روناهي/ الرقة – في مجتمع لا تزال الأعراف العشائرية تلعب فيه دوراً محورياً في العلاقات الأسرية، تبرز دار المرأة التابعة لتجمع نساء زنوبيا في مقاطعة الرقة، صرحاً اجتماعياً يسد فراغاً قانونياً وإنسانياً في معالجة النزاعات الأسرية، ويمنح النساء مساحة آمنة للبحث عن حلول تحفظ كرامتهن وتحمي أسرهن من الانهيار.
وتعمل دار المرأة في مقاطعة الرقة بلجنة الصلح، على تقديم بدائل سلمية وقانونية بعيداً عن المحاكم الرسمية، التي قد تكون مرهقة أو غير ملائمة لطبيعة بعض القضايا الحساسة، خاصة حين يتعلق الأمر بالمرأة، أو حين تكون المشكلة نابعة من بيئة عشائرية تعقد فيها الإجراءات القضائية.
ومن خلال اعتماد مبدأ الحوار والتفاهم، استطاعت دار المرأة أن تحقق إنجازات ملموسة على الأرض، وأن تصبح مرجعاً موثوقاً للنساء والرجال على حد سواء، ممن يبحثون عن حلول تحفظ الأسرة ولا تجرها نحو الطلاق والتفكك.
دعم المرأة وحمايتها
وفي هذا السياق، أشارت الناطقة باسم لجنة الصلح في دار المرأة “نوال الجوهر”، في حديث خاص لصحيفتنا “روناهي“، أن القضايا التي ترد إلى اللجنة يتم التعامل معها بعدة مراحل، بحيث تبدأ بتسجيل الشكوى، واستدعاء الطرف الآخر، وفتح مساحة للنقاش للوصول إلى حلول ترضي الطرفين وتبقي على روابط الأسرة.
وأضافت: “زواج القاصرات وتعاطي المخدرات من أبرز التحديات التي نواجهها، لما تسببه من مشاكل مزمنة تشمل العنف والإهانات داخل الأسرة. نحاول توعية الطرفين بمسؤولياتهم تجاه الأسرة والأطفال، وندخل في تفاصيل القضايا بحذر”.
وعن آلية العمل، أوضحت نوال: “لا نحل القضايا عادة من أول جلسة، بل نمنح المتخاصمين مهلة زمنية تمتد من أسبوع إلى شهر، حسب الحاجة. نعقد جلسات تهدف إلى تهدئة التوتر، خاصة في حال كانت الزوجة في حالة غضب أو رفض الحوار. ومع الوقت والدعم، تتحسن الأوضاع ويتراجع كثيرون عن قرار الطلاق”.
وتشير إلى أن: “نحو 30% من القضايا تأتينا من رجال يطلبون الصلح، تشمل هذه القضايا ملفات حساسة كالحضانة والخيانة الزوجية والإرث والخلافات المالية، ونتعامل معها بحياد وحرص على مصلحة الأطفال والأسرة بشكل عام”.
منصة نسوية تعيد توازن الأسرة
وأُسِّست دار المرأة في الرقة، جزءاً من مشروع تمكين المرأة في تجمع نساء زنوبيا، لتكون منصة تعزز حقوق النساء وتدعمهن في مواجهة التحديات القانونية والاجتماعية التي يتعرضن لها في الأسرة والمجتمع. وقد أنشئت استجابة لحاجة ملحة لتوفير حلول بديلة عن القضاء الرسمي في بيئة عشائرية حساسة.
وتضم الدار لجاناً فرعية، من أبرزها لجنة الصلح التي تعنى بحل الخلافات الأسرية، إلى جانب لجان الحماية، والقانون، والتدريب. وتعمل هذه اللجان بشكل تكاملي لتقديم الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي، وتوفير دورات توعية وورشات مهنية لتمكين النساء اقتصادياً.
وخلال العامين الماضيين، استقبلت الدار أكثر من 2200 قضية أسرية، تم حل 1500 منها صلحاً دون الحاجة للجوء إلى المحاكم، ما يعكس حجم الثقة المجتمعية المتزايدة بدور الدار، خصوصاً بعد أن أثبتت أنها قادرة على استيعاب الخلافات الأسرية في بيئة آمنة تراعي الخصوصية وتُفضي إلى حلول تحفظ الكرامة.