علم المرأة لقاء المرأة مع الحقيقة ـ2ـ

أكاديمية علم المرأة –

إنًّ الإنسانية في بحث دائم عن الحرية من أجل إضفاء طابع ذي معنى على حياتها ووجودها، لذلك طوّرت أساليب مختلفة لتحقيق أهدافها، ولكن بشكل عام اعتمدت على أربع وسائل: الميثولوجيا، الدين، الفلسفة والعلم، إلا أنَّ تأثير التفكير الجنسي على تأملات وفكر الإنسان واضحة المعالم، حيث نستطيع رؤية آثارها على تلك الوسائل بشكلٍ كبيرٍ جداً. لذلك؛ يجب إعادة استخدام هذه الوسائل بصبغة جديدة، وفي الوقت نفسه يجب أن تمرّ تلك الوسائل من مصفاة الحرية الجنسية، كذلك تظهر الحاجة بأن يكون العلم والأخلاق في توازن ووئام دائمين.

وضعت كل واحدة من الوسائل الأربع التي تعبّر عن الحقيقة تعريفاً للمرأة بما يتناسب مع آرائها، هذه الآراء المتسلطة والمستبدة قامت بتقطيع حقيقة المرأة، حيث قالت إحداها بأن المرأة عفريت والأخرى ادّعت أن المرأة ملاك. أرسطو تحت شعار الفلسفة قال بأن المرأة إنسان ناقص، فرويد تحت اسم علم النفس قال عن المرأة بأنّ «المرأة كائن ضعيف»، لهذا السبب كلما قام علم المرأة بالبحث العميق حول هذه الآراء والنظريات، ومن ثم بنقدها؛ سيستطيع في الوقت نفسه أن يطوراً بديلاً عنها، حيث أن التفكير الجنسي قد أصبح مشروعاً من جانب العلم، لذلك تصبح كل الأخطاء الموجودة في الوسائل الأربع موضوعات للنقد من قبل علم المرأة، وكلما تطورت التحليلات القوية من قبل المرأة، ستخرج الحقيقة كذلك في الوقت نفسه إلى الوسط.

نكوص الحركة الفامينية

إنَّ علم المرأة يحافظ ويعترف بميراث النساء كافة، وبالأخص يحافظ على النتاجات والنشاطات التي خرجت من قبل الحركة الفامينية، لذلك يجب أن يعرف كل واحد بأن نشاط علم المرأة ربما يكون جديداً لكنه ليس بدون أساس، حيث تمتلك ميراثاً غنياً، فالحركة الفامينية بذلت مجهوداً ونضالاً كبيراً من أجل أن تظهر مشكلة المرأة إلى الملأ في العالم أجمع، وقامت بتعريف مشكلة المرأة، فالحركة الفامينية كانت تشكل تياراً راديكالياً في وقت ظهورها، وقامت بخطوات كبيرة، لكن بالرغم من ذلك ينتقد علم المرأة التيارات الفامينية، حيث ينتقد علم المرأة انصهار الحركات الفامينية ويوضّح بأن الفامينية تعيش العديد من المشكلات النابعة من الذهنية والآراء، ولم تستطع أن تجعل من نفسها بديلاً، حيث لم تستطع أن تتخطى الذهنية الحاكمة. خرجت بعض النساء الطليعيات اللواتي حققن في شخصياتهن بعض الأمور التي ثارت حولها العديد من إشارات الاستفهام، لكنهنَّ لم يستمررن في ذلك المستوى، ولم يستطعْنَ بناء البديل في فكرهنَّ وأهدافهنَّ، ولم يصبحن صوتاً واحداً، فالخطأ الفادح الذي ارتكبته الفامينية هو تركها لمداومة النضال بعد أن أخذت بعض الحقوق السياسية والحقوقية، وبالرغم من عمق مشكلات المرأة إلا أنه توجد العديد من النقاط الضعيفة في النواحي التاريخية والاجتماعية. ولسنا وحدنا من ننتقدهن في تلك النقاط التي ذكرناها، وإنما يقوم التيار الثالث داخل الحركة الفامينية أيضاً بنقد واسع على الذهنية الفامينية السابقة لها. وتطرح السؤال الذي فحواه: من أين بدأت ظهور هذه المشكلة؟ ولماذا بقيت منفعلة وبدون تأثير؟.

ضرورة تواصل الحركات النسوية فيما بينها

تظهر حاجة ماسّة لأن يقوم علم المرأة بإنشاء حلقات الترابط ما بين جميع التنظيمات والحركات والأطراف الفامينية التي تطالب بحقوق وقضية المرأة، وتقوم بتجميعهم في مركز واحد، حيث توجد تجربة وقيم المرأة العظيمة، لكن تكمن مشكلة المرأة في عدم قدرتها على جمع قيمها في مكان واحد. لهذا السبب؛ يقوم النظام الذكوري بالاستيلاء على قيم المرأة، وتقوم الحداثة الرأسمالية بتمزيق المرأة إرباً إرباً تحت اسم التعصب الجنسي، العنصرية، التعصب الديني، ولا تسمح بأن تتجمع طاقة وجهد المرأة في مكان واحد، والتي تنتصر في نهاية الأمر هي المدنية وإيديولوجية الرجل المتسلط والحاكم.

يجب أن تتجمع كل نتاجات المرأة في مكان واحد، وتظهر الحاجة لأن يصبح علم المرأة مركزاً تتجمع فيه نتاج وقيم كافة النساء في العالم، حيث علم المرأة يضمّ في داخله كافة النساء من مختلف الألوان والقوميات، لذلك يجب أن يصبح علم المرأة مكان تجمع نتاجات بحوث وفكر جميع تيارات وتنظيمات النساء في العالم. ويصبح في الوقت نفسه مكان تجمع نظرية وتعريف المرأة تجاه الحياة.

ريادة المرأة الكردية للنشاط النسوي

في الوقت الحاضر؛ يقع مركز علم المرأة في جبال كردستان، حيث أنَّ أول خطوات الحرية من أجل النساء الكرديات قد خطت في جبال كردستان. فبناء الجيش، الحزب، منظومة النساء الساميات (KJB) التي تمثل كونفدرالية النساء، قد تطور في الجبال. بدأ نشاط علم المرأة منذ فترة، بالطبع هذا النشاط تاريخي وواسع جداً، لذلك يجب على علم المرأة قبل أي شيء آخر أن يجعل نفسه رسمياً، ويأخذ مكانه في علم الاجتماع، يتطلب أن نعرّف علم المرأة بالمجتمع بشكل جيد. نشاط علم المرأة لن يقف عند حدود النساء الكرديات وإنما سيضم بداخله كافة النساء. نشاط علم المرأة طويل الأمد. لذلك؛ يجب قبل أي شيء آخر أن تُفتح أكاديميات علم المرأة، وأن تنظم في النواحي المختلفة مثل الأدبيات، الثقافة، التاريخ، الجمال، الطب وجميع النواحي الأخرى، وهكذا ستنتشر في المجتمع، وستبحث في مشكلات المرأة من النواحي الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية والاقتصادية والنفسية عبر استخدام أدوات علم المرأة وستطور الحلول المناسبة لها، بهذا الشكل نستطيع القول بأن علم المرأة هو العلم الأكثر عصرية وبديلاً، وعلم المرأة سيصبح مكان تجمع قيم النساء كافة في العالم.