روناهي/ الرقة ـ في قاعة “مشوار” بمدينة الرقة، اجتمعت شخصيات نسائية وقيادات مجتمعية، وممثلون عن مؤسسات الإدارة الذاتية، في كونفرانس هو الأول من نوعه على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، تحت شعار “من التنوع تنبثق قوتنا… ومن التشاركية تبنى إدارتنا”، وقد عكس الحضور المختلط جوهر الفعالية، التي هدفت إلى ترسيخ مبدأ الرئاسة المشتركة نموذجاً ديمقراطياً لا يقصي أحداً، بل يضع المشاركة في صلب بناء السلطة.
ونظم كونفرانس الرئاسة المشتركة، في مجلس تجمع نساء زنوبيا في الرقة، ليعيد تسليط الضوء على تجربة الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصةً، فيما يخص نظام “الرئاسة المشتركة” الذي أضحى أحد أبرز أعمدة الحكومة هناك، تجربة لم تأت من فراغ، بل من تراكم فكري واجتماعي مستمد من فلسفة القائد “عبد الله أوجلان”، الذي طرح هذا النموذج بوصفه نقيضاً للذهنية الذكورية السلطوية، التي حكمت العالم آلاف السنين.
أهمية المؤتمر
وخلال تصريح خاص لصحيفتنا “روناهي”، أكدت الرئيسة المشتركة للمفوضية العليا للانتخابات في الإدارة الذاتية “روكن ملا إبراهيم“، أهمية المؤتمر وريادة النموذج، الذي تطبقه الإدارة في شمال وشرق سوريا: “بدايةً نبارك هذا الكونفرانس القيم، ونشكر القائمين على عقده، حيث يعقد هذا الكونفرانس لأول مرة على مستوى إقليم شمال شرق سوريا”.
وتابعت: “لقد طرح نموذج الرئاسة المشتركة من الفيلسوف والقائد الأممي القائد “عبد الله أوجلان” وهو بالطبع يعقد أول مرة على مستوى العالم، وليس فقط سوريا أو الشرق الأوسط.”
وأوضحت روكن: “نُفِّذ هذا النموذج عام 2016 في الإدارة الذاتية بمقاطعات الجزيرة، ومقاطعات كوباني وعفرين آنذاك”، مضيفة: “لنعُدْ إلى التاريخ قليلاً، دائماً ضمن الحكومات أو الدول العالمية كان هناك رجل يحكم المؤسسة، حتى وإن كانت امرأة موجودة فيها، إلا أنها لم تكن تقود بذاتها، بل بذهنية الرجل”.
واستكملت: “يطرح مبدأ التشاركية هو للمرة الأولى ضمن مبادئ الأمة الديمقراطية، ومن أهم نقاطه مبدأ الرئاسة المشتركة الذي طبق في إقليم شمال وشرق سوريا، في الإدارات جميعها، والآن بات معتمداً في بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وهو يهدف إلى إنهاء هيمنة ذهنية الرجل والذهنية السلطوية الذكورية، التي تحكمنا منذ خمسة آلاف سنة”.
وأضافت روكن: “نرى اليوم، ومنذ إعلان الإدارة الذاتية عام 2014، كيف كانت المرأة حاضرة في هياكل ومؤسسات الإدارة، سواء الرئاسة المشتركة أو نائبة أو إدارية، وهناك أيضاً هيئة ومنسقية المرأة، تشارك من خلالها في مواضع صنع القرار”.
وتابعت: “بالإضافة للمؤسسات والمجالس الخاصة بالمرأة على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، التي باتت تضمن أن تكون المرأة في مراكز القرار، فهذا نموذج ديمقراطي ونأمل أن يعمم على سوريا كافة، وعلى الشرق الأوسط عموماً، لأنه حفظ وصان حقوق المرأة رغم التحديات كافة”.
كما أكدت روكن: “اليوم، تأخذ المرأة مناصفة 50% من إدارة المؤسسات والمراكز، ولها وجود في البرلمانات وفي المؤسسات، فما نراه هو أن ثورة المرأة هي ثورة داخل الثورة، التي قامت منذ عشر سنوات، من أجل صون حقوق الشعوب السورية، وفي مقدمتها النساء”.
وأشارت: “فالسوريون يطمحون لبناء سوريا ديمقراطية، تعددية، تحفظ حقوق الجميع، لذا يجب أن يتم تعديل الدستور السوري لضمان وجود فعلي للمرأة، ليس فقط بشكل ورقي”.
واختتمت الرئيسة المشتركة للمفوضية العليا للانتخابات في الإدارة الذاتية “روكن ملا إبراهيم” حديثها: “العمل بذهنية المرأة الحرة يتطلب نضالاً مستمراً، ونحن نناضل منذ أكثر من عشر سنوات، واليوم يجب أن نناضل أكثر لتصبح المرأة الحرة في سوريا الجديدة”.
من فكرة نسوية إلى مشروع سياسي يشارك فيه الجميع
ويعدُّ “كونفرانس الرئاسة المشتركة” الذي نظمه مجلس تجمع نساء زنوبيا في الرقة، أول فعالية رسمية تعقد بهذا الحجم لتسليط الضوء على نموذج تشاركي يضمن عدالة التمثيل بين الرجال والنساء في السلطة، ولم يكن الحضور مقتصراً على النساء، بل شمل الرجال من مختلف المؤسسات، ما أضفى بعداً عملياً لفكرة التشاركية في الحكم.
وتم خلال الكونفرانس استعراض تجربة الرئاسة المشتركة في مؤسسات الإدارة الذاتية، وطرح تحديات التطبيق وآفاق التوسع بها، سواء في بنى الإدارة المحلية أو في الأحزاب والمنظمات المدنية، كما ناقشت الجلسات مداخلات نقدية حول ضرورة تعميق مفاهيم التشاركية لتتجاوز الشكل إلى المضمون.
وجاءت الفعالية في وقت دقيق، حيث تواجه سوريا مشهداً سياسياً معقداً، وغموضاً في المسار الدستوري، ومن هنا برز الكونفرانس دعوة صريحة لتأسيس ديمقراطية نوعية تبنى على المساواة الفعلية لا الصورية.
يذكر، أنه بتاريخ 27 أيار عام 2025، وتحت شعار “من التنوع تنبثق قوتنا… ومن التشاركية تبنى إدارتنا”، عقد كونفرانس “الرئاسة المشتركة” في مجلس تجمع نساء زنوبيا في الرقة، لأول مرة على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا.
إن نموذج الرئاسة المشتركة المطبق في إقليم شمال وشرق سوريا منذ 2016 يعتمد على تمثيل متساو للمرأة والرجل في المناصب القيادية كافة، بما يعكس رؤية الإدارة الذاتية لبنية السلطة، ويربط الحكومة بمبدأ العدالة الاجتماعية.