“تأثرت بقرار والدي في اختيار تخصصي الجامعي والرضوخ لرأيه غير القابل للنقاش”؛ هذا ما قالته لنا ليان صالح، وهي طالبة في كلية الطب البشري، وتبلغ من العمر 20سنة.

تابعت ليان حديثها بالقول: “كنت أدرس بكل جد واجتهاد، وبات حلمي قريب من الحقيقة، وبعد صدور النتائج خرجت بمجموعٍ عالي، هنا فرض أبي رأيه بأنه علي دراسة الطب وفرض تفكيره بأن مهنة الطبابة تدر ذهباً، والوقوف في وجه حلمي الذي كنت أسعى إليه جاهداً وهي دراسة العلوم الطبيعة والتخصص في علم الأحياء والأرض الذي كان طموحي ورغبتي قبل أي شيء آخر”.

وأنهت ليان حديثها بالقول: “أعلم مدى محبة والدي لنا، وقد أفنى عمره في سبيل راحتنا، وجدت نفسي أوافق دون اعتراض لأحقق الحلم الذي كان يطارده وهو يعلم في قَرار نفسه بأن ما أردته كان مخالفاً لرأيه، وراجيةً التوفيق والنجاح لأحقق ما بدأته، بالرغم من أنه ليس حلمي بل حلم والدي”.

تفوقي سيكون فخر لعائلتي ..

وفي هذا الخصوص أشار طالب الشهادة الثانوية الفرع الأدبي، بشار المطير من خلال حديثه بالقول: “أنا أدرس الآن في الثانوية، وأعمل على تطوير نفسي لأحقق ذاتي وهدفي في دراسة الحقوق، أخترت هذا الفرع من تلقاء نفسي لم يتدخل أهلي بما قررت بل على العكس تماماً فرحوا بسماعهم هذا القرار وخاصةً نحن الجيل القادم، المبني على الحقوق والواجبات، وقد رأيت بهذا الفرع النجاح والتفوق الذي سيكون يوماً ما فخر لي ولعائلتي”.

سلطة الآباء تنبع من الحرص ..

وفي السياق ذاته أكد لنا المواطن عباس محمود البالغ من العمر 72سنة، في مطلع حديثه بالقول: “لقد توجه أولادي في دراسة الفروع المناسبة لهم كل واحد بناءً على رغبته، لم نجبرهم على اختيار فرع بعينه، وكنا نحاول اقتراح الحلول واختيار القرار المناسب لهم، كل ذلك لم يكن ينبع من السلطة الأبوية أو فرض السيطرة عليهم بل على العكس تماماً حرصنا ومحبتنا لهم، وواجبنا اتجاههم تأتي بالمقام الأول في فهم أولادنا وفلذة كبدنا”.

وتابع محمود حديثه بالقول: “الظروف المعيشية في بعض الأحيان كانت تجبرنا على رفض رغباتهم، وعدم قدرتنا على تحقيق أمالهم”.

واختتم محمود قائلاً: “ينبغي على الأهل مراعاة رغبات أولادهم والسماح لهم بتنفيذ ما تملي عليه أنفسهم، وتحقيق آمالهم ومستقبلهم، وأن يتحملوا مسؤولية قراراتهم بأنفسهم فهم كبار ويعلمون الصواب ويفرقون الخطأ عن غيره”.

اتّباع أسلوب الحوار والتوجيه الإيجابي

وأكدت لنا بهذا الصدد الأم ليلى حميد قائلةً: “اختار أولادي تخصصهم الجامعي بمفردهم مع بعض النصائح التي قدمناها لهم، والكثير من الدعم والمحبة لأن واجبنا بالدرجة الأولى يكون بالوقوف إلى جانبهم والاستماع إلى ما يريدون بكل احترام، فهم أكثر معرفةً بالجيل الناشئ والجديد ويعملون ما هو المفيد لهم، وأنا أعارض بعض الأهالي في فرض سيطرتهم على طموحات أبناءهم بحجة أنهم أدرى بمصلحتهم”.

ومن هذا المنطلق يجب على الأهل اتّباع أسلوب الحوار والتوجيه الإيجابي مع أبنائهم، واستثمار طاقاتهم بالنجاح في المواضيع التي يبدعون فيها، لأن تدخل الأهل في عملية التوجيه واختيار التخصص الجامعي بصورة قسرية وفرض السلطة الأبوية، قد يوقع الطالب في حيرة من أمره ويصبح عاجزاً عن الاختيار الصحيح، بعكس إذا ما توفر له المناخ الملائم لاتخاذ القرار الصائب.