روناهي / دير الزور – شهدت أسواق المواشي في ريف مقاطعة دير الزور حركة نشطة وإقبالاً ملحوظاً من قبل الأهالي على شراء أضاحي العيد، وسط انخفاض لافت للأسعار، فيما أكد الأهالي بتمسكهم بالتقاليد والعادات المرتبطة بعيد الأضحى، مثلاً شراء الأضاحي التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من التراث الإسلامي وتجسيداً لروح العطاء والتكافل الاجتماعي.
في كل عام، ومع إشراقة هلال ذي الحجة، تنتشر نسائم الإيمان والبهجة في الأرجاء، معلنة قرب حلول عيد الأضحى المبارك، الذي يُعد واحداً من أعظم شعائر الإسلام وأكثرها عمقاً في نفوس المسلمين حول العالم. هذا العيد، المعروف بـ “عيد النحر” أو “العيد الكبير”، ليس مجرد مناسبة دينية عابرة، بل هو تجسيد حي لذكرى خالدة تعود بنا إلى قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام وفدائه لابنه إسماعيل بكبش عظيم. إنه عيد يرمز إلى أسمى معاني التسليم المطلق لأمر الله، والتضحية في سبيله، والتكافل الاجتماعي الذي يعزز روابط المحبة والعطاء بين أفراد المجتمع.
ففي هذا اليوم المبارك، يقدم المسلمون القادرون على الذبح أضاحيهم من الأنعام – من الأغنام والماعز والأبقار – تقرباً إلى الخالق، ثم يوزعون لحومها على الفقراء والمساكين والأقارب والجيران، ليُصبح العيد بذلك جسراً يربط بين الغني والفقير، ونافذة تطل منها رحمة الله على المحتاجين، ومناسبة لتعزيز التكافل والتضامن في المجتمع.
الإقبال على الشراء
في سياق ذلك التقت صحيفتنا “جاسم عبد الكريم” أحد بائعي المواشي ريف دير الزور، وأشار إلى “مع إطلالة عيد الأضحى المبارك، الذي يُعرف بـ “عيد النحر” أو “العيد الكبير”، تشهد أسواق المواشي في دير الزور حراكاً تجارياً استثنائياً وإقبالاً لافتاً من قبل الأهالي الباحثين عن أضاحي العيد”.
وأضاف “هذا العيد، الذي شرعه الإسلام كشعيرة عظيمة لتخليد ذكرى فداء نبي الله إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، يجسد معاني التقوى والعطاء، حيث يُقدم المسلمون القادرون على الذبح أضاحيهم تقرباً إلى الله وتوزيعاً للحوم على الفقراء والمساكين والأقارب، إحياءً لسنة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام”.
وأوضح بأنه شهد السوق في دير الزور هذا العام انخفاض الكبير في أسعار الأضاحي مقارنةً بالعام الماضي، الأمر الذي أثار دهشة الكثيرين، ولكنه في الوقت نفسه ساهم في تحفيز الأهالي على الشراء بكثرة.
ونوه إلى “في العام الماضي، كان سعر رأس الغنم الواحد يصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية، بينما يشهد هذا العام تراجعاً مذهلاً، حيث لا يتجاوز سعر الرأس الواحد 900 ألف ليرة سورية، هذا الانخفاض شمل كافة أنواع الأضاحي؛ فالنعجة التي كانت تباع بثلاثة ملايين ليرة العام الماضي، أصبح سعرها اليوم مليون ونصف المليون ليرة. أما الخاروف، الذي كان سعره في العام الماضي حوالي ثلاثة ملايين ليرة، فقد وصل هذا العام إلى مليون ومئتي ألف ليرة فقط”.
واختتم “جاسم عبد الكريم” حديثه مشيراً إلى أنه على الرغم من هذه الوفرة في المعروض وتدني الأسعار، إلا أن قطاع تربية الماشية في دير الزور لم يسلم من التحديات القاسية هذا العام.
فبحسب مربين وتجار في السوق، فإن موجة الجفاف التي ضربت المنطقة، وشُحّ الأمطار، أدت إلى ندرة المراعي الطبيعية، مما اضطر المربين إلى الاعتماد بشكل كامل على الأعلاف الصناعية التي شهدت هي الأخرى ارتفاعاً جنونياً في أسعارها.
تعزيز روح التكافل والتضامن
من جانبه لفت “جابر العبود” أحد الأهالي في دير الزور، بإن هذا الواقع انعكس بشكل مباشر على أوزان المواشي، وذلك لكون أغلب المواشي المعروضة بوزن قليل نسبياً مقارنةً بالسنوات الماضية، بسبب قلة العلف وارتفاع تكاليفه.
وأكد “يوجد إقبال كبير على شراء الأضاحي هذا العام، ويعود ذلك لتمسّك أهالي دير الزور الشديد بعاداتهم وتقاليدهم الدينية العريقة، ففعل الأضحية لا يمثل مجرد فريضة يؤديها القادرون، بل هو تعبير عن روح التكافل والتضامن، حيث يجد الكثيرون في هذه المناسبة فرصة لإدخال الفرحة على قلوب الأسر المحتاجة”.