سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رعونة أردوغان السياسيّة ستؤدي إلى حتفه

نوري سعيد –

اتهم زعيم العدالة والتنمية التركي أردوغان حزب الشعب الجمهوري المعارض بأنه مارس التزوير في الانتخابات البلدية لمدينة إسطنبول، بعد فوز أكرم أوغلو على منافسه من حزب العدالة والتنمية علي بن يلدرم بفارق 13 ألف صوت في المرة الأولى، حيث طالب أردوغان بإعادة الانتخابات في إسطنبول. ولكن؛ بدلاً من أن يكحلها أردوغان عماها كما يقال؛ لأن المعارضة فازت أيضاً في المرة الثانية. ولكن؛ هذه المرة بفارق تجاوز 700 ألف صوت، وأثبتت بذلك كذب ادعاءات أردوغان وإنه بات وحزبه غير مرغوبين بهم داخلياً ولا إقليمياً ولا دولياً؛ وذلك بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعها وفي مقدمتها عداوة الكرد أينما كانوا، فالعدالة والتنمية حتى الآن لا يعترف بوجود مشكلة كردية في تركيا، ويعتبر حركة التحرر الكردستانية إرهابية، أما احتلال جرابلس والباب وإعزاز وعفرين من قبل الجيش التركي فيعتبرها حق شرعي للدولة التركية المحتلة بموجب الميثاق الملي!
وهنا نقول: إسرائيل أيضاً كانت تتهم منظمة التحرير الفلسطينية بالإرهاب، أما ما فعله شارون في مخيم تل الزعتر فلم يكن إرهاباً في نظرها! وكما هو معروف؛ فإن الخلاف الأوروبي والأمريكي مع الدولة التركية المحتلة عائد إلى مسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة. ولهذا؛ كان الاتحاد الأوروبي ولا يزال يرفض انضمام الدولة التركية المحتلة إلى الاتحاد الأوروبي بسبب سجلها الأسود، بالإضافة إلى دعمها للإرهاب الداعشي والنصرة والإخوان المسلمين على المستويين الإقليمي والدولي، ومحاولتها استغلال الخلاف الروسي الأمريكي، كما أن التعاون العسكري بين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا، أثار حفيظة أردوغان فاستدار نحو موسكو وعقد معها صفقة صواريخ إس 400، وعليه فإن أردوغان بات يتخبط في سياساته نتيجة العداء الكبير للكرد أولاً، وشعوب المنطقة ثانياً. والصفعة التي تلقاها أردوغان في إسطنبول لن تكون الأخيرة إذا استمر في نهجه الديكتاتوري والتفرد بالسلطة، ويبدو أن بوادر الخلاف التركي الروسي باتت تلوح في الأفق أيضاً جراء معركة إدلب؛ لأن الروس يعتبرون أردوغان عديم المصداقية؛ كونه لم يفِ بتعهداته التي قَبِل بها في سوتشي. وبحسب الاتفاق كان على الدولة التركية المحتلة نزع سلاح جبهة النصرة المحسوبة عليها، والفصل بين المجاميع المرتزقة المتطرفة والمعتدلة؛ لأن بقاءها يشكل تهديداً لقاعدة حميميم في الساحل السوري. من هنا لو خسر أردوغان معركة إدلب؛ فإن أحلامه في سوريا ستسقط الواحدة تلو الأخرى، وأولها سيكون تحرير عفرين وكافة المناطق الأخرى المحتلة من الأراضي السورية؛ الأمر الذي سيؤثر حتماً على انخفاض شعبية أردوغان في الداخل التركي، ومهما حاول الخروج من مستنقع إدلب، فلن يكتب له النجاح؛ لأنه مصاب بداء جنون العظمة وهذا الداء إذا ما أصيب به أحداً ما، فإن نهايته تغدو وشيكة كما حصل مع صدام حسين، عندما تخبط في اتخاذ القرارات الصائبة. والشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ أردوغان من هذه الحالة هو الانفتاح على الكرد، والإفراج عن القائد والمفكر الكردي عبد الله أوجلان صاحب فكرة الأمة الديمقراطية التي تصلح لأن تكون الحل للمشاكل كافة التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، والتي تقوم على التعايش الأخوي بين شعوب المنطقة وقيام أنظمة حكم ديمقراطية لا مركزية حقيقية، وبغير ذلك فإن مصير أردوغان وحزبه لن يكون سوى مزبلة التاريخ؛ لأنه المكان الذي يليق بكل من لا يتعظ بدروس التاريخ وعبره.