No Result
View All Result
المشاهدات 1
تقرير/ باهوز أحمد –
روناهي/ الشهباء- هي حرب هوية، وصراع وجود يخوضه أهالي عفرين ضد الاحتلال التركي في الداخل والخارج، إذ تهدف تركيا عبر سياساتها المختلفة بصبغ الشمال السوري عامةً بصبغة تركية والتغلغل التدريجي في حياة قاطنيها، لكن في عفرين بشكلٍ خاص تستهدف الدولة التركية الهوية الأصلية للمنطقة عبر التغيير الديموغرافي والتتريك الممنهج.
وتبدوا مظاهر الاحتلال التركي واضحة للعيان بشمال سوريا في مختلف المناطق التي تحتلها تركيا وتبسط الفصائل المسلحة والمرتزقة التابعة للمحتل التركي سيطرتها عليها، والتي تتلقى دعماً واسعاً من أنقرة، فمن المناهج المدرسية، مروراً بشاخصات الطرق، وصولاً إلى تشييد شركات كهرباء وبريد وصيرفة كلها تركيا تهدف لتبيض الأموال وتسويق السرقات التي غالبيتها من عفرين، تغزو تركيا بلغتها ومؤسساتها المشهد في مدينة عفرين وإعزاز والباب في الشمال السوري.
إذ بدا كل شيء في عفرين يكسوه اللون الأحمر الذي يرمز للعلم التركي المنتعش بالدم والحروب، دوار كاوا الحداد الذي كان رمزاً لانتصار الخير على الشر، بات اليوم يرفع فيه علم ما يسمى “الثورة السورية” الذي قتل في ظله مئات الألاف من السوريين، والعلم التركي الذي قتل وشرد غالبية أهالي الشمال السوري في ظله، وما تزال عمليات الخطف والتغيير الديموغرافي مستمراً بإيعاز من مخابراتها، إضافةً لرفع العلم ذاته في دوار نورز وإطلاق اسم ساحة “أردوغان” على ساحة الشهداء سابقاً، وليس في عفرين وحدها بل في إعزاز أيضاً يتصدّر جدار مبنى ما يسمى المجلس المحلي العلم التركي وراية المعارضة السورية ذات النجوم الثلاث.
أهالي عفرين يناضلون بصمودهم
ويروي أهالي عفرين الباقون في المدينة اليوم أن الصبغة التركية والعربية باتت الأكثر تميزاً اليوم في عفرين، من حيث اللباس وطريقة الحديث والعادات وحتى الألوان التي فرضها الاحتلال وفصائله، عبر رسم العلم التركي وعلم ما يسمى بالمعارضة المرتهنة لأجهزة المخابرات التركية، وأشارت إحدى المواطنات من عفرين والتي فضلت عدم ذكر اسمها عبر الهاتف لنا بالقول: “عفرين تغيرت، وباتت اللغة التركية في كل الشوارع وشاخصات الطرق مكتوبة باللغتين العربية والتركية، واللغة الكردية باتت ممنوعة، حتى في الشوارع”.
وأشارت إلى أنها بقيت في عفرين مع زوجها المقعد، وأنهم تعرضوا لمضايقات كثيرة وحاول المستوطنون طردهم من منزلهم في حي المحمودية أكثر من مرة، ومارسوا شتى سبل الضغط النفسي والإرهاب ضدهما، إلا إنها تمسكت بهويتها وبيتها وتعمل على رعاية زوجها، وتتجنب الاختلاط مع المستوطنين الذين سلبوا كل شيء وسيطروا على معظم مساكن الأهالي في الحي، ولاسيما الذين هُجِروا قسراً بفعل العدوان التركي وخوفهم من القتل على الهوية.
وتذكر السيدة الخمسينية من العمر، ممارسات الاحتلال التركي من خطف وطلب فدية من السكان الأصليين، وأنه لا يخلوا يوم دون سماعهم لأصوات الرصاص في المدينة.
النساء في عفرين بخطرٍ مُحدِق والعالم صامت
في الطرف المقابل، في القرى ولاسيما النائية منها، تحاول فصائل المرتزقة المدعومة من دولة الاحتلال التركي إلى تغيير الواقع الثقافي للمدينة التي يحاكي تاريخها مدى نضال هذا الشعب في الحفاظ على الثقافة الكردية رغم ممارسات النظام البعثي ضد الكرد عامةً في سوريا خلال العقود الخمس المنصرمة، وبهذا الصدد أشار الشاب “ر.ع” وهو مهتم بالثقافة الكردية، بأن بعض الفصائل المتشددة تجبر الأهالي على إرسال أطفالهم للجوامع وزرع الفكر الإسلامي المتشدد في عقولهم، حتى لو كانوا من غير المسلمين كالإيزديين وغيرهم، كما نوه إلى أن أساليب مختلفة تمارس ضد الأهالي عبر ترويج الفكر الإسلامي المتشدد من جهة، ومن جهة أخرى ترويج الأفكار القومية التركية ولاسيما بين الأطفال والفئة الشابة، وتابع بالقول: “يسمح للتركمان الذين تم توطينهم في عفرين وغالبيتهم جاؤوا من ريف اللاذقية وحمص، بالعمل السياسي والاجتماعي وافتتاح مراكز خاصة لهم، وهو ما حدث بالفعل في قرية كرزيلا التابعة لعفرين عبر افتتاح مجموعة تركمانية مركز خاص بهم لتعليم القرآن للأطفال، وبذلك يروجون للفكر المتشدد”، ويؤكد “ر” بأنه ثمة أموراً كثيرة وتجاوزات يقوم به المحتل التركي ومرتزقته على النساء في عفرين، يصعب على المرء التحدث عنها لشدة بشاعتها.
وتوقع “ر” بأن يتجه عفرين، نحو الحضيض الأخلاقي وانتشار الجريمة في ظل الحرب الخاصة التي ينتهجها الاحتلال التركي ضد أهالي المنطقة، وانتشار الكثير من الممارسات اللاأخلاقية في بعض الأماكن وبتشجيع وإشراف من قِبل نظام حزب العدالة والتنمية التركي، وهذا الشيء يهدد ثقافة المنطقة برمتها، لذا نوه “ر” إلى إن الأهالي يحاولون الحفاظ على ثقافتهم الخاصة وعدم الاختلاط الكبير في مشاريع الاحتلال، وكذلك تجنب المستوطنين.
ويتطلع أهالي عفرين في الداخل إلى ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا عامةً، ويتمنون أن يكون ذلك سبيلاً في خروج الاحتلال التركي وفصائله المرتزقة من عفرين بشكلٍ سريع وعودة الأهالي إليها في ظل نظام يحترم ثقافة المنطقة، كما كانت قِبل الاحتلال.
No Result
View All Result