روناهي/ تل حميس – في ظل ندرة المراعي وارتفاع كلفة الأعلاف إلى مستوياتٍ قياسية، باتت تربية الأغنام مهمة شبه مستحيلة لكثير من المربين في الريف، فيما كشف أحد تجار الأغنام في مدينة تل حميس عن معاناة المربين، وتداعيات الجفاف على سوق الأغنام، مع إشراقة أمل مؤقتة بتحسّن الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.
دفع انخفاض معدلات الهطولات المطرية في مقاطعة الجزيرة، والنقص الكبير في المراعي، مربي المواشي إلى الاعتماد على العلف، مصدراً رئيسياً لتغذية الأغنام.
وارتفعت أسعار الأعلاف بشكلٍ كبير خلال الأشهر الماضية، وذلك بعد الزيادة الواضحة في الإقبال عليها، الأمر الذي سبب حالة من الركود في أسواق بيع المواشي، “الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف” يدفعان مُربّي الأغنام إلى حافة الانهيار في هذا العام، لكن عيد “الأضحى” يُعيد الأمل بتحسّن طفيف في الأسعار.
الجفاف وآثاره السلبية على علوة الأغنام
وبهذا الصدد؛ زارت صحيفتنا “روناهي” علوة الأغنام في مدينة تل حميس وقامت برصد حركة السوق والتقت بأحد تجارها المعروفين، والذي يعمل بها منذ سنين “حمود الشاهين” والذي أشار إلى: “لأول مرة منذ سنوات، أشعر إن الوضع بهذه الصعوبة، فالجفاف قضى على المراعي الطبيعية تماماً، ولم يعد هناك أي مصدر مجاني لتغذية الأغنام، المراعي التي كنا نعتمد عليها في السابق أصبحت مجرد أرض قاحلة، بلا عشب أو حياة، هذا الأمر أثر بشكلٍ مباشر على صحة الأغنام، حيث زادت نسبة الوفيات بين القطعان بسبب نقص التغذية وارتفاع درجات الحرارة”.
وتابع: “إلى أن نفوق الأغنام ليس المشكلة الوحيدة، بل إن قلة التغذية أثرت على جودة اللحوم أيضاً، مما جعل السوق غير قادر على استيعاب الكميات بسبب ضعف الطلب”.
وأضاف الشاهين: “الأعلاف أصبحت عبئاً لا يُحتمل على المربين، سعر كيلو الشعير وصل إلى 4000 ليرة، وهو رقم خيالي بالنسبة لنا، لتوفير التغذية لقطيع صغير، نحتاج إلى مبالغ كبيرة يومياً، فما بالك بالمربين الذين يملكون مئات الأغنام؟ هذا الأمر دفع الكثير من المربين إلى بيع قطعانهم بأسعارٍ زهيدة، فقط لتقليل الخسائر”.
وأوضح بأن ارتفاع أسعار الأعلاف تعود إلى عدة عوامل، منها الجفاف الذي أثر على الإنتاج المحلي، وارتفاع كلفة النقل بسبب الأوضاع الاقتصادية، كما أن السوق أصبح مليئاً بالأغنام التي تُباع بأقل من قيمتها، خاصةً تلك التي تعاني من ضعف في الصحة بسبب نقص التغذية.
انخفاض حركة السوق وتأثيرها على المربين
فيما نوه إلى: “في الأشهر الماضية، كان سوق الأغنام شبه متوقف، الناس لم تعد قادرة على شراء اللحوم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وحتى التجار أصبحوا يترددون في شراء الأغنام بسبب ضعف الطلب، هذا الأمر أدى إلى انخفاضٍ كبير في الأسعار، لدرجة أن بيع الأغنام خسارة للمربين الذين لم يعودوا قادرين على تغطية تكاليف تربيتهم للأغنام، مما دفع الكثير منهم إلى الخروج من هذا النشاط بشكلٍ نهائي”.
تحسّن أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى
ورغم هذه الظروف الصعبة، لفت الشاهين، إلى أن هناك بصيص أمل مع اقتراب عيد الأضحى. وقال: “في الأيام العشرة الأخيرة، بدأنا نلاحظ تحسناً في أسعار الأغنام، خاصةً الخراف المخصصة للذبح في عيد الأضحى، الناس بدأت بالتحضير للعيد والأضاحي، مما أدى إلى زيادة الطلب على اللحوم”.
وأكد “إن هذا التحسّن في الأسعار يقتصر فقط على الخراف التي تُباع كأضاحي، بينما لا يزال السوق يعاني من ركود بالنسبة للأغنام الأخرى، حيث تراجع سعر الأغنام بنسبة ثلاثة أضعاف سعرها في الماضي فالتحسّن في الأسعار مؤقت، وسيعود السوق إلى حالة الركود بعد العيد إذا استمرت الظروف على ما هي عليه”.
فيما تطرق إلى أنه إذا استمر الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، فإن تربية الأغنام ستصبح مستحيلةً، “فنحن بحاجة إلى تدخّلٍ عاجل من الجهات المعنية لدعم المربين، سواءً من خلال توفير الأعلاف بأسعارٍ معقولة أو إيجاد حلول للجفاف، فهذه الأزمة لا تؤثر فقط على المربين، بل على الاقتصاد بشكلٍ عام، حيث تعتبر تربية الأغنام من أهم الأنشطة الاقتصادية في المنطقة، فإذا انهار هذا القطاع، فإن تداعياته ستطال الجميع، وليس فقط المربين”.
ففي الختام بين “حمود الشاهين“ بأن أزمة الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف تهدد قطاع تربية الأغنام في المنطقة، مع تأثيرات كارثية على المربين واقتصاد السوق، ورغم التحسن الطفيف في الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى، يبقى الحل الجذري مرهوناً بتدخّلٍ عاجل من الجهات المعنية لدعم هذا القطاع الحيوي، “فعيد الأضحى أعاد الأمل مؤقتاً، لكننا بحاجة إلى حلول طويلة الأمد لإنقاذ قطاع تربية الأغنام من الانهيار”.