روناهي / الحسكة – تمكنت قوات سوريا الديمقراطية في حملة دحر الإرهاب من تحرير أكثر من ثلاثة عشرة صبياً من براثن المتطرفين، بغية إعادتهم إلى أهلهم في شنكال، حيث شكر هؤلاء الأطفال قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة، لتحرير المنطقة من رجس المرتزقة، وإيصالهم إلى البيت الإيزيدي بأمان.
لم يعرف التاريخ شعباً ذاق الاعتداء والظلم مثل الشعب الكردي، وخاصةً الإيزيديين منهم، حيث تعرضوا لأكثر من ثلاثة وسبعين فرماناً من قبل المستبدين من الأنظمة المجاورة لهم بحجج وذرائع واهية، وعلى إثرها تعرض هذا الشعب للكثير من المجازر التي ارتكبت بحقهم، وبالرغم من ذلك تمكنوا من الحفاظ على وجودهم على أرضهم التاريخية، وحافظوا على القيم الإنسانية العريقة الممتدة عبر التاريخ، وكانت القوى البربرية تحاول دوماً القضاء على هذا الإرث التاريخي، والمجزرة التي تعرض لها أبناء لالش في شنكال يعتبر جريمة بحق الإنسانية الحرة، حيث تعرضت لعدوان من قوى لا تعرف الإنسانية وأحرقوا الأخضر واليابس، وارتكبوا بحقهم كل أنواع الظلم والعدوان، ولم يسلم منهم البشر ولا الحجر، فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأسروا الأطفال، ولم يجد أولئك المستضعفين أي مجير أو مستغيث لهم، سوى قوات سوريا الديمقراطية، التي حملت على عاتقها تحرير المنطقة من دنسهم، وقد استطاعت تحقيق الانتصار على عصابات المتطرفين، وتحرير عدد كبير من الأطفال الأسرى الإيزيديين لدى داعش، الذين تم اقتيادهم إلى معسكرات الموت وتمت تغذية عقولهم بالأفكار المتطرفة والمتشددة، ليخلقوا منهم جنوداً لنشر أفكارهم المتطرفة، وقد تمكنت قوات سوريا الديمقراطية في حملة دحر الإرهاب من تحرير أكثر من ثلاثة عشرة صبياً من بين براثن المتطرفين بغية إعادتهم إلى أهلهم في مناطق شنكال، وكانت لصحيفتنا زيارة إلى مقر الفتية قبل التوجه بهم إلى مسقط رأسهم حيث التقينا بهم.
قتلوا الأطفال والرجال بهمجية وسبوا النساء
الفتى صدام حسين من دوكري منطقة سنجار أُسر بتاريخ 2014م، حيث سرد لنا الفتى صدام ما شهده من أحداث عندما حاصر المرتزقة مدينتهم شنكال، وأسروهم قائلاً: “كان عمري تسع سنوات عندما جاء مرتزقة داعش إلى قريتنا وحاصروها، ورأيت كيف كان الرجال والشباب يقاومون بشجاعة، وبفضل مقاومتهم تمكنت النساء والأطفال من الهروب والوصول إلى الحاجز العسكري للبيشمركة، وهناك تمكن داعش من محاصرتنا وأسرنا بعد هروبهم، واقتادونا إلى أماكن متعددة منها تل عفار والموصل، وفي الموصل تم عزل النساء والأطفال والرجال عن بعضهم البعض، وارتكبوا مجازر وحشية فقتلوا الشيوخ والرجال، وأخذوا النساء كسبايا، بينما نحن الأطفال بقينا في الموصل لمدة سنة ونصف السنة وبعدها تم ترحيلنا إلى سوريا”. ونوه الطفل صدام بأنه في فترة بقائهم في الموصل أجبرهم المرتزقة على اعتناق الدين الإسلامي، وتعلم مبادئ وتعاليم الديانة الإسلامية والسنة، وبعد ذلك ساقوهم بسيارات إلى سوريا وهناك تم تدريبهم على السلاح والقتل، بالإضافة إلى تعليم القرآن ومبادئ السنة.
