No Result
View All Result
المشاهدات 0
ماهر زكريا –
تعود الذاكرة بالأحداث السياسية التي تجري في تركيا إلى زمن سحيق، زمن الحرب بين الإغريق (اليونان) وطروادة في عام 1300 ق.م، حيث ابتكر الإغريق خدعة جر حصان خشبي عملاق على عجلات ضخمة إلى أسوار المدينة، حيث ظن أهل طروادة أنها هدية. لكن؛ كان الحصان محملاً بالمحاربين الإغريق الذين تمكنوا من استعادت هيلانة وطردوا أهلها؛ وهذا ما انعكس على انتخابات البلديات التركية التي جرى إعادتها بمدينة إسطنبول في 23 حزيران بعد خسارتها في أواخر آذار، وكان قد طعن في نزاهتها أردوغان إلا أنه خسرها مرة أخرى، ومما لا شك فيه أنه لم يقرأ الدور الكردي الفعال الذي لعب في الانتخابات والتصويت من قبله في الاقتراع لصالح المعارضة وحزب الشعب الجمهوري ومرشحه أكرم إمام أوغلو، ودور حزب الشعوب الديمقراطية في إسطنبول.
تعد خسارة أردغان في إسطنبول للمرة الثانية على التوالي بعد إعادة الانتخابات؛ نتيجة لتوحد المعارضة التي حققت نجاحاً باهراً في فترة وجيزة، استطاع حزب الشعوب الديمقراطية عكس صورة ناصعة في تركيا، وضمن أكبر المدن التركية، حيث استطاع جمع مؤيديه، وتمكن من التفاف المعارضة حول المرشح أكرم إمام أوغلو لتكون خسارة أردوغان وحزبه. بعد السياسات التعسفية التي استخدمها من سياسة الحديد والنار وممارسة الديكتاتورية وتطبيق سياسة اعتقال المعارضة بين الفترة والأخرى، كل ذلك أضعف من جماهيرية أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية، وكانت للسياسة الكردية التي طبقت مفهوم الأمة الديمقراطية تأثيرها على الشعب التركي في إسطنبول؛ لتقود حزب المعارضة إلى الفوز. وبذلك فاز أكرم إمام أوغلو بمقعد بلدية إسطنبول التي تعد من أكبر المدن التركية، لتذهب على طبق من ذهب لصالح حزب الشعب الجمهوري، وكان للكرد في ذلك نصيباً وقد استفادوا من استخدام طريقة الإغريق وخدعة حصان طروادة الخشبي، لتحقيق النصر رغم الأسوار العالية التي بنيت في وجه الفكر الديمقراطي.
لقد لقن حزب الشعوب الديمقراطية أردوغان درساً كبيراً في خسارة حزب العدالة والتنمية لبلدية إسطنبول مرة أخرى، وقبلها استطاع سحب البساط من تحته في بلديتي أنقرة وإزمير كبرى البلديات التركية، حيث تمكن الكرد من تفكيك شيفرة أردوغان وساهم في خسارته بتلك المدن، وكان نصراً سياسياً جديداً في تاريخ الأحزاب المشاركة بالانتخابات، وكان للدور الكردي بصمة في تطبيق الفكر الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، ولا بد من التحالف مع الأحزاب الديمقراطية للوصول إلى الحاضنة الشعبية، وجرى ذلك نتيجة التقارب بين المعارضة وحزب الشعب الجمهوري، واستطاع الكرد انتزاع إسطنبول من فكي أردوغان بالتقدم على حزبه بفارق كبير وصل لحدود 700 ألف صوت. بينما خسر أردوغان التحالف المصيري مع من كان حيادياً في الانتخابات السابقة من الشعب، بعد وضوح الرؤية الشعبية مع اختيار المرشح المناسب، وليس المرشح الذي أصبح واضحاَ وقوفه ضد الأفكار الحرة والديمقراطية. لقد قرأ الكرد مرة جديدة رسالة القائد أوجلان وطبقوها على أرض الواقع؛ ما أثر على نتائج الانتخابات فخسرت الديكتاتورية ونجحت الديمقراطية. اليوم خرجت إسطنبول من قبضة العدالة والتنمية، ولم يثمر جهد الطغاة إلا عن فشل؛ فهل حلل أردوغان مواقفه وتساءل عن أسباب إخفاقه في المدن الثلاث، وهل سيتمكن حزب الشعب الجمهوري الاستمرار في تحقيق النصر السياسي الذي استفاد منه بإسطنبول؟ كيف سيقود حزب الشعب الجمهوري القوى الشعبية في اسطنبول وغيرها من المدن التركية؟ وماذا إن لم يستغل هذه الظروف ويقرأ المستقبل ويضع كل الإمكانات أمام تقديم كل ما هو أفضل للجماهير في اسطنبول؟
No Result
View All Result