No Result
View All Result
المشاهدات 0
تحقيق/ رامان آزاد –
البونُ واسعٌ بين الفوزِ والخسارةِ، إذ هما حدان متناقضان، هي حالُ حزب العدالة والتنمية الذي خرج من معمعةِ الانتخابات البلديّة التي شارك فيها 12 حزباً، متجرّعاً مرارةَ الهزيمةِ، رغم حصوله على أعلى نسبة تصويتٍ، إذ خسر مراكز الثقل الانتخابيّة.
خاضت تركيا أول انتخابات البلديّة التركيّة بعد التحوّل للنظام الرئاسيّ في 24/6/2018 فكانت بمثابةِ استفتاءٍ عامٍ على مجمل النظام السياسيّ وأدائه ومؤشراً لمستقبل البلاد. ليضطر أردوغان للقول: “لم نستطع توضيح أنفسنا لأمتنا بالشكل الكافي”.
فوزٌ بطعمِ الهزيمةِ
لن يهنأ العدالة والتنمية بطعم الفوزِ وقد تعرّض لانتكاسةٍ انتخابيّةٍ غير مسبوقةٍ بخسارته بلدية إسطنبول، أكبر مدن البلاد وعصبِ الاقتصادِ وكبرى المدن (العاصمة أنقرة وأزمير وأضنه وأنطاليا ومرسين وسواها)، وهي أقوى ضربة يتعرّضُ لها منذ 16 عاماً. وأيّاً كانت نتائجُ الانتخابِ بالمناطق الأخرى ونسبتها العامة، فما حدث يعدُّ هزيمةً مدويةً للحزبِ الحاكم الذي حظي بقدرةٍ لا مثيلَ لها في تاريخ تركيا بالفوز المتكرر بالانتخابات. فالعدالة والتنمية حزبٌ يجيدُ اللعبةَ الانتخابيّةَ وتحويلَ نتائجها لصالحه، ويجدها مخرجاً لأزماته. فقد عطّل تشكيل الحكومة بعد انتخابات 7/6/2015 إذ أسفرت عن تراجعٍ شعبيّته، وتجاوز حزب الشعوب الديمقراطيّة العتبة الانتخابية وتحصيله 78 مقعداً.
دخلَ حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلديّة متحالفاً مع حزب الحركة القوميّة فيما سمّاه تحالفَ الشعب، وأسفرتِ النتائجُ عن فوزه بفارقِ واضحٍ يتمثل بنسبة 51.74% من أصوات الناخبين مقابل 37.64% لتحالفِ الأمة الذي ضمَّ حزب الشعب الجمهوريّ وحزب إيي (الحزب الجيد) وحزب السعادة الإسلاميّ. وحصل العدالة والتنمية على 778 بلدية، والشعب الجمهوريّ على 242 بلدية، والحركة القوميّة على 236 بلدية، والشعوب الديمقراطيّ على 63 بلدية، وإيي على 22 بلدية، وباقي الأحزاب 42 بلدية.
وأكّد رئيس اللجنة العليا للانتخابات سعدي غوفن أنّ أكرم إمام أوغلو مرشحَ حزب الشعب الجمهوريّ لبلدية إسطنبول تصدّر النتائج بنحو 28 ألف صوت مع فرز معظم الأصوات، وقد حصد إمام أوغلو قرابة 4,16 مليون صوت مقابل 4,13 مليوناً لمرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم. وفي أنقرة فاز أيضاً مرشح حزب الشعب الجمهوريّ منصور يافاش. وحصل على نحو 51% من الأصوات، بينما حصل محمد أوزاسكي، مرشح العدالة والتنمية على نحو 47% من الأصوات
إسطنبول أهم مفصلٍ انتخابيّ
تأتي أهميّةُ المدن بالانتخابات؛ كونها تجمعاتٍ سكانيّةً كبيرةً، ولأنّ الانتخابات معادلة عدديّة تتعلقُ بحجم التصويت بصناديق الاقتراع، صحيحٌ أنّ الأصواتِ التي يتمُّ تحصيلها بالأريافِ والبلداتِ البعيدةِ تعطي أرجحيّةً انتخابيّة، ولكن لا يُعتدُّ بها بتحديدِ مستقبلِ البلادِ وإحداثِ التغييرات، فالمدنُ الكبرى هي مسرحُ تنفيذِ أيّ انقلابٍ.
