روناهي/ دير الزور _ شدد أهالي ريف مقاطعة دير الزور على أن السبيل الوحيد لضمان قدرتهم على تأمين متطلباتهم وحاجاتهم بأسعار مناسبة يكمن في تفعيل رقابة حقيقية ومستمرة على الأسواق.
في ظل الواقع الاقتصادي الصعب، وبعيداً عن الأضواء البراقة للمحلات التجارية الفاخرة، تتجه الأنظار نحو وجهة بديلة، فبات “الملاذ الأخير” للكثيرين: أسواق الملابس المستعملة، أو ما يُعرف شعبياً بـ “البالة”. هذه الأسواق، التي كانت في السابق خياراً ثانوياً أو للباحثين عن “صفقات” معينة، تحولت اليوم إلى شريان حيوي ورئيسي يؤمن لأطفال دير الزور “كسوة العيد” ولو بمعايير مختلفة.
هذا التوجه اللافت يأتي في ظل استمرار ارتفاع أسعار الملابس الجديدة بشكل جنوني، الأمر الذي يثقل كاهل الأهالي ويزيد من معاناتهم الاقتصادية، ويدفعهم للبحث عن بدائل توفر لأطفالهم بهجة العيد ولو بأبسط الوسائل.
“الملاذ الأخير” في ظل تآكل القدرة الشرائية
في السياق تحدث ساجد المسبر أحد أهالي ريف مقاطعة دير الزور وأشار أسواق “البالة” بأنها “الملاذ الأخير” لهم في ظل عجزهم التام عن شراء ملابس جديدة لأطفالهم مع قدوم العيد. يعكس هذا الواقع المرير بقوله: “كنا نشتري لكل طفل طقماً جديداً في العيد، وكانت تلك من أبسط البديهيات. أما اليوم، فحتى ‘البالة’ أصبحنا نختار الأرخص لأن أسعار الملابس الجديدة مرتفعة جداً ولا تتناسب أبداً مع دخل أي عامل أو موظف أو فلاح.”
وأضاف في إشارة إلى المفارقة الاقتصادية التي يعيشونها: “على الجهات المسؤولة مراقبة التجار وأسعار الملابس والمواد التموينية ومنعهم من استغلال الأهالي. فمن غير المعقول أن الأسعار ارتفعت على عكس المتوقع تماماً، حتى مع هبوط سعر صرف الدولار وتحسن الليرة السورية. هذا التناقض يزيد من صعوبة تأمين احتياجاتنا الأساسية.”
فارق أسعار صادم يدفع للتغيير
من جانبها أشارت جميلة الابراهيم إلى المقارنات الاقتصادية على هذا الواقع المؤلم؛ فسعر طقم ملابس جديد لطفل واحد قد يتجاوز 200 ألف ليرة سورية، بينما يمكن شراء طقم مستعمل بحالة جيدة من “البالة” بسعر يتراوح بين 30 إلى 40 ألف ليرة فقط.
وقالت هذا الفارق الكبير، الذي يمثل فجوة هائلة في القدرة الشرائية، دفع الكثيرين لتغيير عاداتهم المتوارثة والتوجه إلى الأسواق المستعملة، رغم ارتباط العيد تاريخياً بشراء الملابس الجديدة ذات الرائحة المميزة.
وأشارت بكلمات مؤثرة: “شراء الملابس المستعملة ليس عيباً، وأهم شيء بالنسبة لي أن أرى أطفالي فرحين بالعيد. الملابس النظيفة والمناسبة تكفيني لأرى الفرحة ترتسم على وجوههم. لم نتجه للملابس المستعملة من باب توفير المال فحسب، بل لتأمين احتياجات أساسية كانت فيما مضى من البديهيات التي لا يمكن التفكير في الاستغناء عنها.”
في السياق ذاته تحدث أحمد العلي أحد تجار “البالة” في قرية حوايج بومصعة: “خلال موسم العيد، نبيع ثلاثة أضعاف ما نبيعه في الأيام العادية. الناس تبحث عن النوعية الجيدة والسعر المناسب، ونحن نحاول تلبية هذا الطلب المتزايد قدر الإمكان.
واختتم: “نحاول أن نلبي كافة الطلبات بأسعار جيدة تتناسب مع الواقع المعيشي والحالي لأهالي مقاطعة دير الزور، نأمل أن يتم يكون هناك رقاية فعيلة على حركة البيع في الأسواق ليستطيع الأهالي شراء ما يتناسب حاجاتهم”.