بضع ملاحظات للمطالبين بتوحيد المواليد

كمال عاكف ـ آدار بريس –

تصدّى الكرد وبمشاركة شعوبها كافة منذ بداية الأزمة السورية للخطر الذي تعرضت له المنطقة؛ ولولا دور الكرد الذي لم يتميز بين الشعوب في المقاومة لما تم بناء ما هو موجود الآن، فالرؤية غير القوموية هي التي وحدت الشعوب وحررت المنطقة وجعلت من هذه التجربة نموذجاً يتحذى بها؛ ومن غير المعقول أن يبادر البعض بتقليص ذلك الدور الكبير والمهم للكرد والتضحيات التي قدموها على مستوى المطالبة برفع سن التكليف لواجب الدفاع الذاتي أسوة بمناطق لم يمضِ سنوات على تحريرها.

من يطالب بهذه المطالب هم من الذين كانوا خارج كل الأطر الثورية التي صنع فيها أبناء وبنات الكرد ملاحم تاريخية. ابتعادهم عن هذه الحقائق وسعيهم لتحصيلات وظيفية مادية؛ يجعلهم يتناسون تقصيرهم أمام ما قدمه الآخرين، حيث توجد عوائل لوحدها قدمت أكثر من ثلاثة شهداء من أب وأم واحدة. انتصار الكرد في هذه الثورة انتصار لكل الشعوب وحريتهم عبر الدور الكردي الهام في سوريا. وللذين يطرحون موضوع توحيد المواليد، لماذا لا تطالبون بتوحيد المواليد في جميع المناطق، بحيث تبدأ بـ 1986 في المناطق كافة بما فيها المناطق العربية المحررة حديثاً؟ بدل أن يتم إعفاء مواليد أصحابها تهربوا حتى الآن من أداء واجب الدفاع الذاتي؛ بحجة توحيد المواليد، إن كان هناك فعلاً لديكم حرص وطني وليس من باب المصلحة الشخصية، وبجميع الأحوال وحتى لو تم توحيد المواليد، وفرض تلك المواليد في المناطق العربية، فماذا سيستفيد أولئك الذي يطالبون بتوحيد المواليد؟ فهم سيظلون مطلوبين ولن يتم إعفاءهم.

مع بدايات تأسيس الإدارة الذاتية بدأ تطبيق القوانين بشكل تدريجي؛ ولم يتم تطبيق القانون بشكل متجزأ أو منفصل، فالمناطق التي تحررت لا تزال تتعرف على النظام الإداري الجديد ومن الطبيعي ألا تكون كما المناطق المحررة منذ البداية، ومراعاتها قانونياً إجراء طبيعي وضروري، في العديد من الدول الاتحادية ومنها الدول الأوروبية قوانين المقاطعات غير موحدة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يوجد حكم الإعدام في ولاية ولا يوجد في أخرى. إن أساس النجاح في ثورة روج آفا هو شكل ونظام الحماية، وبشكل خاص إن منطقتنا لا تزال تعيش ظروف الحرب، وتتطلب الاستعداد والحماية والجهوزية، وهؤلاء أنفسهم الذين يطالبون اليوم بتوحيد المواليد لعل ذلك يعفيهم من الواجب كانوا أكثر الناس الذين انتقدوا عدم الجهوزية الدفاعية في عفرين، رغم حجم التجهيز في عفرين والمقاومة التي استمرت قرابة شهرين ولا تزال، فهل سيدافعون هؤلاء عن المنطقة حال وجود أي خطر؟ إذا كان نعم فالخطر موجود ودولة الاحتلال التركي تحشد قواتها والمرتزقة يحاولون في كل دقيقة مهاجمة المنطقة، فليساهموا في أداء واجبهم حتى تحقيق الاستقرار، وعندها يمكن القول إنهم قاموا بجهودهم الوطنية، أما إذا تهرب هؤلاء من واجبهم فلا يحق لهم المطالبة بتخفيض سن الواجب ليشملهم العفو، بحجج غير مقنعة.

من لا يساهم في حماية المنطقة لا يحق له أن يطلب بتعديل هنا وتحديث هناك، كونه لا يساهم في حماية تجربة تم بناؤها من خلال تضحيات دماء 11 ألف شهيد و25 ألف جريح، ويوجد آلاف الأطفال من الذين فقدوا حنان الأبوة، وهناك الآلاف ومن كافة المواليد موجودون بالجبهات لحماية هذه التجربة دون التفكير بمصالحهم الشخصية. ليس هناك أي معيار وطني يتطلب إثارة موضوع المواليد وتوحيدها، وهناك البعض من يحاول استغلال هذه النقطة لغايات سياسية بهدف تشويه الإدارة الذاتية وخلق البلبلة وعدم الثقة، بشعارات قوموية وطائفية، وعبر نشر الدعايات، ويصبح البعض الآخر أدوات لهم دون وعي وإدراك.

علينا أن نسأل أنفسنا؛ هل ساهمنا بواجبنا كما فعل الآلاف غيرنا حتى نطالب بتوحيد المواليد والعفو من واجب الدفاع الذاتي؟ ويقيناً من يلعب دوره الثوري لا يطالب بهذه المطالب، بل يسعى لأن يكافح أكثر، من دون التفكير بمصالحه الشخصية، فهذه التجربة تتعرض لمخاطر عديدة وعلينا الدفاع عنها حتى لا نلوم بعضنا غداً، ونضع المسؤولية على غيرنا، والإدارة الذاتية حينما وافقت على قانون واجب الدفاع الذاتي بصيغته الحالية لم يكن همها سوى حماية هذه التجربة وكافة شعوبها دون تمييز.