تتصدرُ إسطنبول مدن تركيا بثقلها الانتخابيّ، فالمدينة تضمُّ أكثر من عشرة ملايين ناخب، وأيّ متغيرٍ بنتيجةِ انتخاباتِها يدلُّ على اتجاهٍ المزاج العام. ولذلك؛ اعتبر المراقبون، فوزَ المعارضة بإسطنبول ضربة رمزيّة قوية لأردوغان وحزبه الحاكم. وقد حذّر أردوغان أثناء الاستفتاءِ على تعديلِ الدستورِ أنصاره من خسارةِ أصواتِ إسطنبول. ولأنّ الانتخاباتِ البلديّة مؤشر شعبيّة الأحزاب السياسيّة قبل الانتخابات البرلمانية التالية، قال أردوغان: “إذا أخفقنا في إسطنبول، سنفقدُ قاعدتنا الشعبيّة في تركيا برمتها”، واستخدم أردوغان الشعار الدينيّ لاستدراج الناخبين وقال لهم: “إن خسرنا إسطنبول سنخسرُ القدس، وسنخسر أمة الإسلام”.
اكتسبت بلدية إسطنبول أهميّة سياسيّة كبرى منذ عام 1963، نظراً لدورها بتحديد الحزب الفائز بالانتخابات العامّة التالية، ففي ستينات القرن الماضي فاز حزب العدالة (غير الحزب الحاكم اليوم) ببلدية إسطنبول، فكانت النتيجة فوزه بالانتخابات العامة التالية. حدث ذلك أيضاً مع حزب الشعب الجمهوريّ بالسبعينيات، وحزب الوطن الأم بالثمانينيات، وحزب الرفاه بالتسعينيات ومن بعد حزب الفضيلة، وانتهاءً بحزب العدالة والتنمية الذي حافظ على بلدية إسطنبول في جعبته الانتخابيّة.
وتنبثق استثنائيّة هذه الانتخابات لكونها أنهت مرحلة ربع قرن من الإدارة الإسلاميّة للمدينة التاريخيّة، فأعادت هذه الانتخابات للذاكرة ما جرى بانتخابات عام 1994 يوم فاز أردوغان برئاسةِ بلدية إسطنبول مرشحاً عن حزب الرفاه الإسلاميّ، بزعامة نجم الدين أربكان، وكانت منطلقَ عمله السياسيّ. فإسطنبول أكبرُ خزانٍ للناخبين ويعوّل عليها بأيّ تغيير سياسيّ بالبلاد، وتزيدُ مرارة النكسةِ الانتخابيّةِ عندما تقترن خسارتها مع مدن كبرى وازنة كأنقرة وإزمير شكّل ضربة معنويّة كبيرة لأردوغان ولحزبه، رغم أنّه لا يزال أكبر الأحزاب التركيّة.
نظراً لأهميّة الانتخابات بالمرحلة الحالية وحساسيّتها؛ دفع العدالةُ والتنمية بعددٍ من وزرائه السابقين والسياسيين المخضرمين والمؤثرين بالحزبِ للمنافسة على رئاسة البلديات الكبرى، فرشّح رئيس الحكومة الأسبق بن علي يلدرم لبلدية إسطنبول بعدما استقال من منصبه رئيساً حالياً للبرلمان، معتبراً أنّ “من يفوز بإسطنبول، يفوز بتركيا”. وفي أنقرة ترشّح محمد أوزحسكي نائب رئيس الحزب والوزير السابق ورئيس بلدية قيصري لخمس دورات متتالية، وفي إزمير ترشح الوزير السابق والبرلمانيّ لعدة دورات نهاد زيبكجي. وفي المقابل ترشّح وزير الداخلية السابق نعيم إدريس شاهين عن حزب السعادة بولاية أوردو.
ويأتي اختيار حزب الشعب الجمهوريّ لمرشحه أكرم إمام أوغلو لرئاسة بلدية إسطنبول استناداً للأداء الجيّد في إدارة حي بيليكدوزو خلال الأعوام الخمسة الماضية، وأدار إمام أوغلو حملة انتخابية هادئة واعتمد خطاباً تصالحيّاً مع خصومه. وكان نجاح أردوغان بإدارة بلدية إسطنبول بعد سنين طويلة من حكم أحزاب فاشلة بالبلديات، السببَ الأساسيّ لنجاحه بالانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني 2002 بالأغلبيّة.