وأضاف: “كانوا يقنعوننا بأن الدين الإيزيدي هو دين الكفار ودين أعداء الله، ويجب علينا قتلهم ومحاربتهم وأخذ ممتلكاتهم، وأن أبو بكر البغدادي هو خليفة الله على الأرض وبعثه الله لنشر الإسلام والقضاء على الكفر والكفار، ويجب علينا تنفيذ أوامره وطاعته، ولهذا تم قتل الرجال والأطفال والنساء الإيزيديين دون رحمة ولا شفقة، وبيع الفتيات الصغيرات في أسواق النخاسة”.
وتابع حسين قائلاً: “بفضل قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة تحررت المنطقة من رجس المرتزقة، وبفضلهم وصلنا إلى البيت الإيزيدي، ونحن الآن في ضيافتهم ورحبوا بنا أشد الترحيب، وبفضل جهودهم تواصلت مع أسرتي الذين يعيشون في كندا ولكن لا أعرف ماذا حصل لهم وكيف استطاعوا الهروب من أيدي مرتزقة داعش والوصول إلى كندا”.
أجبرونا على اعتناق الإسلام واستخدموا الأطفال للعمليات الانتحارية
الطفل سجاد عباس من سنجار أسر في تاريخ 2014م، أربع سنوات سرقت من زهور عمره بعد أن خطفه مرتزقة داعش من قريته في سنجار، حيث يقول الطفل سجاد عباس ذو الأعوام العشرة: “كان عمري ستة أعوام عندما هاجم المتطرفون سنجار واقتادونا إلى مناطق مجهولة تخضع لسيطرتهم، وهناك أجبرونا على نطق الشهادة والدخول في الدين الإسلامي، وألحقونا عنوةً بمعاهد يُدرس فيها القرآن والعقيدة والتوحيد والكتابة والقراءة، وبعدها تم فرز الأطفال إلى ثلاثة أقسام؛ منهم من بقي في المعاهد الدينية، ومنهم من أصبح خادماً للأمراء، ومنهم من أُجبر على الالتحاق بمعسكرات تدريبية للسلاح والقتل، وقسم آخر لعمليات الانتحار والتفجيرات، وقد استخدموا الأطفال لتنفيذ عمليات انتحارية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية”.
وتابع سجاد بالقول: “حاولوا إقناعنا بأنهم أهلنا، وأنهم جاؤوا من أجل إعلاء كلمة الله وتحقيق الفتوحات والنصر، وأن الشعب الإيزيدي أعداء الله وكفار ويجب إبادتهم وقتلهم، إلا من أعلن ولاءه وإسلامه للمتطرفين”.
وأختتم سجاد حديثه بالقول: “لا أعرف شيئاً عن عائلتي وأسرتي، كل ما أعرفه بأني عشت حياة مرعبة ومشاهد مفزعة في السنوات الماضية، لقد خسرت كل شيء طفولتي وأمي وأبي وأخوتي ووطني شنكال”.
جندوا الأطفال وأسموهم بأشبال الخلافة
يسرد الطفل مصطفى أبو عائشة حكايته وحكاية العشرات من الأطفال الإيزيديين الذين تعرضوا للخطف على أيدي مرتزقة داعش، حيث قال: “كنت وأخي نلعب بكرة القدم في الملعب عندما دخلوا مرتزقة داعش قريتنا في سنجار، ولم نتمكن من الهرب فقد أخذونا بقوة السلاح والنار، وتمكنت عائلتي من الهروب واللجوء إلى جبال شنكال، وأخذونا إلى الموصل وتعرضنا لكل أنواع التعذيب من ضرب وجلد وأجبرونا على الإسلام، واقتادونا إلى الباغوز في سوريا، وتلقينا هناك التدريبات العسكرية والتعاليم الدينية، وترسيخ مفاهيم خاطئة في عقولنا من تشويه ومعاداة الفكر الإنساني، وترسيخ مفهوم بأن الإيزيديين كفار وأعداء الله والإنسانية، ويتوجب قتلهم وقطع أعناقهم بلا رحمة أو شفقة”.
واختتم مصطفى بالقول: “قواعدهم كانت صارمة ومتشددة، وكنا نخاف كثيراً من الجلد والتعذيب وقطع الرأس، ولم يستطيع أحد رفض مطالبهم، بل كانوا ينفذونها مهما كانت قاسية أو وحشية، حيث جندوا الأطفال وأسموهم أشبال الخلافة”.