تركت الأرقام التي كشفت عنها مفوضية الانتخابات العراقية، بشأن عدد الأحزاب المسجلة والمشاركة في الانتخابات المقبلة، وراءها جملة تساؤلات، خاصة بعد أن بلغ العدد المئات، الأمر الذي عده مراقبون أنه حالة تنم عن عدم نضج العملية السياسية، رغم مرور أكثر من 20 عاما على التغيير.
ويُنظر إلى تلك الأحزاب أنها جزء من النظام الديمقراطي العراقي، بعد 2003، ورغم كثرة تلك الأحزاب، يبقى السؤال الأهم، ما الذي قدمته حتى الآن، وحسب المراقبين فإن “هذه الأحزاب قدمت مكاسبها على مصالح البلاد السياسية والخدمية”.
وكانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت إغلاق باب تسجيل التحالفات السياسية، وأعلنت أن عدد الأحزاب المجازة بلغ 343 حزبًا، وعدد الأحزاب قيد التأسيس 60 حزبًا، وعدد الأحزاب التي أبدت رغبتها بالمشاركة في الانتخابات 118 حزبًا.
العملية السياسية لم تنضح
وفي السياق، تحدث المحلل السياسي العراقي، قاسم التميمي، لروج نيوز: إن “كثرة الاحزاب والكتل المشاركة بالانتخابات، دليل على أن العملية السياسية لم تنضج بعد، فوجود أكثر من 300 حزب، هو مؤشر على تناقضات صريحة، فكل حزب يمتلك فكراً خاصاً به، وهذا يعني أن الأفكار غير ناضجة، ولم تصل لفكر سياسي يقود العملية السياسية”.
وتابع: “هذه الأمور التي تحدث، تدل على أن هذه الأحزاب لا تبالي بالمشاركين في العملية السياسية، لأن ما يهمها كيفية الوصول الى مكاسب سياسية”. واختتم، قاسم التميمي: “غالبية المواطنين العراقيين، أيضا يتحملون جزءاً من هذه المسؤولية، فهم يتبعون السياسيين ووعودهم الكاذبة، وما زالوا ينتخبون الوجوه ذاتها، التي تتكرر كل مرة”.
من جانبه، قال النائب السابق في البرلمان، محمد سلمان: “كثرة الأحزاب في العراق، تعكس حالة التشظي والانفلات السياسي، ومن هنا أدعو لتعديل قانون الأحزاب في العراق، أسوة بدول العالم، من خلال عدد الأصوات الحاصل عليها الحزب في الانتخابات السابقة، من أجل التسجيل، والمشاركة في الانتخابات”.
وأكدت مفوضية الانتخابات من جانبها، أن القانون الحالي لا يربط عدد الأحزاب بعدد المقاعد البرلمانية، وأن لكل حزب الحق بترشيح عدد من الأفراد يعادل ضعف عدد المقاعد، ما يعني أن كثرة الأحزاب لا تتناقض مع الإطار القانوني، لكنها تثير قلقا سياسيا واسعا.
وفي الصدد، أكد المحلل السياسي، محمود الحسيني: “كثرة الأحزاب ليس مقياسا للديمقراطية، لكنه متعلق بالتنظيم الانتخابي، والسؤال الأهم، ما مدى تأثير هذه الأحزاب المسجلة، هذا ما يجب معرفته اليوم”.
يشار إلى أن العديد من الأحزاب السياسية التقليدية، انقسمت إلى كيانات عدة، بعضها بسبب خلافات داخلية، وأخرى تم تشكيلها من الأحزاب الرئيسية بعد أن بدأت نسبة إقبال المقترعين على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، بالتراجع خلال السنوات الأخيرة، في محاولة من الأحزاب لتقديم واجهات بديلة لها.
وكان مجلس النواب أقر عام 2015 قانون الأحزاب، وهو أول قانون في العراق بعد 2003، وتضمن بنودا تقنن تمويل الأحزاب وموارده وطريقة إنفاقها.
وورد في بنود تمويل الأحزاب، إن “مصادر تمويل كل حزب تشتمل على اشتراكات أعضائه، التبرعات والمنح الداخلية، وعوائد استثمار أمواله وفقا لهذا القانون، والإعانات المالية من الموازنة العامة للدولة بموجب المعايير الواردة في هذا القانون، فعند استلام التبرع، يتم التحقق من هوية المتبرع لتسجل في سجل التبرعات الخاص بالحزب، ويتم نشر قائمة أسماء المتبرعين في جريدة الحزب، يمنع التبرع للحزب بالسلع المادية أو المبالغ النقدية المعدة أصلا لكسب منفعة غير مشروعة للحزب أو للمتبرع، لا يجوز للحزب السياسي أن يتسلم التبرعات من المؤسسات والشركات العامة الممولة ذاتيا، من الشركات التجارية والمصرفية التي يكون جزء من رأسمالها من الدولة”.