أهميّة متعددة المستويات
رغم أنّ إدارة البلديات عملٌ خدميّ في ظاهره، تُفترض فيه الحياديّة والاستقلاليّة عن الشأن السياسيّ، ولكنها في تركيا تُعتبر ركيزةٌ هامةٌ بالعمل السياسيّ محليّاً والمحطة الأولى والأساسيّة قبل البرلمان والرئاسة. وقد ساهمتِ البلدياتُ بدورٍ مهمٍ إلى جانبِ مؤسسات أخرى بإحباط المحاولة الانقلابيّة عام 2016، ما أضاف مزيداً من الأهميّة إلى عملها، بالمشاركة الفاعلة في الأحداث السياسيّة المصيريّة وأكّدت أنّ دورها لا ينحصر بالمجال الخدماتي المحضِّ.
تُشكّلُ الانتخابات المحليّة التركيّة أهميّة خاصة في ظلِّ رغبة أحزاب المعارضة بالعودةِ إلى المشهد الانتخابيّ بعدما أخفقت أمام تحالف الشعب بقيادةِ العدالةِ والتنميةِ في الانتخاباتِ الرئاسيّةِ والبرلمانيّة، وهي تبحث عن فرصةٌ لبناءِ قواعدَ جماهيريّة جديدةٍ عبر أعمالِ البلدياتِ المؤثّرة في أنحاء تركيا، ولذلك يحملُ الفوزُ الانتخابيّ دلالاتٍ سياسيّةٍ كبيرةٍ.
وأشار أردوغان إلى أنّ هذه الانتخابات ستقرر “بقاء” البلاد وحزبه، وفي احتواءٍ لنتائج الانتخاب قال في خطابٍ أمام أنصاره بأنقرة: “اعتباراً من صباح الغد سنبدأ العمل على تحديدِ مكامنِ الضعفِ لدينا ومعالجتها”.
زمنيّاً تُعتبر هذه الانتخابات مصيريّة بالنسبة للتحالف الحاكم ويتطلع إلى استكمال خططه السياسيّة والاقتصاديّة، وتحصيل الأغلبية بالانتخابات المحليّة الحالية، فذلك يساعدُ النظامَ الرئاسيّ الجديد بقيادة أردوغان على تنفيذِ سياساته العامة وبرنامجه بسهولة، وستستمرُّ مفاعيلُ هذه الانتخابات كمرحلةٍ أولى حتى عام 2023 الذكرى المئويّة لتأسيس الجمهورية التركيّة الحديثة، وكتبت صحيفة خبر تورك، تصفُ الانتخابات بأنّها “انتخابات بقاءِ الدولة”.
تحسّس حزب العدالة والتنمية الخطرَ المحتمل نتيجة الانتخابات، ففقدان الأصوات بنسبة قليلة وهبوط التحالف عن عتبة 50%، سيعطي دفعاً معنوياً للمعارضة وقد تستغل النتيجة للتظاهر والمطالبة بإجراء انتخابات برلمانيّة ورئاسيّة جديدة، وهذا ما جعل أردوغان يولي هذه الانتخابات اهتماماً كبيراً، وحرص على كلّ تفاصيلها، وعقد التحالف في ولايات كثيرة مع الحركة القوميّة.
