هيفيدار خالد
تصاعد في الآونة الأخيرة خطاب الكراهية والتحريض الطائفي والعرقي والمناطقي في وسائل الإعلام، وعلى مختلف منصات وتطبيقات الإنترنت، وقد شكّل هذا التصعيد تهديداً للسلم الأهلي في عموم البلاد، وأصبح يشكّل خطراً كبيراً على النسيج الاجتماعي السوري. تشير الحرب الإعلامية الممنهجة إلى وقوف أطراف خارجية خلف إطلاق هذه الشعارات الطائفية والدعوات للعنف، حيث تتجه أصابع الاتهام إلى الاستخبارات التركية، التي باتت حاضرة في مفاصل السلطة الجديدة بدمشق، وتمارس مختلف أساليب الحرب الخاصة ضد السوريين بشكلٍ علني.
ومع انتشار مواقع التواصل الافتراضي وتعدد المنصات الإعلامية التي تتيح للأفراد التعبير عن آرائهم، أصبح خطاب الكراهية أسلوباً شائعاً في الوقت الراهن. وهو خطاب يدعو إلى العنف ويغذّي الكراهية والأحكام المسبقة، معتمداً على التحريض والتمييز والإقصاء. وقد تحوّل إلى وسيلة لتوجيه اتهامات باطلة، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام لغة إعلامية غير مهنية وغير مسؤولة، تُسهم في ضرب مكونات المجتمع السوري بعضها ببعض. فعلى سبيل المثال، تشهد سوريا، ولا تزال، أزمة حقيقية على الصعيدين السياسي والأمني، وبات خطاب الكراهية يشكّل خطراً جدياً يؤثّر سلباً على استقرار البلاد. إذ يسعى هذا الخطاب إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وتأجيج الصراعات، وتعزيز الانقسامات الطائفية والقومية والعنصرية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى أصوات معتدلة وخطاب وطني عقلاني يجمع ولا يفرّق. على العكس مما يحدث اليوم، إذ يدعو الخطاب السائد إلى الانقسام، ويهدّد الشعوب السورية الأصيلة كالمسيحيين والدروز والعلويين والكرد.
تمرّ سوريا حالياً بمرحلة حساسة على جميع الأصعدة، فبعد انهيار النظام البعثي، الذي طالما روّج عبر إعلامه المرئي والمسموع والمكتوب للعداء ضد مناطق شمال وشرق سوريا، وسعى إلى إشعال الفتن الطائفية بين أبناء الشعب، واستمر في اتهام الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا بالانفصال والتعامل مع الولايات المتحدة، نرى اليوم أن السلطة الجديدة في دمشق تسير على النهج ذاته، بل إن خطابها الإعلامي أضحى أشد تطرفاً من خطاب إعلام النظام السابق.
من هنا، يتوجب على السلطة الجديدة في دمشق أن تدعم إعلامها بمبادئ المهنية والموضوعية، لا أن تُشجّع على الخطاب الطائفي، بل أن توظّف الإعلام في خدمة مشروع وطني ديمقراطي تعددي، يعمل على تعزيز اللحمة الوطنية بين مختلف الطوائف والقوميات السورية. عليها أن تدرك أن الحكم بذهنية إقصائية وعنصرية وطائفية ضيقة لن يجلب الاستقرار لسوريا. لا بد من وضع حد لكل المحاولات الرامية إلى تقويض جهود ترسيخ مبدأ الأخوّة والعيش المشترك، وتطوير منصات إعلامية تنطلق من الحوارات الوطنية كأساس لخطابها.
سوريا اليوم لا تحتمل المزيد من الخطابات الطائفية والعنصرية، التي تقف خلفها جهات خارجية لا تريد الخير للشعب السوري، بل تسعى إلى تفكيك نسيجه الاجتماعي. لذلك، فإن مسؤولية التصدي للآلة الإعلامية التي تغذي الطائفية والعنصرية تقع على عاتق الجميع.