تمخض الجبل فأنجبَ فأراً..!!

غاندي إسكندر –

“تمخض الجبل فأنجب فأراً” تنطبق هذه العبارة على أردوغان وحزبه، وتشير إلى أن الجبل بقوته، وعظمته، وكِبر حجمه عندما أراد أن ينجب شيئا كان من المفترض أن ينجب جبلاً مثله لكنه أنجب فأراً، وهذه المقولة تُقال عند انتظار شيء كبير، وإنجاز عظيم من شخص، أو مؤسسة وبالمقابل لم يخرج منهم شيئاً مفيداً، ولم يكن الإنجاز بقدر الجهد والوقت الذي بُذِل من أجله. لا أغالي أبداً باستحضاري لهذه العبارة التي أرى أنها تنطبق على حالة أردوغان وحزبه مساء يوم الثالث والعشرين من الشهر الجاري، حينما أعلنت النتائج غير الرسمية للانتخابات المعادة لبلدية إسطنبول، والتي أشارت بعد فرز أكثر من 90 بالمئة من الأصوات إلى فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو أمام مرشح أردوغان وحزب العدالة والتنمية بن علي يلدرم. مما لاشك فيه أن هزيمة بن علي يلدريم تشكل ضربة قاصمة لأحلام أردوغان الذي لم يتعود على الخسارة منذ عام 2002وقد أكد جميع المراقبين أن “خسارة إسطنبول تعني خسارة تركيا”؛ هذه المقولة التي كررها أردوغان بنفسه أكثر من مرة أمام مناصريه عندما كان يحشد لانتخابات البلدية قبل أشهر، وتعتبر هذه الهزيمة الثانية لأردوغان بمثابة الانتكاسة الأكثر ألماً التي مُنيَ بها أردوغان منذ سنوات، وهي انتكاسة لطموحات السلطان الذي أراد أن يعيد بدكتاتوريته، وعنجهيته الأيام الخوالي للسلطنة العثمانية تلك السلطنة السيئة الصيت والتي جثمت على صدور الشعوب لمدة أربعة قرون، وتأتي خسارة حزب العدالة، والتنمية  لمدينة إسطنبول فقدان لكامل تركيا بالرغم من التزوير الذي قام به الحزب، والذي تمثل بنقل نصف مليون مواطن إلى إسطنبول بهدف التصويت، وكذلك وضعه عراقيل أمام أنصار المعارضة للوصول إلى المراكز الانتخابية. ويعزو العديد من المراقبين للشأن التركي أن لهزيمة العدالة والتنمية عدة أسباب أولها الاقتصاد التركي المنهار، والذي أدى إلى انحدار الليرة إلى مستويات دُنيا، وثانياً تراجع مستوى الحريات في تركيا، ولا سيما بعد المحاولة الانقلابية المفبركة على أردوغان عام 2016 فقد تم حبس قادة أحزاب المعارضة، ورؤساء البلديات، والصحفيين وأعضاء المجتمع المدني، والأكاديميين وفصل واعتقال القضاة وكل من يتفوه بكلمة “لا”، وكذلك ممارسة ضغوط شديدة على حريات التجمع، والتعبير عن الرأي ثالثاً كلمات التخوين، ودعم الإرهاب العديدة التي كان يستخدمها أردوغان وحزبه عند حديثهم عن الخصوم رابعاً، والقشة التي قصمت ظهر أردوغان وأسقطته في الهاوية هو تصويت الشعب الكردي لمرشح المعارضة ليس حباً في مرشح المعارضة إنما لتبيان أن الشعب الكردي له القدرة في تغيير موازيين السياسة. وأن أي منطق سياسي لن يفرض على دولة الاحتلال التركي إلا بنيل رضاه فدعوة حزب الشعوب الديمقراطية، وعلى راسهم دعوة القيادي صلاح الدين دميرتاش من وراء القضبان لدعم مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، كانت بمثابة الكلمة الفصل لأصوات الشعب الكردي والشعوب المؤمنة بالديمقراطية، وخامساً السياسة الخارجية التي اتبعها أردوغان، ولا سيما في سوريا، ودعمه اللامحدود للإرهابين بالمال، والسلاح واحتلاله للعديد من مدن الشمال السوري وعلى رأسها عفرين وتصديره لمشاكله الداخلية إلى الرقة وشرق الفرات وغزة و مصر وليبيا والسودان هذه الأسباب وغيرها جعلته يفقد أهم مدينة في تركيا وهي إسطنبول ويسقط سقوطاً مدويّاً إلى الهاوية.