أما البعد الخارجيّ فيتعلق بمواقفِ تركيا من قضايا المنطقة، والتي تزعج الغرب اعتباراً من الربيع العربيّ، والتدخّل العسكريّ بسوريا والعراق، والاحتواء من قبل روسيا وإيران، والحساسيّة مع واشنطن. وتأتي الانتخاباتُ على مسافةٍ قريبةٍ من إعلانِ النصر على مرتزقة داعش وتحرير كامل شرق الفرات، وهي المنطقة التي يهددُ أردوغان بالتدخل فيها بانتظار تحصيلِ موافقة دوليّة بحجّةِ الأمن القوميّ وباسم الحدود الآمنة. وفي الوقت الذي بادرت معظم حكومات العالم لمباركةِ النصر بالباغوز والإشادة ببطولات قسد، انفرد أردوغان بالامتعاض، والتهديد مجدداً بأنه سيحاربُ الإرهابيين في شمال سوريا وأنّه قلقٌ من وجودهم، في إشارة لقسد. وبهذا فقد خسر أردوغان أهم أوراقه التي يعوّل بالمساومة عليها، ولم يكن غريباً إقرارُ المرتزقة الأسرى برغبتهم بالذهاب إلى تركيا ليكونوا بمنأى عن المحاسبة. فقد كان مرتزقة داعش وباقي المجاميع الإرهابيّة مصدراً اقتصاديّاً لأنقرة إذ كانت تستوردُ منهم البترول المسروق، وقبلها معامل مدينة حلب، وبالمثل الزيتَ من عفرين المحتلة.
للبلديات دورٌ اقتصاديّ مهمٌ ومسؤوليّة إداريّة وماليّة، وبخاصة الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة، وبحسب إحصائيّة 2014 يعمل في بلدية أنقرة أكثر من 10 آلاف شخص، فيما يتجاوز عدد العاملين ببلدية إسطنبول 20 ألف شخص، وهذا عدا التعهّدات والمناقصات الكبيرة وعلى الاستثمارِ الأجنبيّ.. وقد تعهد أردوغان قيادة البلاد فيها إلى مراحل اقتصاديّة هامة ومتقدمة عالميّاً، والتمتع بالاستقلال السياسيّ والعسكريّ والرفاهية، وتنفيذ مشاريع كبرى تعترض عليها الدول الكبرى، كمشروع قناة إسطنبول المائيّة.
كسرُ الاحتكار الانتخابيّ هدفٌ استراتيجيّ
دخل حزب العدالة والتنمية الانتخابات بكاملِ وزنه السياسيّ وقاعدته الشعبيّة، وتحالف مع حزب الحركة القوميّة، اليمينيّ، وحزب الوحدة الكبرى. وفي مؤشرٍ على الأهميّة؛ خاض أردوغان الحملة الانتخابية شخصيّاً نيابةً عن حزبه، وصوّرها على أنّها معركة حياة أو موت، وعقد أكثر من مئة مهرجان انتخابيّ خلال 50 يوماً، وألقى في آخر يومٍ من الحملة الانتخابيّة ثمانية خطابات أمام الناخبين في إسطنبول. وفي خطابه يوم الانتخابات، تعهّد أردوغان بالتركيز على قيادته للاقتصاد التركيّ قبل الانتخابات العامة التي يُفترضُ إجراؤها عام 2023؛ ذلك لأنّ الاقتصاد من أهم القضايا وشكّل تباطؤه لأول مرة منذ عشر سنوات نقطة ضعف النظام. وبذلك خاض العدالة والتنمية الانتخابات لأول مرة وهو لا يشعر بالثقة من أنّه سينجح منذ انتخابات 2002.
تزويرُ بيئة الانتخاب هو السمة الأبرز لانتخابات تركيا، وذلك بدفع المواطنين إلى خيارات محددة تتمثل بالتصويت للحزب الحاكم بالتوازي مع الضخُّ الإعلاميّ، وقال مراقبون: “إنّه مع سيطرة موالين للحكومة ومؤيدي أردوغان على وسائل الإعلام، فإنّ الحملاتِ الانتخابيّة للمعارضة واجهت منافسة غير عادلة”. إذ تُستنفر الأجهزةُ الأمنيّة لا لتقوم بدور ضبط الأمن وتوفير البيئة المناسبة للانتخابات، بل لممارسة العنف والضغط، ويُضاف لهذه المؤسسات طوابير مرتزقة العدالة والتنمية والمتطرفين القوميين يبثّون الخوفَ في نفوسِ المواطنين وبخاصة بالمدن والبلداتِ الكردستانيّة.
لم تُعجبِ النتائجُ الأوليّة الحزبَ الحاكم فماطل بإعلان النتيجة النهائيّة بعد إعلان فرز 99% من الصناديق، ثم طعن بنتائج إسطنبول وأنقرة، فيما لم يحتمل مرتزقته الهزيمة ففقدوا عقلهم وانفلتوا من عقالهم، واُرتكبت جرائم قتلٍ بحق أنصار حزب السعادة التركيّ بمدينة ملاطيا، وسرق عناصر من الجيش والأمن صناديق الانتخاب بمدن كردستانيّة. وقال حزب الشعوب الديمقراطيّ: “إنّ الانتخابات غير عادلة”.
