No Result
View All Result
المشاهدات 3
رياض درار –
ما هي فحوى القمم الثلاث في مكة التي غابت إيران على الأقل من جزئها الإسلامي، والتي من الملاحظ فيها عودة قطر إلى البيت الخليجي والعربي. ولكن؛ لا أعتقد سيكون بمواجهة إيران، فحلفاء إيران يرون انقساماً في الموقف الخليجي إزاء إيران، وأقصى ما ستطلبه تضامناً ضد أي استهداف للسعودية والإمارات، وتأكيداً على أمن الخليج، وحلاً سياسياً للمشكلات وضمان نقل الطاقة. ولكن؛ لا سقف أعلى من ذلك. والقمة العربية فيها دول تنأى بالنفس، وربما لن تندفع وراء التحشيد، وستكون دعوتهم لتخفيف التوتر ولحلول سياسية تفتح الباب لعمل يوقف التمادي الإيراني في المنطقة. وستكون بيانات القمم لإرضاء السعودية، فخطابات الوفود الهادئة والمبهمة لا تسعى للتصعيد؛ بما فيها القمة الإسلامية بوجود مواقف لا ترضى بالتصعيد والذهاب إلى المواجهة. فماذا يتبقى من الحشد وأمريكا لم تعد في وارد التصعيد أيضاً، وتصريحات قياداتها تتناقض بين مسعى التفاوض والتهديد مع اللعب بالكلمات يوحي هذا السياق بأن الهدف الحقيقي من عقد القمم الثلاث في مكة هو الحصول على غطاء سياسي يسمح بتبرير الحرب على إيران، أو على الأقل مواصلة الضغط عليها، عبر الحصار الاقتصادي والحشود العسكرية، إلى أن تستسلم لمجمل المطالب الأمريكية والإسرائيلية والعربية. غير أن تحقيق هذا الهدف دونه عقبات كثيرة منها الانقسام الخليجي، وضعف الدول العربية المشغولة بقضاياها وأوضاعها الداخلية، مع توقع تنسيق قوي بين إيران والاحتلال التركي لإجهاض المناورات السعودية.
ومع التردد الأمريكي ومرده الخشية من خسارة بشرية كبرى لا تتحملها الإدارة الأمريكية التي قد تتلقى ضربة لا تتحملها بسبب كثافة الصواريخ ومداها ودقتها، وجعل القواعد الأمريكية أهدافاً تحت مرمى النيران الإيرانية، فإن أمريكا قد تبدل وسائل الضغط بأنواعه بانتظار للأجواء التي تتهيأ لحشد كاف للجيوش. لذلك؛ تتراجع من حشد للقوات إلى السعي للتفاوض بهدف تغيير سياسة النظام. وفي هذه الفترة تسعى إيران لرد مناسب بالوقوف على حافة الهاوية. إيران لها مشاكل جمة مع النظام الدولي وتهديدات مستمرة لدول الجوار، وتدخل مؤلم انتهى بالسيطرة على القرار في أربع عواصم عربية. وكان بومبيو تقدم بشروط تتضمن هذه التهديدات، وتطاول جميع الملفات المرتبطة بإيران، منها ما يتعلق بدورها الإقليمي، وما يرتبط ببرامجها الصاروخية والنووية. وجاءت هذه الشروط في معرض أنها مفتاح التفاوض المؤدي إلى اتفاق جديد. ولكنها؛ شروط قاسية وتعجيزية. وهذه الشروط تتضمن موقفا أكثر تشدداً في موضوع تخصيب اليورانيوم، ووضع حد لانتشار الصواريخ البالستية، ووضع حد لدعم المجموعات الإرهابية “الحشد الشيعي والحوثي حزب الله وطالبان”. وإطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لديها، ووضع حد لفيلق القدس، والانسحاب من سوريا، وعدم تهديد اسرائيل.
الرد الإيراني جاء باختبار حدود العزم الأمريكي على تنفيذ تهديداته من خلال عمليات تخريب جرت بالوكالة لمرفأ الفجيرة ضد ناقلات سعودية وإماراتية ومحطات ضخ النفط بالسعودية. وموقف إيران ألا تفاوض تحت الضغط. يعني أن التفاوض ممكن. ولذلك؛ جرت تهدئة وعدم الذهاب إلى النزاع المباشر بإشارات ترامب وخامنئي أنهما غير راغبين بالحرب وضرورة التوصل إلى اتفاق. لكن؛ لا ثقة للإيراني بالتصريحات وخيار المقاومة مستمر إلى درجة السعي لرفع التخصيب أربع مرات وصولاً إلى العتبة النووية، وخلا مدة الشهرين الممنوحة لمراجعة المواقف من قبل أوروبا ودول العالم للتعويض عن الضغوط الأمريكية أي تفاوض سترضخ له إيران قد لا يصل إلى القبول بشروط بومبيو، لأنها تعادل إسقاط النظام. وبالتأكيد أن رفع العقوبات عن إيران هو نصر يبقي على حياتها واستمرار نفوذها بوسائل أخرى. لذلك؛ قد تقبل ببعض الشروط، وتجمد البعض الآخر. وقد يكون وراء التصريحات حركات مخادعة، وقد تكون الحرب على الأبواب ولكنها ليست حرباً كالحروب؛ لأن أمريكا إذا خاضتها بأقل عدد من الحلفاء ستستخدم أقصى ما تملك من قوة وتدمير؛ ما يشكل خطراً على مستقبل المنطقة، وعلى الحياة فيها، وقد لا تكون إيران موجودة بنهاية المواجهة. ولكن؛ أطرافاً مؤيدة لإيران ستفتح جبهات مؤثرة على شواطئ المتوسط، ومنها على الأرض السورية، من خلال الشركاء المحليين، من لبنان والعراق والأفغان؛ لاستهداف القواعد الأمريكية، ولن تكون قوات سوريا الديمقراطية بعيدة عن المواجهة؛ لأنها لن تكون على الحياد في حال استهدافها.
إنّ الحرب ستجر مزيداً من الويلات على سوريا. لذلك؛ لا بد من نداء للتفاوض البناء، وحل الصراع بتفاهمات تقوم على المصالح والمنافع التي تجنب المدنيين دفع الأثمان الباهظة.
No Result
View All Result