No Result
View All Result
المشاهدات 2
رفيق ابراهيم –
مما لا شكل فيه إن هبوط الليرة السورية أمام العملات الأجنبية في هذه الأيام، والارتفاع الملحوظ لسعر الدولار بخاصة أمامها من الأمور الهامة، التي تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية لدى المواطن بشكل عام، وعلى الطبقة التي تعيش على الرواتب والأجور بشكلٍ خاص، وبالطبع هم الأكثرية المطلقة. إن ما نعيشه هذه الأيام هو لعبة من ألاعيب التجار والسماسرة الذين لا يدخرون أي جهد في اللعب بزاد الناس وقوت يومهم ولقمة عيشهم، وينتهزون الفرص المناسبة لتحقيق المزيد من الأرباح المادية، بغض النظر عمن يستهدفون ويتأثرون بهذه المشكلة، والمهم عندهم هو الربح المادي وبأي شكلٍ من الأشكال، حتى ولو كانت على حساب جيوب الشعب ولقمة عيشه.
فهؤلاء يلعبون بالدولار كما يحلو لهم دون رادع أخلاقي أولاً، وضوابط المحاسبة الفعالة من قبل الجهات المعنية بذلك، وهنا قد يقول قائل إن هبوط الدولار وزيادته مرتبط بالبنك المركزي السوري في دمشق، وبما يقرره المسؤولين عن هذا البنك. نعم وأنا أيضاً أقول قد يكون هذا الرأي صائباً ولكن بجزئيته وإلى حدٍ ما، ولكن الجزئية الأخرى المكملة هي لعبة التجار، حيث يرتفع سعر الدولار خلال هذه الفترة من العام في كل مرة، ويمكننا أن نستنتج من ذلك أن المسألة مرتبطة نوعاً ما بالمحاصيل الزراعية وضرب أسعارها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن موسم هذا العام كان استثنائياً، لما تعرض له من حرائق أكلت الأخضر واليابس، والتي كانت بأغلبيتها العظمى بفعل فاعل. ومشكلة هبوط الليرة السورية من المشاكل المعقدة التي يصعب حلها وفي هذه الأوقات بالذات، وبخاصة أن الاقتصاد السوري يعاني من ركود كبير، وقلة الاستثمارات وتدمير البنى التحتية نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من ثماني سنوات، خسر فيه الاقتصاد السوري مليارات الدولارات، هذا غير المليارات الأخرى اللازمة لإعادة ما دمرته الحرب خلال السنوات الماضية من الحرب الدائرة على الساحة السورية.
ولإعادة الاستقرار والإنعاش إلى الاقتصاد والليرة السورية يجب العمل على إنهاء الحرب السورية في بادئ الأمر، ودعوة السوريين جميعاً إلى حوارٍ جدي غير إقصائي، والاعتراف بحقوق الأخرين وبخاصة شعوب شمال وشرق سوريا، وإنهاء الأزمة السورية ستؤدي حتماً على عودة عجلة الحياة والاستقرار والأمان، وبذلك سيبدأ عملية البناء للاقتصاد السوري من جديد، وبالطبع ليست هناك وصفة سحرية جاهزة لإعادة كل شيء إلى وضعه الطبيعي. لكن مع مرور الزمن يمكننا كسوريين محو نتائج الحرب المدمرة التي جرت ولا زالت تستمر بفعل المصالح الإقليمية والدولية، وفي آخر الاحصائيات التي صدرت عن الأمم المتحدة هناك أكثر من ستة ملايين نازح في الداخل السوري، وما يزيد عددهم عن خمسة ملايين مهجر توزعوا في جميع دول العالم، هذا غير تدمير البنى التحتية في الكثير من المدن والمناطق السورية. إن السيطرة على السوق السوداء من أولى الأولويات التي يجب أن تتم، ولهذا فالدولة مسؤولة عن توفير دعم الصندوق من القطع الأجنبي والسيولة المادية اللازمة لضخها في السوق، لدعم الليرة السورية، ومحاربة التجار والصرافين الذين يستغلون التضارب الحاصل لمنافعهم الشخصية، ليدفع بذلك المواطن الضريبة في النهاية، والمشكلة أن النظام السوري لا يهمه من الأمر شيئاً سوى الحفاظ على كرسي الرئاسة، وبقاءه لأطول مدة ممكنة، وهو من يساهم في هذا الزلزال الاقتصادي الكبير لأنه يصرف الملايين يومياً على الحرب التي أرهقت البلاد والعباد. وبخاصة أن الأكثرية الساحقة من السوريين يعيشون على الرواتب التي لم تعد تسد الرمق حيث لا يتجاوز راتب الموظف في دوائر النظام السوري المئة دولار، وهذه لا تكفي الضروريات الأساسية خلال عشرة أيام، إذا النظام السوري يتحمل الجزء الأكبر في انهيار الليرة السورية، من خلال خططه الفاشلة في دعم الليرة، ومن خلال عدم سيطرتها على السوق السوداء التي يتلاعب بها التجار كما يشاؤون، وبالنتيجة الخاسر الوحيد من عملية ارتفاع ونزول الليرة السورية أمام الدولار هو المواطن، وهو الذي يتحمل الأعباء الكبيرة في تأمين الحياة الحرة الكريمة.
No Result
View All Result