من جانبها؛ سعت المعارضة التركيّة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوريّ لإقناع الناخب التركيّ بأنَّ وقت التغيير بالبلاد قد حان بعد 16 عاماً من سيطرة العدالة والتنمية على الحكم، وفوزه بكلِّ المواسم الانتخابيّة التي خاضها بمواجهة المعارضة. وضمّ تحالف المعارضة أحزاب الشعب الجمهوريّ العلمانيّ الكماليّ، أكبر أحزاب المعارضة، والحزب الجيّد اليمينيّ المحافظ، والذي دخل معترك السياسة قبل عام، وحرّك الخريطة السياسيّة بالبلاد كما حظي التحالف المعارض بدعم حزب السعادة الإسلاميّ المحافظ، فيما كان حزب الشعوب الديمقراطيّ حليفاً غير معلن.
في هذه الانتخابات استطاع حزب الشعوبُ الديمقراطيّ كسر احتكار العدالة والتنمية وحليفه القوميّ للسلطة، وأنجز خطته الانتخابيّة بنجاح، وقد قال الرئيس المشترك للحزب سيزاي تملي: “لم يكن هدفنا الاستراتيجيّ الحصول على البلديات، بل كسر احتكار السلطة”.
اتبع حزب الشعوب الديمقراطيّ تكتيكاً انتخابيّاً غير متوقع فشكّل تحالفاً غير معلن مع المعارضة وتركَ المدن الكبرى لمرشحي المعارضة، ولم يقدّم مرشحين فيها؛ بهدف عدم تشتيت أصوات المعارضة وجعلها تصبُّ في صالح مرشحٍ محددٍ، وركّز على حواضنه الشعبيّة فحافظ على ثماني بلديات منها (آمد، باطمان، سيرت، وان، هكاري، وماردين)، كما أنّ البلديات التي تمّ تعيين وكلاء لتسيير أمورها من قبل الحزب الحاكم بعد اعتقال رؤسائها من حزب الشعوب الديمقراطيّ اُستعيدت مجدداً إلى حاضنتها الشعبيّة الأصيلة، وعادت قارس إلى تموضعها الطبيعيّ، أما التزويرُ الفاضحُ بالانتخاباتِ في موش وشرناخ وآغري، فسيكونُ مضمونَ دعاوى قضائيّة للطعن بالنتائج.
وإذ ما علمنا طبيعة سياسة الحزب الحاكم والمخطط الممنهج الذي تضمن عمليات التهجير القسريّ والاستبعاد والاعتقال في مدن باكور والتدمير في الحملات العسكريّة لعلمنا أنّ النصرَ كان كبيراً في هذه المناطق، وأنّ مخططه في تغييب الكرد قد أُحبط.
وكانت مجموعة من الأحزاب الكردستانيّة قد أعلنت مشاركتها بالانتخابيّة بكتلة مشتركة: وضمّت (حزب الشعوب الديمقراطيّة “HDP”، الحركة الإسلاميّة في كردستان “آزادي”، حزب الأقاليم الديمقراطيّة “BDP”، الرابطة الديمقراطيّة الكرديّة الثوريّة DDKD””، الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ PDK-T””، حزب الإنسان والحرية “PIA”، الحزب الشيوعيّ الكردستانيّ KKP””، المنصة الديمقراطيّة في كردستان “PDK”).
بالإجمال ستشكّلُ هذه الانتخابات انعطافاً هامة في الحياة السياسة في تركيا، ولعلها تشكّل رافعة حالة معارضة تطيح بحكومة الاستبداد والاحتلال التركيّ، ولولا ذلك؛ لما جزع مسؤولوه لنتيجة الانتخابات التي تُدخلهم النفق.
رقميّاً كان التنافس الانتخابيّ لاختيار رؤساء بلدية في 30 مدينة كبيرة و1351 منطقة، و1251 عضو مجلسِ ولاية و20 ألفاً و500 عضو مجلس بلدية.
No Result
View All Result